كنا نحرص علي ارتداء افخر الثياب لنبدو في صورة محترمة قبل أن نخرج إلي الناس في الشارع، فيجب أن يكون حرصنا اكثر حين نشرع في الدخول علي الناس في بيوتهم فلا ندخل عليهم في صورة مزرية، لننطق بما لايحبون سماعه، ذلك لان عدد من سيقابلوننا في الشارع اقل بكثير ممن سيقابلوننا علي الشاشات هكذا ادي بنا الخوف من الاتهام بمصادرة حرية التعبير وكبت الحريات إلي ما اصبحنا نعاني منه الآن من انفلات اعلامي حتي اصبح ظاهرة لايمكن اخفاؤها أو التظاهر بعدم وجودها.. فلم يعد يمر اسبوع واحد إلا ونري فيه تجاوزا مهنيا أو اخلاقيا أو حتي سياسيا في واحد أو اكثر من البرامج التي تعج بها الفضائيات في هذا العصر. والغريب انه في كل مرة يحدث فيها ذلك. نسمع اصحاب تلك التجاوزات وهم يبررونها بأنهم لم يكونوا يعرفون إنهم .علي الهواء. وكأن التجاوزات أو البذاءات والاساءات التي يطلقونها غير مسموح بها علي الهواء فقط ومن حقهم في الاوقات التي لايكونون فيها علي الهواء أن يطلقوا بذاءاتهم ويظهروا سوءاتهم دون خجل أو كسوف! وليس هناك من معني لمثل هذه المبررات التي تتسم بالسخافة وقلة الذوق. الا أن هؤلاء الذين يرتكبون مثل هذه الخطايا - ولانقول الأخطاء - مجبولون بالفطرة علي البذاءة وخدش الحياء. ولايمنعهم من ممارسة ذلك إلا ظهورهم علي الهواء واطلالهم علي الناس في البيوت. وكأن الناس الذين يحيطون بهم في الشارع أو اماكن العمل، ليس عندهم حياء يخدش، أو ادب يساء إليه! واذا كان خوف الحكومة من توجيه الاتهام لها بمصادرة الحريات. وحرصها علي أن تبدو في صورة ليبرالية ترضي الداخل والخارج. قد دفعها إلي إلغاء الرقابة السياسية أو أي نوع آخر من انواع الرقابة علي وسائل الاعلام وما ينطلق منها من برامج ومواد اعلامية. فقد استغل البعض من تنقصهم الخبرة المهنية. والذوق العام. فانطلقوا يبثون ما يرونه مناسبا لهم. في الوقت الذي لم يجدوا فيه من يحرص علي تدريبهم علي مواجهة الجمهور مما لديه من مخزون اخلاقي وديني واعراف وتقاليد اجتماعية تأبي عليه سماع بعض ما يسمعه. أو مشاهدة الكثير بما يشاهده مع هؤلاء الذين تدفعهم الشهوة إلي الشهرة والذيوع بين الناس إلي الاثارة وتهييج المشاعر. ومخاطبة الغرائز واذا كانت الاجهزة الحكومية قد تنبهت اخيرا لبعض القنوات التي تحرض علي الفتنة الطائفية، وتثير بعضا من الافكار الشاذة والمخالفة لصحيح الدين، فكان علي تلك الاجهزة أن تمد بصرها لتري غير تلك القنوات التي تمثل خطورة علي الذوق العام. واخلاقيات المجتمع وتقاليده الراسخة منذ آلاف السنين. بما تبثه من بذاءات أو سباب تسيء إلي الناس في بيوتهم. وتساهم في تشويه الصورة الذهنية لبلادنا في رءوس الملايين الذين يشاهدون هذه البرامج والقنوات عبر العالم. إننا إذا كنا نحرص علي ارتداء افخر الثياب لنبدو في صورة محترمة قبل أن نخرج إلي الناس في الشارع، فيجب أن يكون حرصنا اكثر حين نشرع في الدخول علي الناس في بيوتهم فلا ندخل عليهم في صورة مزرية، لننطق بما لايحبون سماعه، ذلك لان عدد من سيقابلوننا في الشارع اقل بكثير ممن سيقابلوننا علي الشاشات في قنوات التليفزيون، فكيف يكون حرصنا علي صورتنا في الشارع، اكبر من حرصنا علي صورتنا في بيوت الناس.. ملايين الناس. هنا وفي آخر بقعة في العالم؟! لم يعد يكفي الاعتذار من المشرفين أو القائمين علي هذه البرامج المسفة، التي تنضح بالبذاءة كما لم يعد يكفي ايقاف هؤلاء المخطئين عن العمل. أو عقابهم بخصم جزء من مكافآتهم المالية كما يحدث عادة. بل يجب تدريب هؤلاء علي اصول العمل الاعلامي علي ايدي متخصصين من الخبراء. ووضع ميثاق شرف يلتزم ببنوده الجميع وقبل كل هذا يجب تشكيل لجنة دائمة لمتابعة ما يصدر عن تلك الفضاءات بآليات للمحاسبة والعقاب لكل من يتجاوز الاداب العامة، واخلاقيات المهنة. وقبلها اخلاقيات المجتمع وتقاليده وشعائره الدينية حتي يرتدع كل من يجرؤ علي التجاوز وانتهاك المشاعر لجمهور المشاهدين.