تخيل مدي الصخب والاضطراب الذي قد يحدث اذا علم الجمهور الأمريكي فجأة العدد الحقيقي للجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في العراق وذلك لأن العدد الحقيقي يزيد بنحو 66% عما نشر في الصحف ووسائل الاعلام في الحقيقة، هذا الاختلاف يوجد بين ما يتم نشره علي المستوي العام والخسارة الحقيقية في الأرواح في العراق، ولكن التناقض يتركز حول عدد الصحفيين الذين تم الإبلاغ عن وفاتهم في العراق، حيث تعد حرب العراق اكثر الحروب دموية بالنسبة لموظفي المؤسسات الاخبارية علي مستوي العالم والقليل من الأشخاص، حتي بين الصحفيين، من يعلم حقيقة عدد موظفي المؤسسات الاخبارية الذين دفعوا حياتهم ثمنا للوصول الي الحقيقة في العراق منذ بدء الصراع والغزو تحت قيادة الولاياتالمتحدة عام 2003. وعقب اصابة بوب وودورف الصحفي الشهير التابع لشبكة ايه بي سي الاخبارية وزميله المصور في العراق، نقلت العديد من التقارير الاخبارية عن اللجنة المسئولة عن حماية الصحفيين قولها : إن عدد الصحفيين الذين لقوا حتفهم في العراق بلغ 61 صحفيا وللأسف فإن الرقم الذي ذكرته لجنة حماية الصحفيين هو الرقم الأكثر انتشارا والأكثر ذكرا عن وفيات الصحفيين في العراق ولكن سجلات لجنة حماية الصحفيين التي ذكرت العدد 61 صحفيا هي سجلات منقوصة ومساء فهمها لأنها تستثني العشرات من الصحفيين وموظفي المؤسسات الصحفية أو وسائل الاعلام المساعدة الذين لقوا حتفهم اثناء ادائهم لمهامهم في العراق . والحصيلة الحقيقية للوفيات بين موظفي المؤسسات الصحفية في العراق هو 101 ، أي انه اعلي بنسبة 66% من حصيلة لجنة حماية الصحفيين، وكما أشرنا في هذه الحصيلة التي يندر ذكرها فإن هذا هو بالفعل الرقم الحقيقي للصحفيين الذين قتلوا في العراق، حسب إحصائيات المعهد الدولي لحماية الاخبار وكما نعترف، ونحزن ونحيي هؤلاء الصحفيين الذين ذكرتهم لجنة حماية الصحفيين فعلينا أن نعترف ونحزن ونحيي أيضا أولئك الصحفيين الأربعين الآخرين وموظفي المؤسسات الصحفية الذين لقوا حتفهم في العراق اثناء اداء مهامهم وقبل أن أفسر هذا الاختلاف في حصيلة الوفيات، دعوني اوضح كيف يتتبع البنتاجون مسار الوفيات للقوات الأمريكية من النساء والرجال في العراق يقوم الجيش الأمريكي بالاعلان عن كل الوفيات في صفوف جنوده في العراق، الذين بلغ عددهم حتي 31 يناير الماضي 2243 جنديا والعدد بالكامل تتناقله كل الوسائل الاخبارية وتضم هذه الحصيلة 1759 متوفيا نتيجة العمليات المعادية بينما يرجع سبب وفاة 484 منهم إلي أعمال غير معادية مثل الحوادث والاعتلال الصحي. هذا ويقوم البنتاجون بحصر كل الوفيات، الي جانب تقارير الوسائل الاخبارية، بغض النظر عن سبب الوفاة أو دور الجندي الذي توفي ولجنة حماية الصحفيين التي تؤدي دورا بارزا نيابة عن الصحفيين علي مستوي العالم، تقوم من جانبها بحصر الوفيات في مجال مهنة الصحافة علي مستوي العالم وتشمل حصيلة الوفيات التي أقرتها وبلغت 61 صحفيا كل الصحفيين المقيدين بالكامل فقط الذين لقوا حتفهم في عمليات معادية، مستثنية بذلك مقتل موظفي المؤسسات الصحفية الذين ليسوا صحفيين وكل الوفيات نتيجة الحوادث والمشكلات الصحية ولكن كما هو معروف عن الصحفيين في العراق، فإن موظفي الاعلام مثل المترجمين والسائقين هم اعضاء حيويون ويؤدون دورا لايقل اهمية عن غيرهم من الصحفيين أو فرق جمع المعلومات الاخبارية، حيث يواجهون نفس المخاطر التي يواجهها الصحفيون ويدفعون ثمنا باهظا للقيام بمهامهم والذي وجه انتباهنا الي هذه القضية حين تم اختطاف جيل كارول، مراسلة صحيفة كريستيان ساينس مونيتور وتم قتل مرشدها والمترجم المرافق لها، وهذه العملية لم يتم ذكرها ضمن عدد الوفيات التي ذكرتها لجنة حماية الصحفيين . وفي العراق، كما لم يحدث من قبل في أي حرب سبقتها، هناك اختلاف بين الصحفي وموظف الاعلام وذلك لأن موظفي الاعلام العراقيين هم في الأصل صحفيون، يعملون بمثابة العيون والآذان للمراسلين الأجانب، الذين يمتنعون بسبب الخطر الداهم الذي يواجهونه عن التواجد بين الجماهير العراقيين وعقب مقتل العديد من رجال الاعلام عام 2004، بدأت لجنة حماية الصحفيين في وضع احصائية منفصلة للوفيات التي تنجم عن اعمال معادية في صفوف رجال الاعلام وبلغ العدد 23 شخصا، بما وصل بالحصيلة الاجمالية الي 84 شخصا. ومن الواضح انه اذا توفي أحد الجنود الأمريكيين في العراق بهذه الطريقة، أو اذا قتل احد الجنود وكان مترجما أو سائق شاحنة، فسوف يدرج في حصيلة وفيات البنتاجون ولكنه لايدرج في حصيلة وفيات لجنة حماية الصحفيين ولهذا لابد من ذكر كل الوفيات التي حدثت في العراق، بغض النظر عن كونهم من الصحفيين الأساسيين أو من رجال الاعلام المساعدين حتي يتبين للجميع حقيقة الأمر.