"بوليتيكو": أمريكا تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    «كتل هوائية أوروبية تضرب البلاد».. «الأرصاد» تكشف مفاجأة في طقس الغد    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    حفل افتتاح الإسكندرية للفيلم القصير يحتفي بالدورة العاشرة للفيلم القصير    نادية الجندي وفيفي عبده وسوسن بدر ضمن حضور حفل ذكرى تحرير سيناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الحياة..
نشر في المسائية يوم 31 - 10 - 2010


من الحياة
معجزة السيدة العذراء.. ويحيي المتوج بالأنوار!!
يكتبها: سيد الهادي
.من الحياة.. نافذة أسبوعية.. تفتح باب الأمل عندما تشعر النفوس بالألم.. أنتم أبطالها.. وأصحابها فهي منكم ولكم.. وصدي وقع الزمان علي بعضكم.. نفتحها للفضفضة عن تجاربنا وأشجاننا.. ليستفيد بها غيرنا.. فمن يدرك آلام غيره.. تهن عليه هموم نفسه..
بين مقام سيدي يحيي المتوج بالأنوار.. علي مشارف مدينة الزقازيق.. وماقصه علي سمعي الزميل الصحفي حسين الطيب.. الذي ذهب ليدحض الحكاية.. ويثبت ان الأموات لايستيقظون.. والأولياء في عالم البرزخ يتنعمون في شغل عنا فكهون.. فرحين بما وعدهم الله، وينظرون إلي مقاعدهم ومقامهم في جنات النعيم.. ولكن المشاهد في مقام حفيد الرسول الله صلي الله عليه وسلم.. بديع الزمان ولؤلؤة أهل البيت المعمور.. الإمام يحيي المتوج بالأنوار. شقيق السيدة نفيسة رضي الله عنها وأرضاها.. وماتنسمه من طيب عطر اهل البيت هناك أنساه ما ذهب اليه.. ورجع مبهورا مصدقا لكرامات الأولياء وما يظهر علي جدران المقام من صورالأنبياء، والأولياء.
كما يقول الدكاترة نبيل بباوي - اكثر من عشرة اطباء في الاورام وقرروا انها مصابة بسرطان في الثدي الأيسر وتقرر استئصال الثدي الايسر كاملا.. وقبل اجراء العملية بيوم واحد جاءت اليها العذراء مريم في المنام، واجرت لها بنفسها عملية استئصال للأورام السرطانية.. وعادت المريضة الي اطباء الاورام واعادوا الكشف عليها وكانت المفاجأة التي تشبه المعجزة...فقد تم استئصال الأورام فعلا ولا توجد آثارلأي عملية جراحية.. والاطباء العشرة موجودون علي قيد الحياة حتي الآن، واغلبهم مسلمون.. وتتعاظم معجزة العذراء البتول مريم عليها السلام مع صورة ورقية كبيرة لها معلقة علي حائط حجرة نوم السيدة سلوي التي شفيت، كانت تتبرك بها ومنذ شفاء السيدة سلوي ولمدة عشرين عاما كاملة.. ويد العذراء في هذه الصورة الورقية ينزل منها زيت حتي اليوم.. وقرر الانبا تادرس والقس بولا سعد نقل الصورة إلي كنيسة الأنبا بيشوي بميدان المنشية في بورسعيد والزيت ينزل من يد العذراء في كيس بلاستيك يتم جمعه وهذا الزيت تسبب في شفاء الكثير من الأمراض ببركة السيدة العذراء.
وقد أهداني شيخي.. وصديق العمر.. الذي أثق كل الثقة في حديثه.. وكان في زيارة للكنيسة الأسبوع الماضي.. ولمس المعجزة بعينيه.. وتحقق منها.. قليلاً من الزيت المبارك الذي ينساب من يد الصورة الورقية للعذراء.. في انبوبة صغيرة تفوح منها ريح المسك أو مايشبهه..ولا أجد غضاضة في التبرك بها..فنحن نبجل ونقدر السيدة العذراء..مريم الطاهرة.. التي اصطفاها الله بسورة كاملة نتعبد بها في القرآن الكريم.
أخيرا - للاستسلام لإجراء جراحة القلب المفتوح.. ويتم استبدال خمسة شرايين من قلبي مرة واحدة.. وأحمد الله علي نعمة النجاة والشفاء.
