قدم ألفريد فرج قدم كل مسرحياته علي خشبة مسارح الدولة وهذا يكشف عن سمة أساسية في مؤلفنا انه كان يعتبر الدولة صاحبة الحق في مؤلفاته.. فهي الأولي بعرضها وهذا يوضح انتماء أصيلاً لديه وإحساساً شديداً بالوفاء كما يوضح أيضا اهتمامه بالوصول بفنه إلي قطاعات عريضة من الجماهير ذوي الدخل المتواضع وإدخال البسمة علي شفاههم والبهجة في قلوبهم والتحليق بهم في سماء الفن الرفيع ولوكان ذلك علي حساب العائد المتواضع الذي يحصل عليه من الدولة مقابل مسرحياته. بل إن مسرحيات ألفريد فرج قدمت علي معظم المسارح العربية في دمشق وبغداد وطرابلس الغرب وتونس والجزائر والمغرب ولاقت نجاحا منقطع النظير. وهذا يؤكد هويته المصرية العربية وقدرته علي مخاطبة العقل العربي والوجدان في كل مكان. بل لعل من المدهش أيضا أن كثيراً من مسرحياته قدمت علي مسارح لندن ووارسو وبرلين وباريس وهذا يؤكد أنه استطاع أن يخرج من المحلية إلي العالمية وهي خاصية لم يسبقه إليها احد في المسرح إلا توفيق الحكيم. ربما كانت مسرحية( علي جناح التبريزي وتابعه قفة) التي قدمها علي المسرح الكوميدي 1969 من ابرز مسرحيات الفريد فرج فقد لاقت نجاحا منقطع النظير في القاهرة والأقاليم وكثير من مسارح الدول العربية وترجمت إلي اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية وقدمت علي مسارح باريس وبرلين ووارسو، وقد كادت هذه المسرحية أن تدخله إلي المعتقل مرة ثانية إذ إن بطلها علي جناح التبريزي يبيع الوهم للجماهير ولم يعدم ألفريد من يشي به عند السلطة بأنه كان يقصد بذلك الإشارة إلي جمال عبدالناصر الذي جعل الجماهير العربية تعيش وهم الجيش القادر علي دخول تل أبيب في ساعات محدودة ثم تبدد الوهم وظهرت الحقيقة باردة كأجساد الموتي الهامدة. إذا كان توفيق الحكيم بمسرحه الفلسفي المتأمل الهادي الأنفاس يقارن دائما بمسرح برنارد شو فأن مسرح ألفريد فرج يقارن دائما وبحق بمسرح شكسبير وليس في هذه المقارنة أي مغالطة أو تهويل أو شوفينية. فالفريد فرج مثل شكسبير استقي مادة مسرحياته من التاريخ والسير الشعبية وحكايات ألف ليلة وليلة تماما كما كان يفعل شكسبير. والمعروف أن شكسبير لم يؤلف معظم حبكات مسرحياته لكنه كان يأخذها من التاريخ أومن مسرحيات أخري أومن كتب قصص شعبية قليلة الأهمية لكن شكسبير كان يصب نبيذه في قوارير قديمة أي كان يأخذ الحبكة أو إطارها العام من مصدر آخر لكنه يعيد صياغة الأحداث ورسم الشخصيات وإبداع الحوار بحيث تتمتع أحداث مسرحياته بمصداقية فذة وتتمتع شخوصه بحيوية تجعلهم مثل سائر البشر من لحم ودم تكاد تتبين فيهم اهلك وجيرانك وأصدقاءك ومعارفك وهكذا تصبح القصص المهملة في جنبات كتب السيرة والتاريخ مسرحيات تملأ خشبة المسرح حركة وضجة وحيوية ومتعة. هكذا فعل ألفريد فرج أيضا عندما تناول قصة سليمان الحلبي وحولها لمسرحية خالدة وفعل نفس الشيء عندما تناول صراع قبيلتين عربيتين في مسرحية الزير سالم وأخذ مسرحيات (الحب لعبة) و(زواج علي ورق طلاق) من مصادر أجنبية. وإذا كان شكسبير قد اكتفي بتقديم مسرحياته في الإطار التقليدي فإن الفريد فرج حاول أن يجرب كل أشكال المسرح كالمسرح البريختي والعبثي والتقليدي والرمزي وقد نجح أحيانا ولم يحقق النجاح في أحيان أخري لكنه امتلك القدرة علي المجازفة والتجريب. فاستحق أن يكون قيثارة المسرح المصري الذي حمل علي ظهره صليبه ثم سار به في طريق الآلام وغادر دنيانا بعد أن أعطي الكثير ولم يطلب إلا القليل.