كأن نقطة اندلاع نيران هذه الحرب الأخيرة الشرارة التي اطلقها الاختراق عالي الكفاءة دقيق التنفيذ لجدار الأمن القومي للولايات المتحدةالأمريكية يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001م ففي الصباح الباكر من ذلك اليوم حلقت طائرات ركاب عادية من ممرات مطارات محلية في رحلات داخلية، وبدلا عن اتباعها لخط سيرها المعتاد تحولت عنه تحت سمع وبصر مراكز المراقبة، وتوجهت للاصطدام بأبدانها وما تحمله من وقود لتتحول الي صواريخ هدمت برجي مركز التجارة العالمي في نيوريورك، وضلعا من بنتاجون وزارة الدفاع الأمريكي في واشنطن كأنه اختيار مقصود لرموز سيطرة القوة المالية والعسكرية. بعدها وقف الرئيس الامريكي بوش ليعلن توجيه الاتهام لتنظيم القاعدة وزعيمه السعودي أسامة بن لادن بتخطيط الهجوم والقيام بتنفيذه داخل الولاياتالمتحدة ولأول مرة في تاريخها وأعلن الجهاد الديني أو الحرب العالمية الصليبية ضد الارهاب الاسلامي في كل مكان من العالم: لتقوم قوي "الخير" بتدمير قوي "الشروبعد الهجوم وقف الرئيس الامريكي امام الكونجرس ليعلن استراتيجية جديدة للامن القومي الامريكي ومنها ما نصه: "أنه انطلاقا من مبدأ الدفاع عن النفس، فإن واشنطن ستتعامل مع التهديدات التي تواجهها قبل أن تتشكل ومنها أيضا: "أن مواجهة الإرهاب تشكل المحور الرئيسي للسياسة الأمنية الأمريكية، وهو ما يعني التحول من سياسة الردع والاحتواء أو الترهيب والترغيب التي ميزت حقبة الحرب الباردة، الي سياسة منع الارهابية الراديكاليين من الحصول علي اسلحة الدمار الشامل، حيث يتم عند الضرورة توجيه ضربات استبقاية اجهاضية لتحقيق هذا الهدف". الغزوة الأولي وبدأ تنفيذ استراتيجية الهجوم علي المسلمين الإرهابيين بالغزوة الاولي علي افغانستان بهدف معلن هو اسقاط حكومة طالبان المتطرفة، التي تقدم المأوي لأعضاء تنظيم "القاعدة" الاسلامي، وهو صنيعة للمخابرات المركزية الأمريكية يرفع شعار الجهاد لتجنيد المجاهدين العرب للتضحية بهم في تحرير افغانستان وابعاد جيوش الاتحاد السوفيتي عن منطقة "القلب" الكبير. وكان قيام هذا التنظيم بدعم مالي سعودي، وتدريب باكستاني، وعتاد وسلاح امريكي، وبهذه الغزوة حققت الولاياتالمتحدة الاهداف الاستراتيجية التالية: 1 السيطرة العسكرية علي كتف جبال الهيمالايا ذات الموقع الاستراتيجي النادر فوق آسيا، وفي ظهر الهند والصين وروسيا وايران. 2 السيطرة السياسية علي افغانستان كنقطة ارتكاز بتعيين رئيس جمهورية وحكومة ومجلس نواب مواليين من خلال انتخابات ديمقراطية تحت الاحتلال بالمخالفة للقانون الدولي وتزعم انها شرعية. 3 توقيع عقود مع شركات أمريكية لتنفيذ مشروعات مد خطوط أنابيب لنقل بترول وغاز المنطقة عبر الاراضي الافغانية. 4 أخيرا.. لم يتحقق الهدف المعلن للغزوة وهو القضاء علي زعيم تنظيم القاعدة، ومازال ومعاونوه طلقاء يسجلون شرائط الفيديو، ويبعثون بها إلي الفضائيات لبث صور "الارهابيين المسلمين" عبر الاقمار الصناعية بذقونهم المميزة يهددون عالم "الخير" بالخراب والدمار وبذلك يستمر بقاء قوات الاحتلال لتستمر الحرب ضد "الشر" الاسلامي حول العالم".