واستسمحكم أن تحملوا عني بعض همي.. فهذا قدري وقدركم في هذا المكان.. من الحياة. ورغم يقيني أن لا حقيقة مؤكدة في عالمنا الذي نعيشه.. إلا الإيمان المطلق بوجود الله.. الحي القيوم.. والتسليم بالموت كمصير محتوم لكل مخلوق.. قدر ومكتوب.. وما دون ذلك أمور قابلة للتغيير والتبديل.. إلا أن العقل يدرك أن من بين هذه الأمور.. أموراً بطبيعتها شديدة الخفاء علي الفهم.. تدبر بإحكام.. وتغيب حكمتها عن أذهاننا المحدودة الإدراك، ولا يعلم سرها ومغزاها إلا الحكيم العليم بكل شيء.. سبحانه وتعالي.
وبداية الحزن الذي غشي نفسي.. وعصر قلبي.. بدأ في اللحظة التي ساقتني فيها قدماي إلي المدرسة التي كان يدرس فيها ولدي منذ ما قرب من عشر سنوات.... والتقيت فيها بالرجل.. ناظر المدرسة.. وما كنت قد رأيته أو التقيت به من فترة.. وهالني مرآه.. بدا عجوزاً منهكاً وهو بعد كما أعرف دون الأربعين.
وسألته والدهشة تملكني عن حاله؟ وأنا أنظر إلي حاله.. فأجابني بصوت واهن ضعيف :الحمد لله.. الذي لا يحمد علي مكروه سواه.. وانزلقت من عينه دمعة غابت بين شعيرات ذقنه غير المحلوقة.. وفارقته البسمة التي كانت تشع دوما علي وجه ولا تغيب.. وخلفت وراءها تيبساً وجمودا احتل قسماته... وظلت عيناه ساهمتين وراء وأمام ضوضاء التلاميذ في فناء المدرسة.. وضوضاء الشارع.. اللحظة قصيرة.. ولكنها سلخت زمناً خلته طويلا طويلا.. وقبل أن أفيق من دهشتي.. أغرقتني في لجة من الحيرة.. خلته مجنوناً وهو يسألني بلهفة ورجاء مستتر في نبرات صوته.. إن كانت فصيلة دمي A ؟.. وعندما نفيت ذلك.. اكتسي وجهه بمسحة من الكآبة وخيبة الأمل.. زادته هماً.. وهرماً.. وكأن اللحظة قد أضافت إلي عمره سنوات أخري.. وهو يتمتم.. أبحث عن دم من فصيلة A وانهمرت دموعه.. غزيرة ساخنة.
وقبل أن استفسر.. رأيته يتركني مهرولاً إلي أحد زملائه.. أمسك به.. تحدثا قليلاً.. أسرع الآخر وغاب قليلاً, ثم عاد مع رفيق له.. وأكد أن فصيلة دم زميله هو الآخر من فصيلة A ..فجأة تحرك الجمود وانزاح من وجه الرجل.. وإن بقي حزن يتماوج في العين.. وهو يسألني إن كانت معي سيارتي؟.. ولما أومأت بالإيجاب.. دفعني أحدهم بوكزة آلمتني وهو يحثني علي السير إلي مكانها.. وفي السيارة عرفت المغزي.. ووقفت علي بعض السر.. وهو يرجوني أن أسرع إلي معهد السرطان.. حيث ترقد ابنته الصغيرة.. تكاد تحتضر من إصابتها بسرطان الدم..عرفت السر.. انتقلت إلي عدوي الحزن والألم.. وأيضا الخوف.. مما جعلني أخالف كل ما عرفته من قوانين المرور.. سابقاً السيارات والزمن للوصول إلي حيث ترقد ابنته.
وفي المستشفي لم يطل الوقت.. وتبرع كل منهما ببعض دمه بعد إجراء القليل من التحاليل.. ونقل الدم مباشرة منهما للصغيرة التي كانت ترقد في استسلام.. ولكن الذي أثر في نفسي كثيراً.. أن أعرف أن المتبرعين بدمهما لابنة زميلهما.. ليسا من دينه.. هو مسلم.. وهما مسيحيان.. واختلط الدم المسلم بالمسيحي.. تأكيداً لوحدة الأديان والإيمان المطلق بالله الشافي المعافي.. دافعهما هو الأخوة في الإنسانية والإيثار.. وفعل الخير.. دون تفريق بين دين أو عقيدة.. سبحان الله.
ومر بعض الوقت.. نسيت فيه كل شيء.. إلا الصغيرة المسجاة علي فراشها.. حلوة رقيقة.. في الحادية عشرة من عمرها.. برعم لزهرة جميلة تتفتح علي الحياة.. يجيء المرض الخبيث ينهش في جسدها.. يجعلها بعد أن كانت تملأ الدنيا ضحكاً ولعبا.. جسداً مسجي علي الفراش.
