دفعتني الأحداث الأخيرة التي وقعت في مصر ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة وهذا الانفجار المروع والبشع الذي أودي بحياة أناس أبرياء كل ما فعلوه هو الذهاب إلي الكنيسة ليؤدوا صلاتهم وليحتفلوا بعيد الميلاد المجيد أن أتأمل وأنا أطل من نافذة التاريخ علي هذا البلد الآمن فيمن له مصلحة في زعزعة الاستقرار الذي ينعم به شعبنا المسلم والمسيحي؟!! وأخذت أتساءل هل هناك قوي خفية وراء هذا الحدث لها مصالح دنيئة في إثارة البلبلة وإشاعة الفتن من أجل الاقتتال حتي يكون لها ذريعة في التدخل في شئوننا الداخلية بعد أن وجدت أن أميز ما يتميز به هذا الشعب العريق هو الاستقرار والأمان بين أفراد الشعب المسلم والمسيحي فهم يحيون في أمان وسكينة منذ قديم الزمن. ووجدتني أعود بالذاكرة سبعة عقود مضت وتحديداً في فترة الخمسينيات عندما تم إنتاج فيلم .حسن ومرقص وكوهين. سنة 1954 تأليف بديع خيري وسيناريو وإخراج فؤاد الجزايرلي وبطولة حسن فايق في دور عباس وعبدالفتاح القصري في دور حسن وشرفنتح في دور مرقص واستيفان روستي في دور كوهين والذي تجسد أحداثه أسمي معاني الوحدة الوطنية بين الأديان السماوية الثلاثة فهؤلاء الثلاثة كانت تحتويهم مصر ويحيون علي أرضها في وئام ومحبة منذ أكثر من نصف قرن وكيف كان التسامح والتعالم بود هو اللغة المشتركة بين الثلاثة في العمل وحتي في حياتهم الأسرية التي تجمعهم والتي ما كان يعكر صفوها غير مؤامرات كوهين في الوقيعة بين حسن ومرقص للتربح علي خلفية هذا الخصام وهذا هو دأب كوهين دائماً الذي يرفض التعايش السلمي بين كافة الأجناس!! وتدبير المؤامرات للوقيعة بينهم يدفعه في ذلك نهمه الشره في امتلاك كل شيء ليظل هو صاحب النفوذ من خلال استحواذه علي رأس المال حتي يحتاج إليه الآخرون. وكما جسد ذلك الكاتب الانجليزي الشهير وليم شكسبير في مسرحيته الشهيرة .تاجر البندقية. وكيف أبرز لنا ذلك في الصراع الذي دار بين تاجر البندقية الشهم الذي وقف بجوار صديقه واضطر إلي الاستدانة من هذا اليهودي المرابي .شيلوك. الذي اشترط علي التاجر إن لم يرد له المبلغ في خلال فترة معينة يقوم بإقطاع رطل من لحمة عوضاً عن المال!! شرط غريب ولكنه من جهة نظر هذا اليهود المرابي .شيلوك. يفعله من أجل الحفاظ علي ماله وليس إهداره كما تجسدها الأحداث فهو يعرف أن ابنته مغرمة بالتاجر وإن تزوجها التاجر فسوف يستولي علي ماله بعد وفاته لذا كان هذا الشرط العجيب!! وأيضاً كان من الأسباب الرئيسية التي منعت الحكومة الإسرائيلية من تداول هذا العمل وأصدرت عقوبة السجن ضد من يخالف ذلك بسبب معاداة شكسبير للسامية لتصويره المرابي اليهودي الجشع بهذه الغلظة فهل كان وليم شكسبير الذي كتب العمل سنة 1964 أي منذ أكثر من خمسة قرون يعرف أنه سيكون معادياً للسامية وتتم محاكمته؟!! أقصد محاكمة كتبه التي ستبقي علي مر التاريخ تشهد بهذا العداء السامي للإنسانية جماع!! وقد كتب هذا الخبر في جريدة الوطن السعودية في العدد رقم/3255 بتاريخ 28-8-2009. وأعود إلي أحداث الفيلم الذي كتب في فترة كان يعم فيها السلام كل ربوع الأرض وليس مصر وحدها فلم يكن هناك جماعات متطرفة هدفها زعزعة الأمن بين الشعوب من خلال عملياتها التفجيرية التي تستهدف بها أناساً آمنين مطمئنين!! ولكن كان هناك هتلر يجتاح بجيوشه دول العالم ويطارد اليهود في كل مكان مما دفعهم للفرار من أمامه كما فعل كوهين وترك كل ما يملك في مصر من عز ونعيم للنجاة بحياته وبعد رحيل كوهين من أرض الكنانة بزعم إنشاء وطن له في فلسطين بقي حسن ومرقص يعيشان في مصر في سلام ووئام. وأني لأتعجب من تلك الأحداث التي كتبها مؤلف الفيلم