تأكيدًا لمبدأ المساواة وسيادة القانون ونبذ جميع أشكال التمييز بين المواطنين واستعادة دولة القانون وتحرير المواطن ليستعيد حقوقه الكاملة، جاء مؤتمر الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" بأسم دولة لكل المصريين الذي عقد علي مدار اليومين الماضيين والذي شاركت فيه جميع اقوي السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية لوضع أسس وآليات تحقيق مبدأ المواطنة كأساس أول لاقامة الديمقراطية. وأكد المشاركون في وقائع المؤتمر علي ضرورة تحرير الوطن أولاً من سياسة انتهاك القانون وتحطيم اللوائح والأعراف وأن الازمة الحالية لا تقبل ديمقراطية تغيير الأشخاص أو شكل الحكم فقط بل تتطلب التغيير الشامل الذي يحتوي نموذجا لتعايش جميع المصريين دون تمييز أو تفرقة سواء علي أساس دين أو جنس أو لون أو انتماء سياسي. وغلب علي المؤتمر الذي تزامن مع وقائع متعددة من الانتهاكات ضد المواطنين وفئات كثيرة من المجتمع علي أساس ديني أو سياسي او عرقي الشهادات الحية التي عبر اصحابها عن وجود سياسة منهجية في انتهاك حقوق المواطنة وأن هذه السياسة شملت جميع طوائف وفئات المعارضة وعلي رأسها الحركات التي تنادي بالتغيير واقامة الديمقراطية. وكانت أكثر الشهادات التي لاقت استعطاف وتضامن الحضور حالتي ضحايا حريق مسرح قصر ثقافة بني سويف وتزوير نتائج الانتخابات لمرشحي البرلمان من جماعة الاخوان والجبهة الوطنية من أجل التغيير، بينما حملت كلمات المشاركين إدانة صريحة لقرار النائب العام بحفظ التحقيق في وقائع الانتهاكات الواسعة ضد النساء يوم الخامس والعشرين من مايو الماضي وهو يوم الاستفتاء علي تعديل المادة "76" من الدستور. وأكد ان الانتخابات الأخيرة كشفت عن هشاشة وضعف الدولة وغياب السياسة وحرمان المصريين تماما من حق المواطنة والمشاركة وانتهت إلي تشتت المواطن بين جماعات البيزنس وجماعات الرعاية الدينية وانتهي دور الدولة كاطار جامع لكل المصريين وانقسام الدولة بين دولة المصريين ودولة الكنيسة وتجلي ذلك في اوضح صورة في قضية وفاء قسطنطين. وكشف عن أن هذا الوضع تم اختلاقه لتفرقة الجماعة المصرية وكسر تماسكها وانتهي باحتقان طائفي ينذر بانفجار طائفي في ظل احتقان اجتماعي وسياسي وهذا بدوره يؤدي لتداخل الانفجار الطائفي مع الانفجار المجتمعي مما يهدد وحدة المجتمع المصري، معتبرا أن التقدم للديمقراطية لا يعني حلاً للمشكلة المصرية ولكن المطلوب التغيير الشامل بما يتضمنه من حماية حقوق المواطنة وذلك وفقا لعدة شروط اولها اولوية الفعل والذي نجحت فيه "كفاية" بانتزاعها حق التظاهر وابداء الرأي والاعلان عن عدم الاعتراف بلجنة شئون الأحزاب ليكون حماية حقوق المواطنة عملاً وليس قولاً. وثانيها تكثيف فكرة الوطن الذي نعيش فيه، معلنًا عدم رفضه لجماعة الاخوان في التحول لحزب سياسي مدني ولكنه أكد عدم ثقته في أن يكون الاخوان المسلمين الضمان لأمن الوطن مستقبلاً ولكن القوة أو الكتلة الثالثة التي اقترحتها "كفاية" هي الضمان لفكرة جامعة لانخراط جميع المواطنين والقوي السياسية. وثالثا أن تكون فكرة الهوية الجامعة للوطن هي الفكرة الأساسية لضمان حق المواطنة ولاستعادة حق الهجرة إلي الوطن. واعتبر دكتور عبد الحليم قنديل المتحدث باسم حركة كفاية أن هذه التصرفات تعد انتهاكا لأبسط قواعد وحقوق المواطنة مع التأكيد علي أن ما حدث من تصرفات امنية حكومية ضد اللاجئين السودانيين في ميدان مصطفي محمود يعد عارًا لكل المصريين ويتطلب اعتذارا رسميا وشعبيا من كل المصريين