ومن والدها.. بعد أن هدأ قليلاً واستراح.. عرفت ما خفي عني من أصل الحكاية.. تحدث وفي صوته نبرة خافتة تبوح بحزن عميق مهيب.. عن مرض ابنته.. الذي حدث فجأة.. حرارة ثم ألم.. ثم رحلة طويلة بحثاً عن العلاج والشفاء.. وحيرة الأطباء.. حتي تم اكتشاف حقيقة المرض.. سرطان في الدم.. ولا بد من تغيير الدم كل عدة أيام.. والعلاج مكلف.. والأمل كبير في أن يمن الله علي الابنة بالشفاء.. عرفت منه أنه باع كل ما يملك.. فالعلاج محدود بإمكانيات يعجز عنها البسطاء.. أنفق خلال عام من بداية مرض ابنته.. كل إرثه عن والده.. الذي كان يوماً مساعداً.. ونائباً لوزير الداخلية.. انفق تحويشة العمر التي جمعها في رحلة الاغتراب عملا في السعودية.. سيارته المرسيدس.. بعض أثاث بيته.. والآن يعرض شقته للبيع.. أي مصيبة يمكن أن تلحق بالمرء أكثر من هذا.. والمرض يزداد شراسة.. والجسد الصغير يتداعي.. وتزداد الآلام.. يخبرني والدموع في عينيه.. وإن كان الأمل مازال يعمر قلبه.. الأطباء من فترة توقفوا عن إعطائها الدواء الكيماوي الذي اسقط شعر الصغيرة.. وهد جسدها الرقيق.. وبلغت بأحد الأطباء القسوة والجرأة.. أن يقول للوالد والوالدة.. إنه لم يعد أمام الطب أمل في العلاج.. وإن الموت أصبح علي قاب قوسين أو أدني من الصغيرة.. وكل ما يمكن للأطباء القيام به.. هو محاولة قتل الألم الذي ينهش في الجسد.. في انتظار الموت.
يبكي الرجل وهو يقول.. إني مستسلم لقضاء الله.. وأعرف أن الموت قدر كل الناس.. وكلنا سنموت.. ولكن كل ما يحز في قلبي هو الألم الذي تشعر به الصغيرة.. وكلماتها التي تخرق القلب وتشطره.. ويصحبني إليها.. لأقف علي مقربة منها.. أبتسم في وجهها والحزن يمزقني, تنظر نحوي وتتحدث معي..وأبكي.. أقسم إنني بكيت وأنا اسمعها.. تقول لي.. يا عمو أنا ما عملتش حاجة عشان ربنا يعذبني.. إذا كان عايزني يأخذني.. أنا نفسي أقابل ربنا.. وأدخل الجنة.. بس بدون هذا العذاب.. وتلتفت إلي والديها وتقول: لما أقابل ربنا ها أدعي ليكم أنكم ما تمرضوش ولا تتعبوش وما تحسوش بالألم بتاعي.. بس أدعوا لي انتو كمان إني أدخل الجنة وتفتكروني.
وأبكي.. ويبكي معي كل من حولها.. من كلمات الصغيرة.. الذي شاء الله أن يبلوها بالمرض الخبيث. واتعجب من تدابير الأقدار.. وحكمة المولي سبحانه وتعالي.. في أن يذيق هذه الصغيرة التي لم تأثم بعد وما زالت طاهرة نقية عذاب المرض.. وفي نفس الوقت يمهل الجبارين وعتاة المجرمين ويمتعهم بالصحة والعافية ليعيثوا في الأرض فساداً وإفساداً.. وأقول حكمة الله. التي لا تدركها عقولنا القاصرة.
ومع الرجل أخرج لبعض الوقت.. ينقل إلي حيرته.. وحيرة الأطباء.. الغريب أن الدم بتحاليله خال من المرض.. في حين أن النخاع مليء بالمرض.. تحاليل غريبة.. والمفروض أنه إذا كان الأصل مصاباً.. وهو النخاع فلابد أن يكون الفرع وهو الدم مريضاً.. ولكن.. هذا هو ما يحير الأطباء.. والعلم.
وأمسك من بين حديثه بطرف خيط.. وهو يؤكد أنه لم يترك باباً إلا وطرقه.. حتي أنه سافر إلي الأراضي المقدسة وأدي العمرة.. وتعلق بأستار الكعبة داعياً لابنته بالشفاء.. عاد وكل ما يحمله ماء زمزم.. شربت منه واستحمت ابنتي بنية الشفاء.. إيماناً واعتقاداً ويقيناً راسخاً بأن ماء زمزم لما شرب له كما قال المصطفي صلي الله عليه وسلم.