ببراعة ولم يطلب منه الكتاب في هذا الموضوع كما هو موجه الآن من جميع وسائل الإعلام لإذكاء روح الانتماء الوطني من أجل التهدئة بين الأخوين!! بل كانت الكتابة صادقة من وحي نفسه.. فهو مرآة تنعكس عليها هموم المجتمع لذلك تكون الكتابة صادقة وتحيا علي مر العصور!!. ونعود إلي كوهين الذي ترك هذا العز وهذا النعيم الذي كان ينعم به سعياً وراء حلم كاذب أوهمه به قادته بإنشاء دولة إسرائيل المزعومة في فلسطين فأتساءل ما الذي دفع كوهين إلي أن يترك جاهه وماله ويذهب إلي وطن سوف يبدأ فيه من جديد؟!! اللهم إلا شيء واحد وهي امتلاك السلطة والنفوذ الذي كان يفتقدهما هنا في مصر أو في أي بلد آخر ولكنه صدم بواقع مرير وتحطم حلمه علي صخرة التميز العنصري الذي كان يشعر به طوال حياته وأنه أصبح الجنس الثاني في المجتمع الصهيوني أما الجنس الراقي فيهود أوروبا!! وشعر بغصة ومرارة لأنه ترك أمواله وممتلكاته وسلطانه ينعم به حسن ومرقص وقرر أن ينبش في دفاتره القديمة عن ديونه التي تركها هنا في مصر والذي يتنعم بها حسن ومرقص ووجدهما يعيشان في سلام وأمان ويتمتعان بكل أنواع المساواة والتي يفتقدها هو في دولة الحلم الذي وعده بها قادته والتي من أجلها رحل فقرر أن يضرب هذا الاستقرار الذي يتمتع به الجاريان. أقول هذا الكلام من واقع ما قرأت وما شاهدت من أحداث مرت علي أن وراء أي زعزعة تحدث في مصر أو في دول العالم وراءها هذا الكوهين!! وأن ما حدث من بشاعة في كنيسة القديسين بالإسكندرية لإشعال نيران الفتنة التي هي داخلية علي مصر فنحن نحيا مع بعضنها البعض في وئام وسلام الكنيسة أمام الجامع والجار يسكن أمام الجار يشاركه في أفراحه وأحزانه وأعياده أيضاً وزمالة العمل تجمعنا أيضاً بلا تفرقة والمسيحي يرأس المسلم في العمل والمسلم يرأس المسيحي أيضاً لذا فهناك مجتمع مشارك ومتفاعل مع بعضه البعض ليس بينهم تفرقة عنصرية كما يحدث في دولة كوهين نفسه لذا أغتاظ كوهين من هذا الوئام وقرر أن يضرب ضربته الموجعة في عيد الميلاد المجيد!! وأني لأتساءل أليس بيننا وبين كوهين معاهدة سلام؟!! فلماذا يجند جواسيسه وهو في حالة سلم بيننا؟!! إلا إذا كان يري أنه مازال في حالة حرب معنا! وهذا الجاسوس الذي وقع أخيراً .مدرب الكونغ فو. الذي أدلي بمعلومة خطيرة مرت علي مرور الكرام ولم أشغل بالي بها وهي تعرفه علي رجل ملتح في الأربعين من عمره باع دينه وقوميته العربية للعمل مع كوهين منذ أكثر من عشرين عاماً لم تكتشفه مخابراتنا وأجدني أعود وأتساءل بعد أحداث ليلة رأس السنة ما الذي يدفع كوهين لتجنيد رجل دين ملتح؟ من المفترض أنه عدوها الأول لأنها عانت من ضرباته الموجعة أشد المعاناة وعملياته الاستشهادية التي زلزلتهم؟!! ما الذي يدفعهم للتعامل مع هذا العدو؟ إلا إذا كان هناك مصالح مشتركة بأن يكون هو الواجهة التي من خلاله تضرب ضربتها في البلد الذي تريده دون أن يشار إليها بأصابع الاتهام!! هذا الرجل الخائن الملتحي يستطيع .بقال الله وقال الرسول. أن يقنع شاباً بائساً ضائعاً بأن يقوم بمثل هذه العملية القذرة والدنيئة أكثر مما يقولها كوهين لأنه ليس دينه الذي تفتحت عينه عليه لم يمارس شعائره ولا يستطيع الإقناع كما يفعل الخائن الملتحي لأن هذا الملتحي يملك مفتاح الدخول لهذا الانتحاري وإقناعه بتنفيذ العملية بكل سلاسة ويسر!!. وأخيراً ودرءاً لهذا الاحتقان أبحثوا عن كوهين الذي ترك البلد خلف وهم حالم ولم يجن من وراءه غير المذلة والهوان في الدولة المزعومة ويريد العودة علي أنقاض ما سيحدث من فتنة بين حسن ومرقص بزعم التدخل لحماية مرقص من أخيه حسن!! فهل آن لنا أن نحترس من مؤامرات كوهين المعادي للإنسانية؟!!