تسود حالة من الاستياء والاحتجاج في اوساط الوزارات ذات العلاقة بالموضوع الفلسطيني، وكذلك في اوساط الاجهزة الأمنية ووزارة الدفاع، وذلك بسبب سماح اسرائيل لاشتراك حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. ويقولون إن ذلك الخطأ مكن حماس من المشاركة في اللعبة الديمقراطية دون أن تلتزم سلفا بمواقف وشروط مسبقة. غير أنه كان يتوجب خوض الصراع مع حماس حول الشروط قبل الانتخابات، فاسرائيل لم تكن تستطيع منع اجراء الانتخابات في قطاع غزة والتي أعلنت بأنها ستنسحب منها. فكان يتوجب علي اسرائيل مطالبة الفلسطينيين تنفيذ الاتفاق المرحلي والذي نص بوضوح علي تحديد الاشخاص والاحزاب التي لا يحق لها المشاركة في الانتخابات. بعض الشخصيات الفلسطينية تقول الان إن اسرائيل هي التي اخطأت بالموافقة علي مشاركة حماس في الانتخابات. فقد حاول عباس مرة بعد اخري تأجيل الانتخابات، ولكنه رغب في ان تقوم اسرائيل بالمهمة بدلا عنه، وذلك لكي يتهمها بذلك فيما بعد، وحين رفضت اسرائيل ذلك فانها وقعت في الفخ الشخصي. يواصلون في اسرائيل اتهام عباس بانه السبب في فوز حماس، ولكن اسرائيل اسهمت في ذلك، فانها حين ارادت بأن تعود فتح للسلطة فانها لم تعطها الا المساعدة اليسيرة جدا. فوز حماس تسبب في بروز ظاهرة اخري: انتقادات اسرائيلية شديدة علي الادارة الامريكية وهذا علي لسان مصادر اسرائيلية رفيعة المستوي، من الذين يتحدثون بشرط عدم ذكر الاسماء. وهكذا، تجد الانتقادات أيضا لدي جهات مهنية علي غرار قادة الاستخبارات. فهم يتحدثون بغضب عن الالغاء الذاتي امام الامريكان الذين تحدثوا معهم وخاطبوهم بطريقة الاملاء واصدار التعليمات . ففي الاتصالات التي جرت، تحدث المندوبون الامريكيون بوضوح عن ان توجيهات الرئيس بوش هي ان من يريد الاشتراك في الانتخابات (الفلسطينية) الديمقراطية فانه يستطيع ذلك وان هذه تعليمات لا بد من تنفيذها . ويقولون الان، ليت اسرائيل عارضت هذه المطالب ورفضت هذه ال نصيحة الامريكية. والانتقادات التي تصدر في اسرائيل موجهة كذلك ضد عدم الفهم السياسي لطبيعة المواقف الامريكية النابعة من سياستها فيما يسمونه ب العالم العربي . فمن خلال المسيرة الديمقراطية التي سمح بسببها لحماس بالمشاركة في الانتخابات فان الولاياتالمتحدة عرضت الاردن للخطر، حيث تعيش اغلبية فلسطينية ومجموعة كبيرة وقوية من الاسلاميين. والضغط الامريكي علي الرئيس المصري حسني مبارك لاجراء انتخابات حرة في بلاده كان سببا في احداث تغييرات مهمة في تركيبة البرلمان المصري. فقد لاحظ الرئيس مبارك تعاظم قوة الاخوان المسلمين في الجولتين الاولي والثانية في الانتخابات، ولذلك اتخذ خطوات تشويش علي الانتخابات في الجولة الثالثة والاخيرة. وبالرغم من ذلك، فان الاخوان المسلمين استولوا علي 19.8 في المائة من مقاعد مجلس الشعب المصري بدلا من 3.8 في المائة في الانتخابات السابقة سنة 2000 وهذا سيكون برلمانا معاديا لاسرائيل وضد السلام معها. ان الخطأ الذي وقع قبل اجراء الانتخابات في السلطة، وكذلك استمرار الانتقادات الموجهة للادارة الامريكية ليست أكثر من حليب مسكوب علي الارض. والان، فليس أمامنا الا التقليل، قدر الامكان من هذا الضرر وفحص الامكانيات التي لا زالت متاحة. كما أن واشنطن ليست مسرورة من فوز حماس وانها تريد تغيير الاوضاع علي الرغم من حقيقة أنها الاوضاع نجمت عن اجراء انتخابات ديمقراطية.