فراشة.. إن قدمت شخصية الفتاة الرومانسية تهيم بها عشقا.. وإن تقمصت دور الفتاة البسيطة التي تبحث عن الأمان تبادلها، علي الفور، نفس الإحساس، وإن رأيتها تقترب من شخصية بنت البلد يبهرك أداءها.. هي: حناك ترك، التي نضجت ونجحت في اختيار أدوارها الأخيرة بذكاء شديد ووعي يؤكد هذا النضج، فمن مغامرتها في "دنيا" إلي تجربتها في "منتهي اللذة" يتأكد الفارق الكبير بين البدايات في "رغبة متوحشة" وما وصلت إليه. ما الذي دفعك لقبول بطولة فيلم "منتهي اللذة"؟ وماذا كان إحساسك عند قراءة السيناريو لأول مرة؟ أحسست بمشاعر قلق مخيفة، لكون شخصية "حنان" في الفيلم ليست سوية وشعرت أن الجمهور لن يحبها، لكنني عاودت قراءة السيناريو مرة أخري بنظرة مختلفة فوجدت فيه اختلافا كثيرا فالشخصية مركبة، وفيها "شغل كتير" وهذه النوعية من الشخصيات أحب تقديمها، لأنها تضيف الكثير إلي الممثل، ومن ناحيتي حاولت أيضا الإضافة لها، وأتصور أنني نجحت في هذا، أما عن موافقتي الفورية علي بطولة الفيلم، فكانت لأنني عشقت الشخصية بعد أن تخيلتها وهي تتحرك أمامي، وعدم وجود البطل الذي له تجارب سينمائية قبل هذا شيء لا يعيب يوري مرقدي الذي يمثل للسينما لأول مرة، وكان لدي يقين أنه سينجح في خوض التجربة، وأنه سيصبح مطلوبا كممثل بعد هذا الفيلم، مثلما كنت متأكدة من إمكانات المخرجة منال الصيفي، لأنها من نفس مدرستي "مدرسة يوسف شاهين"، وكنت قد التقيت "يوري" منذ أربع سنوات في لبنان، وقلت له سوف نقدم فيلما معا، فقال لي: يا ريت ومرت السنوات وحينما تحققت الفرصة سعدت كثيرا، خصوصا أن هذا تم في وجود منتجة أعرف أنها سوف يكون لها شأن عظيم في السينما، لأنها تبحث عن المضمون وليس الإيراءات فحسب. كيف ترين "اللذة" التي يشير إليها عنوان الفيلم؟! اللذة المقصودة في الفيلم هي النشوة، وهي آخر مرحلة من مراحل السعادة وقد تكون تلك اللذة في حب الوالدين أو حب الله أو حب الأبناء، وقد تكون في الموت وهذا ما كانت تسعي إليه بطلة الفيلم "حنان"، أما الحب فهو أقل درجة من درجات السعادة، وليس سببا في بلوغ ذروة اللذة، فالفيلم يدافع عن "اللذة" التي يحسبها البعض اللذة الحسية التي ليس لها وجود في الفيلم مطلقا وربما أساء العنوان للمعني المقصود باللذة، فليست اللحظة الجنسية هي المقصودة، بل أبعد من هذا بكثير. ماذا كان تعليقك علي الرقابة حينما قالت إن كلمة "اللذة" تحمل إيحاء جنسيا، وأصرت علي إضافة كلمة "الحياة"؟ لقد قلت للأستاذ علي أبو شادي رئيس الرقابة إننا الذين قمنا بتشويه كلمة "اللذة"، فمنذ قديم الأزل هي كلمة مشتقة من "لذيذ" أي الشيء الجميل، واللذة قد تكون في شيء بسيط جدا، وقد تكون في الحرمان من الحياة نفسها، وأخبرته أيضا أن علينا أن نترك الأمر للجمهور ليحكم بنفسه، ومن المهم بمكان أن ندافع عن كلمة "اللذة" ونطرح صورة حقيقية من المجتمع، ونحاول كمواطنين أن نواجه أنفسنا بذلك. وبالنسبة لك ماذا تعني "اللذة"؟! "اللذة" لدي إنني لم أولد عبثا لكي أموت عبثا وقمة اللذة أن أحقق ما ولدت لأجله، وأحاول أن أبحث عن الأسباب التي أعيش من أجلها، هل لأحب وأنجب أولادا ثم أموت، وقمة اللذة بالنسبة لي هي الوصول لمعني الوجود. هل وجدت صعوبة في التعامل مع يوري مرقدي أثناء تصوير الفيلم، خاصة أنه مطرب لبناني، وهذه هي المرة الأولي التي يقوم فيها بالتمثيل باللهجة المصرية؟ كل شيء في بدايته صعب إلي حد ما، و"يوري" مطرب ناجح قدم أغنيات مصورة بطريقة "الفيديو كليب" أي أنه اقترب من التمثيل إلي حد ما وحينما بدأنا تصوير الفيلم شعرنا وكأنه خاض تجربة مماثلة من قبل فلم يخش الكاميرا مطلقا، ولم نشعر أنه يخاف من التمثيل، بل كان رائعا وقدم الشخصية بصورة جيدة والفضل يرجع إلي المخرجة منال الصيفي التي أخرجت كل ما في جعبته. ما رأيك في شخصية البطلة "حنان" التي جسدتها وهل فيها شيء منك؟ الشخصية رومانسية إلي أبعد الحدود، وقد يكون هذا الجزء هو القريب من شخصيتي، خاصة في تعلقها بوالدها الذي مات فور زواجها، وقد حدث ذلك لي بالضبط وعشت أياما سيئة جدا، لكنني تغلبت علي أحزاني، بينما "حنان" لم تتغلب علي أحزانها ورأت أنه يجب أن تنغمس فيها وتتوه بداخلها وترفض حياتها وزوجها لتعيش الحلم بأن تلتقي بوالدها وتبحث عن أفضل شيء في الحياة، كما تحاول أن تعمل الخير لتلتقي بوالدها في الجنة، وهو مفهوم خاطئ وقاصر، لأن علينا ألا نستسلم لأحزاننا، وألا نترك حياتنا لنعيش فقط إلي أن نلتقي بالذين نحبهم في الآخرة وشخصية كهذه لا تعجبني، لكنني حاولت أن أقدمها بشكل يوضح للناس المساؤئ التي قد تحدث نتيجة ذلك، خاصة أن زوجها حينما قام بخيانتها صفق له الجمهور، لأنها التي دفعته إلي ذلك. وبعيدا عن "منتهي اللذة".. ماذا عن أعمالك السينمائية المقبلة؟ أقرأ عدة سيناريوهات لأفلام جديدة ولم أستقر علي أي منها لكن تركيزي الآن علي السيناريو الذي يتناول قضايا اجتماعية إنسانية، خصوصا النوعية التي لم تناقشها السينما كثيرا في السنوات الأخيرة، وأحاول أن أحمل علي عاتقي هذه المهمة علني أستطيع أن أغير شيئا من شكل السينما في هذه الفترة، لأنها للأسف تسير من سيئ إلي أسوأ، والأعمال الجيدة قليلة جدا، وللأسف تظلم وسط زخم الأعمال الرديئة، وأكبر دليل علي ذلك عرض فيلم "منتهي اللذة" في وقت سيئ، ومع هذا أثبت أنه قادر علي المنافسة وإيراداته في ارتفاع مستمر. بمناسبة الحديث عن الأعمال الإنسانية.. ماذا عن الجزء الثاني من مسلسل "سارة"؟! لقد عرض علي المؤلف مهدي يوسف والمخرجة شيرين عادل تقديم الجزء الثاني من "سارة"، ولكنني قررت بعد تفكير عميق الرفض بشكل قاطع، لأن الجزء الأول قدم كل ما أريد أن أقوله وتناول قضايا أصحاب الظروف الخاصة وما لهم من حقوق في المجتمع، وأري أنه ليس هناك ما يبرر تقديم جزء ثان، وإن كان لابد فهناك سبب آخر يمنعني يتمثل في قراري بعدم التعامل مع التليفزيون المصري بشكل أو بآخر، إلا حينما أتأكد أن الأوضاع قد اختلفت عما هو عليه الآن. وليس معني هذا أنني سوف أتوقف عن الأعمال التليفزيونية، بل سأقدم مسلسلا يتناول "أولاد الشوارع"، لكنني لم أستقر حتي الآن علي تفاصيله، لكن الفكرة موجودة داخلي وتحدثت مع عدد من الكتاب بحثا عن السيناريو الجيد الذي يناقش هذه القضية بشكل جيد وواع ومحترم. وما الذي ينقص في رأيك سينما اليوم؟ السينما تحتاج إلي الباحثين عن الفكر والمضمون بعيدا عن الإيرادات، وإن كان هذا لا يحظي بقبول الكثيرين، فالجميع يبحث عن العائد المادي ولو توافر لدينا عدد من المنتجين الشرفاء لكان الوضع أفضل بكثير، بالإضافة إلي ضرورة وجود السيناريوهات الجيدة التي تتناول القضايا المهمة في المجتمع، وإن وجدت فلا يوجد القلب الجريء الذي يحب المغامرة، وأحمد الله أن تلك المقومات وجدت في مجموعة عمل فيلم "منتهي اللذة"، حيث المنتجة التي تبحث عن المضمون والمخرجة المؤمنة بعملها والأبطال أصحاب الموهبة الكبيرة والأداء الجيد. علمت أنك أصبت بحروق في قدمك قبل بدء تصوير الفيلم بيوم واحد.. لماذا لم تؤجلي التصوير؟ بالفعل أصبت بحروق في قدمي، ولم أكن أستطيع أن أمشي عليها، لكننني لم أبلغ المخرجة منال الصيفي حتي لا تؤجل التصوير، وحينما رأتني انتابتها حالة من الهلع، لأنني لم أكن أستطيع أن أمشي علي قدمي مطلقا، ولكنني أصررت علي بدء التصوير، لأن الجميع كانوا ينتظرونني، وأن هناك أموالا سوف تضيع بسبب تأجيل التصوير، ولأنني أستطيع أن أصور بعض المشاهد وأنا جالسة، وهذا ما حدث بالفعل.