وكما يقول.. طاف بالصغيرة علي كل المعالجين بالقرآن.. عسي أن يكون الشفاء من نصيبها علي أيديهم.. ولكن الغريب.. أن مذاق الماء الذي يتلون عليه آيات القرآن.. عندما تشربه.. يكون له مذاق النار في فمها.. تبكي وتصرخ.. بينما الماء العادي يرويها ولا تشعر له بألم.. يسألني.. هل من تفسير؟
وأتذكر.. ما كان من أمر قريب لصديق لي.. شاء الله أن يبلي ابنه بنفس المرض.. سرطان في الدم.. لأكثر من عامين ظل يعاني منه.. اصطحبه والده إلي فرنسا وأمريكا.. انفق علي علاجه ما يقرب من نصف المليون جنيه.. أملاً وطمعاً في الشفاء.. حتي شاء قدره أن يلجأ إلي طبيب مصري.. اشتهر بمعالجة مرضاه بما كان يعالج به الأجداد.. ورث فك طلاسم الطب الفرعوني.. والروحي.. وبعد شهر من العلاج.. شهر واحد فقط.. من الله علي المريض بالشفاء.. وبكلفة لا تزيد عن المائة جنيه.. فقط.. وهو الآن.. ومن عدة أعوام.. في صحة طيبة.. بحمد الله وشكره.
وأخبرته.. قصصت عليه ما كان.. وكأني فتحت له طاقة القدر.. ليطل علي مساحة جديدة من الأمل.. توسل إلي أن اصحبه إلي الطبيب المعالج هذا.. ولو كان ثمن شفاء ابنته عمره سيهبه له.. وقد فعلت.. وذهبت معه إلي الطبيب الفرعوني.. بحثاً وطرقاً لآخر أبواب الأمل في رحمة الله.. ووعد الرجل اخيراً.. والغريب أن الطبيب.. وكان استاذا بكلية الطب.. وعاشقاً للآثار.. وله الكثير من الاكتشافات الاثرية المسجلة باسمه..الدكتور خليل مسيحة رحمه الله.. فقد رحل عن دنيانا من سنوات.. وكان كل ما طالب به من أجر.. شمعة يوقدها الرجل في ضريح السيدة زينب بنت بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم.. حفيدة المصطفي صلوات الله عليه.. ووجه الغرابة.. أن الطبيب كان مسيحيا.
الغريب ان الدكتور خليل مسيحة بعد أن اطلع علي حال الصغيرة، بدت علي وجهه مسحة ألم، وغشاه بعض الحزن.. وقال كل ما أقدر عليه ببركة المسيح ان أمنع عنها الألم.. ابعده عنها.. ولكني لاأملك ان أمنع ما قدره الله.. تشبث الرجل بمقولة الدكتور.. وقال كل ما أريده ان تعيش مابقي لها من عمر وبدون ألم.. وهو ما كان وأدهش الأطباء في معهد السرطان وهم يرون البسمة تعلو وجه الصغيرة.. ويمتنعون عن مدها بالمسكنات والموروفين لمنع الألم....وماكان العلاج سوي بضع قطرات من الماء المعالج بطاقة البندول الفرعوني منعت الألم في أواخر ايام الصغيرة التي لاقت ربها بعد اسابيع قليلة.
وعذراً.. إذا كنت أوجعت قلوبكم معي.. واصطحبتكم مع ذكرباتي في رحلة حزن وآلمتكم بها.. وأصبح حقاً علي أن أعيد البسمة مرة أخري إليكم.. وأقص عليكم هذه المرة ما أضحكني.. حتي جعل أيضاً الدموع تطرق باب عيني من حكاية اختزنت بعضاً منها في ذاكرتي.. حتي أعادها للحياة وذكرني بها القاضي الذي كان يقوم بالقضاء فيها.
ولأن شر البلية ما يضحك.. ورغم أن ما كان معروضاً أمام القضاء يعني خراب بيت ظل عامراً ما يزيد علي النصف قرن من الزمان.. إلا أنه يعد ان وصل إلي أعلي مراتب القضاء قبل ان يصل إلي سن السبعين ويعتزل.. يتذكرها ويضحك كما ضحك أول مرة وهو يستمع إلي أقوال الزوج والزوجة.. وضحك معه كل من شهد القضية وأحداثها في ساحة المحكمة.. ويقسم أنه كلما يتذكرها.. يغرق في نوبة ضحك يخشي معها علي قلبه الذي أصابه العطب.. ويساعده بالدعمات لتوسيع شرايينه.