للاخوة السودانيين. وأوضح قنديل أن كفاية ارادت بمؤتمرها أن تخرج من نطاق المواطنة الضيق الذي يحصر مبدأ المواطنة في العلاقات بين المسلمين والأقباط إلي معناها الواسع والأشمل لفكرة التغيير السياسي والانتقال من دولة الدعاة إلي دولة المواطنين، وان ما تتعرض له مصر الآن من أزمة هو الثمرة المرة لما انتهي إليه وإهدار مشروع النهضة المصرية الحلقة الناصرية تلك الحلقة التي يراها كانت مؤهلة لقيادة مصر نحو النهضة والبناء الشاملة. ومن جانبه أكد جورج اسحاق المنسق العام لحركة "كفاية" ان اخطر ما يواجه الشعب المصري الآن هو سيادة ثقافة التمايز ذاتها والتي تعطي الممارسات والانتهاكات ضد المواطنين قدرا من الشرعية والقبول الاجتماعي رغم مخالفتها للقانون الذي يتم غض الطرف عن تجاوزه ومخالفته نتيجة تراجع الانتماء العام والمشترك وهو الوطن لصالح الانتماء الأضيق للدين أو القبيلة او العرق. وان الوطن يعيش محنة شديدة تستدعي الجميع تقديم ما يملك من فكر وجهد سعيا لانقاذه من ازمته وبعد تفشي الفساد والتمييز وأن المهمة الأولي حسب تأكيد اسحاق هي استعادة دولة القانون القائمة علي المواطنة كأحد المحاور الأساسية لبناء الدولة الحديثة وركيزتها الأساسية لبناء مجتمع العدالة والحرية والحق لتوفير مناخ النهضة والتقدم. وأوضح اسحاق ان ابرز التغيرات المصاحبة والمؤثرة بشكل مباشر علي قضية المواطنة هي الانسحاب التدريجي للدولة من مجال الخدمات الأساسية وغياب مشاركة المواطنين السياسية من صنع واتخاذ القرار وبروز مشكلة مرتبطة بحرية التفكير والابداع وعدم تمتع المرأة بحقوقها كاملة مع استمرار الصراع الدامي بين النظام السياسي وتيارات العنف الديني مع استمرار العمل بقانون الطواريء واتساع حملات الاعتقالات والمحاكمات العسكرية والتعذيب وانتهاك حرمات الجسد في ابشع صورها، وتلك الانتهاكات لا يوجد لها ما يقننها من تشريعات وقوانين بشكل واضح. وذكر دكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في حديثه حول المواطنة بين التفريغ والتمييز واعادة البناء، أن حرية الوطن هي حفظ أمنه واستقلاله وسيادته وتأمين حرية القرار والحفاظ علي حرية المواطنين وأن حرية الوطن لا تأتي إلا باستعادة المواطن لحقوقه كاملة وبناء المواطن الحر الذي يدافع عن وطنه الحر. واضاف سعيد أن الضمان الحقيقي لاسترداد المواطنة لن يكون ممكنا في الأمد المنظور إلا باستعادة حيوية الحركة الوطنية واستعادة شعار الدولة المدنية الديمقراطية لأن النضال من أجل التحول الديمقراطي يشكل الضمانة الأساسية لاسترداد المواطنة واستئناف مشروع التقدم والنهضة وتأكيد التلازم بين الوطنية المصرية والحركة الديمقراطية ومشروع النهضة وبناء دولة الحق والقانون بما يتطلبه ذلك من حل مئات الاشكاليات والمفارقات الصعبة في التطور الوطني. وركز دكتور محمد السعيد ادريس في حديثه حول المواطنة بين الخارج والداخل أن ثقافة الموطنة هي أساس تشكيل المواطنة وتقترن المواطنة بحق المشاركة بمفهومها العام في كل ما يتعلق بالوطن، وأن هناك ثلاثة اساسيات للمواطنة هي الانتماء للوطن والمشاركة والمساواة، فالوعي بالمواطنة نقطة البدء الأساسية في تشكيل نظرة الانسان إلي نفسه وإلي بلاده وإلي شركائه في صفة المواطنة. واضاف أن هذه المرتكزات والأساسيات ترتبط بمناقشة قضية المواطنة بين الداخل والخارج فكما هناك حرمان وتعد علي حقوق المواطنة في الداخلة ضد المواطنين يوجد هناك تعد علي حقوق المواطنين المصريين في الخارج ويتم حرمانهم من كثير من الحقوق.