خصّصت صحيفة ال "اندبندنت" كغيرها من زميلاتها صفحات كاملة لتغطية الانتخابات وأبعاد نتائجها. وكتب دونالد ماسينتاير مقالا بعنوان "حماس تحقق فوزا ساحقا ولكن ماذا يحدث الآن؟"، حلّل فيه الأسباب التي أدت إلي فوز "حماس" معتبرا أن الناخبين الفلسطينيين لم يصوّتوا دعما لسياسات "حماس" بل رفضا لفساد وعدم فعالية "فتح" وسوء إدارة السلطة الفلسطينية للمساعدات التي يمنحها المجتمع الدولي لغزة وللضفة الغربية. وإضافة إلي ما سبق، اعتبر ماسينتاير أن عوامل خارجية أيضا ساهمت في فوز "حماس" حيث إن إسرائيل والمجتمع الدولي تخلوا عن الرئيس محمود عباس. إلا أن الصحفي يري أن المعضلة التي تواجهها "حماس" اليوم هي "كيف ستتعاطي مع مسئولياتها السياسية. أما بالنسبة للغرب، فالمعضلة هي في كيفية تطبيقه لتهديداته بقطع المساعدات عن السلطة وهو ما قد يساهم في زعزعة المنطقة أكثر فأكثر". غير أن "أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث بحسب مراسل ال "اندبندنت" في غزة، هو لجوء "حماس" إلي ايران لطلب المساعدة بعد أن التقي الرئيس أحمدي نجاد قائد "حماس" خالد مشعل الأسبوع الماضي في دمشق". وفي المقال الافتتاحي لل "اندبندنت" والذي جاء بعنوان "هذا صوت الشعب الفلسطيني"، اعتبرت الصحيفة أن فوز "حماس" يفتح "حقبة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط". وشدد المقال علي أن "لا أحد يمكنه التشكيك في شرعية انتصار حماس". ويطرح المقال ايضا أسئلة كثيرة متعلقة بمستقبل عملية السلام: "هل ستُعدّل "حماس" ميثاقها التأسيسي وتعترف بحق إسرائيل في الوجود؟ هل ستتخلي عن سياسة الهجمات الانتحارية؟ أو أنها ستقود شعبها نحو العزلة؟" ويردّ المقال نفسه علي هذه الأسئلة معتبرا أن الإجابات مؤجلة حتي تستقر "حماس" في الحكومة وإلي ما بعد الانتخابات الإسرائيلية في مارس المقبل. أما الطريقة المثلي للتعامل مع "الواقع الجديد فهي بتشجيع الاستقرار في المرحلة الحالية"، بحسب ال "اندبندنت". فضل بوش من ناحيته، كتب محرّر الشئون الدبلوماسية في صحيفة ال"تايمز" ريتشارد بيستون مقالا بعنوان: "لمَ يجب علي المنتصرين أن يشكروا المساعدة الأمريكية؟" وقال بيستون إن علي "حماس أن تفكر بالرئيس جورج بوش أو ربما تصلي من أجله عندما تحلّل أسباب فوزها بالانتخابات. فقد ساهم الرئيس الأمريكي أكثر من أي شخص آخر في جعل الإسلام السياسي حقيقة في الشرق الأوسط". واعتبر بيستون أنه "بفضل الجهود الأمريكية تشهد مجموعات كانت مهمّشة في السابق صعودا بارزا من نهر النيل إلي دجلة وما بعدهما. فقد كانت الاستراتيجية المعتمدة بعد أحداث 9/11 تهدف إلي تشجيع قيام حكومات علمانية، معتدلة وموالية للغرب، غير أنها لاقت فشلا ذريعا أدي إلي نشوء نوع جديد من الديمقراطيات الاسلامية". ويذكر بيستون أمثلة عديدة بدءا بتركيا ثم العراق ومصر وحتي لبنان ليختم بالقول:"الآن يستطيع زعماء حماس أن يرتاحوا بعد أن تأكدوا من انضمامهم إلي النادي الواسع". احترام الخيار في المقابل، كتب جوناثن ستيل مقالا في ال "جارديان" دعا فيه إلي "احترام