إننا لانعترف بهزيمة كرة القدم ولكن يمكن أن نعترف ونقر بألف نكسة كنكسة 67 مثلا. كرة القدم سحر القلوب وعشق الابدان الباحثة عن السعادة الجسمية إن سألت الناس عنها بمختلف اعمارهم وميولهم يقولون: هي الساحرة المستديرة امامها نعجز وننسي كل شيء حتي الاولاد في المنزل يتركون دروسهم ليشاهدوا المباريات الساخنة، ومن الصعب ان تسمع ان فلاناً اوعلاناً لايعرف في الكرة، حتي الرجل البسيط والفلاح في حقله يتكلم في الاهلي والزمالك ويعرف ابوتريكة والحضري وغيرهما من اللاعبين ويمكن ان اقول إنها اصبحت ثقافة شعب يتكلم كثيرا ولايعمل ويجلس طويلا ولا يمل الجلوس، شعب احب الكسل قدر حبه للحياة، لقد استحوذت اللعبة علي القلوب والعقول حتي النساء فتجد فيهن المائلات المتمايلات يمنة ويسرة يشجعن الاهلي او الزمالك وربما الاسماعيلي واحيانا يصل الحال داخل الاسرة الواحدة الي الخصام والقطيعة وربما يطلق الرجل الارعن زوجته لان ميولها الرياضي يخالف ميوله وقد لايسألها في كثير من الاحيان هل هي صلت الفروض ام لا.. هذا الشيء اصبح في خبر كان.. اما الكرة فهي الطعام والشراب والزاد الذي به يتزود كثير من المشجعين في أيامنا هذه.. ان ما نسمعه عن مشجعي الكرة في العالم يدعو الي العجب والدهشة فكم قتل ابرياء لا ذنب لهم اثناء تدافع الجمهور او اثناء حدوث المشاجرات الطاحنة داخل وخارج المدرجات وربما يكون السبب هو قرار اتخذه حكم المباراة فأثار مناصري الفريق المتضرر والامثلة أكثر من ان تحصي في هذا الصدد حيث كنا بالأمس القريب نشاهد مباراة مصر ضد النيجر والتي انتهت لصالح الخصم صفر/1 وخسر منتخبنا بقيادة الكابتن حسن شحاتة المدرب الوطني المخلص وقامت الدنيا عليه ولم تقعد بسبب عدم توفيقه في المباراة وتكلم العامة والخاصة حتي أصحاب المراكز المرموقة تكلموا وتحدثوا في الأمر كما لو كان امراً مصيرياً.. وامامه تتفاقم مصالح البلاد وتتعرض سيادتها للاهتزاز وعمت الشعب المصري حالة من الحزن لم يحزنها بسبب ارتفاع ثمن الطماطم ونسي الشعب ما حققه المنتخب علي مدار دورات افريقية ثلاث من نصر اهتزت له افريقيا بل العالم كله بقيادة نفس الرجل الذي بين يوم وليلة اصبح مغضوباً عليه من الشعب والنقاد. وهي في النهاية مباراة كرة قدم تقبل النصر والهزيمة لأنها عملتان ووجهان للساحرة المستديرة. إن الشعب والنقاد يريدون المباريات التي تخوض ضد الخصوم مباريات من طرف واحد وجولات نكون فيها منتصرين. إننا لانعترف بهزيمة كرة القدم ولكن يمكن إن نعترف ونقر بألف نكسة كنكسة 67 مثلا لقد اثار مشاعري ما قاله احد مشجعي المنتخب وكان يبكي ويقول: ضاع الحلم وراح الشاب في حالة عدم وعي وكأنما فقد طعامه وشرابه الذي يجري في عروقه، أن الساعات المتواصلة التي يقضيها شعبنا امام التلفاز اثناء اذاعة المباريات قادرة علي صناعة أمة رائدة في كل المجالات ولكن هيهات هيهات بعد ان تفشت في الجسد أمراض واسقام. اذكر حين كنت في الحادية عشرة من عمري وكنت وقتها اشاهد مباراة كرة قدم بين فريقي غزل دمياط والمصري البورسعيدي.. رأيت بعيني سيارة أجرة بورسعيد تدهس بعجلاتها شابا من مناصري غزل دمياط ومات علي الفور وما حدث يحدث كل عام في الإسماعيلية والقاهرة وغزل المحلة بسبب التعصب الاعمي والجهل.