جراهام آليسون، كاتب أمريكي تخصص في قضايا الارهاب أصدر كتابا في الاسابيع الماضية تحت عنوان - الإرهاب النووي.. الطامة الكبري - (Atomic Tertorisw.. Ultimate Cotastrophe) والكتاب أثار ومازال ضجة من التعليقات وألقي الكثير من التساؤلات والمخاطر المحيرة التي تشغل البال الأمريكي والعالمي. يقول آليسون في كتابه ان حملة الرئيس الامريكي بوش ضد الارهاب، بما في ذلك حربه علي العراق أضرت كثيرا بمكافحة الارهاب الحقيقي، فلم يكن هناك داع من وجهة نظر الكاتب لانفاق حوالي 144 مليار دولار في حرب ضد بلد لا يمثل خطرا علي المصالح الامريكية وليس لديه اسلحة دمار شامل ورغم انه كان في العراق نظام دكتاتوري قامع الا ان ذلك كان يخص الشعب العراقي وشعوب المنطقة. واكد آليسون في كتابه ايضا ان الادارة الامريكية الحالية لا تملك استراتيجية لمواجهة الارهاب، رغم ان هذه الادارة تزهو بسياستها الخاصة بالحرب الوقائية او حرب الاجهاض والمبادرة باطلاق الرصاص علي مصادر الخطر، ولكن المشكلة مثلما يقول آليسون ان الذي يطلق النار يصوب ولا يعرف تماما اهدافه. ويصل جراهام آليسون الي ان سياسة الادارة الامريكية تجاهلت بل وربما ساعدت علي دفع الارهاب الي تطوير آلياته ووسائله بما في ذلك امكانية الحصول علي اسلحة ذرية واسلحة دمار شامل ويعدد الكتاب لقاءات حدثت بين بعض القيادات الاصولية الارهابية وبعض علماء الذرة، كما ان المعلومات المتوافرة علي الانترنت تكشف الكثير مما كان يعتبر سرا في انتاج الاسلحة النووية. وحدد آليسون عشرين مصدرا لتسريب المعلومات النووية والمواد التي تدخل في تركيبها، والغريب ان من بين هذه المصادر الولاياتالمتحدة نفسها اضافة الي روسيا وايران وباكستان والصرب وكوريا، الامر الذي يجعل الكثيرين يتحسبون لان تقوم الجماعات الارهابية باستخدام وسائل اكثر تخريبا وتدميرا مثل الاسلحة الذرية بعد ان اصبح الحصول عليها سهلا ومتاحا وهي كارثة محتملة وتفرض علي الجميع التكاتف والتعاون من اجل حصار الارهاب ومعالجة جذوره وأسبابه. ان هذا لا يتأتي بالطبع من خلال تجريدات او تحالفات عسكرية تزيد الطين بلة وتوسع من قواعد الارهاب والي المزيد من الاعمال الانتحارية، ولكنه ممكن فقط عن طريق تعاون دولي حقيقي من خلال المؤتمرات الدولية لمناقشة هذه الظاهرة واسبابها ودوافعها ومواجهتها بشكل عملي من خلال ايجاد حلول عادلة للبؤر الساخنة في العالم. إن النمط الارهابي الذي افرزته حقبة الحرب الباردة ممثلا في شخصية مثل كارلوس او حتي المجموعات الارهابية التي ظهرت في السبعينيات من القرن الماضي مثل الجيش الاحمر الياباني وجماعات بادرباتهون الالمانية والالوية الحمراء الايطالية كانت كلها ترفع شعارات ايديولوجية. ولسنا بالطبع بصدد الدخول في مقارنة بين أساليب الارهاب الذي حاول ان تيستر تحت دعاوي ورايات سياسية وايديولوجية واساليب الارهاب الاصولي او الموجة الثانية من الارهاب الحديث القائم علي اسس عرقية ودينية او حتي الارهاب المافيوزي الذي يقتل ويدمر أيضا سعيا للكسب والسيطرة وخدمة لاغراض بعض الدول الكبري. الاهم من ذلك كله ان العالم لم يكد يشرع من الاشكال الارهابية والصبيانية القديمة مثل خطف الطائرات واحتجار الرهائن والتي كان يمثلها التلميذ كارلوس ومدرسته الايديولوجية حتي خرجت تلك الاشكال الجديدة والخطرة والتي تتخذ من العرق والدين والجذور الاثنية والقبلية مبررا للارهاب ومنها علي سبيل المثال حركة التآميل في سريلانكا والباسك في اسبانيا والنازيين الجدد في المانيا ورجال التطهير العرقي في الصرب وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه بن لادن. واليوم يبدو في الافق مخاطر موجة ارهابية اخري تعتبر وبكل المعايير اقسي واخطر من كل الاشكال الارهابية السابقة ومع زيادة الاحتقان الدولي وسياسة اشعال النيران والحروب التي اعتمدتها الادارة الامريكية الحالية تبدو هناك موجة ثالثة من الارهاب وهي الارهاب النووي. والارهاب النووي كما يذهب اليه خبراء السياسة الدولية في عالم اليوم يأخذ شكلين اساسيين الاول يتمثل في انفراد عدد محدود من الدول بتملك ترسانة نووية الامر الذي يجعلها في موقف متميز وقوي يمكنها من فرض ارادتها ومشيئتها علي مجموعة او مجموعات من الدول غير المالكة. اما الشكل الثاني والاخطر فانه يتمثل في السوق السوداء لاسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الذرة ودخول العصابات المنظمة والجماعات الارهابية هذا السوق وقد ضبط البوليس الالماني مؤخرا بعض المواد المهربة مثل الماء الثقيل واليورانيوم المخصب والتي تدخل في تركيب الاسلحة النووية كما تؤكد شواهد كثيرة ان الجماعات الارهابية الدولية حريصة علي الحصول علي تلك الاسلحة الامر الذي اثار ولابد ان يثير الفزع والقلق الحقيقي.