الخيار الديمقراطي للفلسطينيين" معتبرا أن "انتخابات يوم الأربعاء لا تدين بشيء لواشنطن ولجهودها لنشر الديمقراطية في العالم العربي ولكنها تشكّل دليلا علي أن المجتمع المدني نابض في فلسطين أكثر من أي مكان آخر في المنطقة وأن للسياسة الفلسطينية محرّكاتها الخاصة التي لا تخضع فقط للضغوط الخارجية إنما أيضا للمطالب الاجتماعية والاقتصادية للناس العاديين". ويصف ستيل استراتيجية أحد قادة "حماس" محمود زهار الذي سبق له والتقاه العام الماضي، بأنها "تقوم علي تخفيف المواجهة مع إسرائيل لمدة طويلة تمكّن المجتمع الفلسطيني من بناء معني جديد للوحدة ومن إنعاش قوته المعنوية الداخلية وتنظيف مؤسساته". وانتقد ستيل أي رد فعل أوروبي قد يقطع المساعدات عن الفلسطينيين معتبرا أن ذلك قد يشكّل "هدية للمتشددين الاسرائيليين بينما الأولوية الآن هي للاستمرارية وللاستقرار. واعتبر ستيل أنه "من الممكن أن تتخلّي "حماس" عن سلاحها وأن تعترف بإسرائيل. غير أن ذلك سيكون المرحلة الأخيرة في العملية السلمية وليس الأولي. فالأولوية اليوم هي للإقرار بأن الفلسطينيين عبّروا عن رأيهم بحرية. وهم يستحقون الدعم والاحترام". امتحان السلطة من ناحيتها رأت صحيفة "الديلي تلغراف" في افتتاحيتها انه علي "الغرب وحماس أن يتكلما مع بعضهما البعض" معتبرة أنه يجب عدم تكرار خطأ عام 1991 عندما فازت "جبهة الإنقاذ" بالانتخابات الجزائرية وتدخّل العسكر لإلغاء النتيجة في خطوة قادت البلاد إلي "حرب قذرة". وجاء في افتتاحية الصحيفة أنه "في العالم العربي، تعطي الديمقراطية المتشددين منبرا لا يمكنهم أن يحلموا به في ظل حكم الديكتاتوريات. الغرب هو الذي دعم هذا الاتجاه وعليه اليوم أن يتعامل مع نتائجه". ورأت ال "ديلي تلغراف" إن الفرصة اليوم كبيرة لامتحان قدرة الحركات المتشددة علي تحمّل مسئولية السلطة. تغير ايديولوجي في السياق ذاته، نشرت صحيفة ال"فايننشال تايمز" مقالا لرولا خلف ووليم واليس تحدثا فيه عن تغير الخارطة السياسية للشرق الأوسط وسط صعود الإسلاميين. ورأي الصحفيان أن " الاسلاميين كانوا الأكثر قدرة علي استثمار الاستياء الشعبي من الحكومات الحالية لصالحهم سيما وأنهم عرفوا كيف يستغلون كل انفتاح ديمقراطي في السابق". وتوقف واليس وخلف عند صعود التيارات الإسلامية في مختلف الدول العربية في الفترة الأخيرة كما حصل في مصر أو في السعودية وحتي في العراق ليقولا: "بمواجهة هذه العواقب بدأ بعض المثقفين الليبراليين وبعض الحكومات العربية في مناقشة ضرورة أن تعيد الولاياتالمتحدة التفكير بخططها للديمقراطية في العالم العربي". تجدر الإشارة أخيرا إلي أن الشأن الفلسطيني شغل الصحف بشكل شبه حصري فغابت شئون الشرق الأوسط الأخري. كما تبارت معظم الصحف فيما بينها علي تجسيد "الصدمة الفلسطينية" كاريكاتوريا لتصوّر علي سبيل المثال، الزعيم الروحي ل "حماس" الشيخ ياسين الذي اغتالته إسرائيل عام 2004، مخترقا قلب العلم الإسرائيلي علي ظهر قنبلة (الجارديان) أو مارد الديمقراطية يخرج من فانوس الرئيس بوش حاملا علي يديه أحد نشطاء