والحكاية بدأت مع الزوج الذي وقف أمامه في المحكمة مع زوجته التي تطلب طلاقها منه تفادياً للفتنة.الزوج عمره 77 عاماً.. مدير عام بالمعاش.. نحيل الجسد.. حضر للمحكمة متوكئاً علي عصا غليظة.. وبيده كيس من البلاستيك.. يردد لمن حوله إنها حافظة مستنداته التي ستفند كل ماتزعمه زوجته ومحاموها.
الزوجة.. التي تطلب الطلاق خوفاً علي نفسها من الفتنة.. عمرها سبعون عاماً تتحرك بصعوبة.. وتتعثر الكلمات بين شفتيها.. وهي تقول للمحكمة تزوجنا عن حب كبير.. ربط بين قلبينا منذ 50 سنة.. ولكن ربنا لم يرزقنا بالأطفال.. والحمد لله.. عشنا في سعادة طوال هذه السنين.. ولكن من العام الماضي.. فقط.. وبعد خمسين سنة.. تغير الرجل.. هجرني.. وأقام في بيت اخته المتوفاة.. ومع أولادها.. وعندما ذهبت إليه أسترضيه وأعيده إلي بيته.. طردني وأساء إلي.
ويسألها القاضي.. وبماذا أساء إليك؟.. قالت هو يعلم بماذا اتهمني.. ولأني أعيش بمفردي وبدون زوج , فإنني أخشي علي نفسي الفتنة وأريد الطلاق لأتزوج.
وتضج المحكمة بالضحك.. ويحاول القاضي جاهداً إعادة الهدوء إلي نفسه أولا قبل أن يعيده إلي الحاضرين.. ويدعو الزوج للاقتراب من المنصة ليتقدم الرجل.. وينظر إلي زوجته طويلاً.. في صمت.. ثم يقترب من رئيس المحكمة ويتحدث قائلاً:لقد اكتشفت بعد خمسين سنة من الزواج انني أحببت زوجتي رغماً عن أنفي بتأثير العفاريت.. والجن.. لقد أحببتها بجنون وكانت هي نفسي وقلبي.. وحياتي.. ونور عيني.. ولم أكن أدري أن العفاريت هي التي سلبتني إرادتي للوقوع في حبها.. حبها المجنون المشتعل في قلبي.. زوجتي يا سيادة القاضي اعترفت لي بذلك.. وقد سجلت اعترافاتها علي شريط تسجيل دون أن تدري.. أرجو أن تسمعها وتتأكد تحكي لي فيها عن صديقتها التي تزوجت بزوجها بعد أن عملت له عملاً.. وجعلت العفاريت جارها يحبها بجنون ويتزوجها ويكتب لها كل أملاكه.. حتي اختطفه الموت.. وتخبرني أنها ذهبت معها إلي الساحر الذي سحر لها.. ولكنها تنكر أنها فعلت نفس الشيء وسحرت لي.
وينظر الزوج نحو زوجته.. وهو يقول.. تنكر كما تريد.. لكنها بالتأكيد فعلت ذلك لي أيضاً.. لقد كنت مضرباً عن الزواج قبل أن أراها.. وبعد أن رأيتها.. ومن اللحظة الأولي وقعت في حبها.. آسف من المرة الثانية.. أول مرة رأيتها لم أشعر نحوها بأي شيء.. ثاني مرة رأيتها..كنت كأني أراها للمرة الأولي.. غرقت لشوشتي في حبها.. وتزوجتها فوراً.. وعشت معها رغم عدم إنجابها.. أليس هذا دليلاً علي أنها سحرتني بالعفاريت.
ويعلو صوته أمام القاضي.. ويقول:. إما أن تفك السحر عني.. وبعدها أعود إلي البيت.. أو تحكموا بطلاقها.. وأنا راض عن حكمكم.
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا ظالم.. ويضحك سيادة المستشار.. وهويسترجع ذكرياته ويقول: وأثناء عودة الرجل إلي مقعده انزلقت قدمه.. ووقع علي الأرض.. أسرعت إليه زوجته لتساعده.. فوقعت هي الأخري علي الأرض بجواره.. وكل منهما يحاول مساعدة الآخر علي الوقوف.. وأمام هذا المشهد الإنساني.. استدعيتهما إلي مكتبي بعد أن رفعت الجلسة.. فوجدتهما يتعانقان ويبكيان.. وتنازلت الزوجة عن القضية.. وطلب الطلاق.. وزرتهما عدة مرات في منزلهما بعد ذلك.. حتي اذن الله أن تلحق الزوجة بربها.. بعد أربعة أشهر فقط من طلبها الطلاق خشية الفتنة علي نفسها.. ولحق بها زوجها بعد أقل من أربعين يوماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.