حديث الثلاثاء الأزمة أكبر من بدر يبدو أن الدكتور أحمد زكي بدر .عايز. يحل مشاكل التعليم في يوم وليلة وهذا ما نتمناه ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فإذا كان هذا الحماس والاستعجال ينظر إليه أنه .إيجابي. ويشكر عليه الوزير إلا أن ذلك من الصعب تنفيذه في مواجهة مشاكل أصبحت كالأمراض المزمنة تحتاج إلي وقت طويل للعلاج. فإذا نظرنا إلي أزمة الكتب الخارجية التي تفجرت عقب إصدار وزير التعليم قراراً بمنعها لحين تنظيم عمليات إصدارها حفاظاً لحقوق الملكية ووضعها تحت إشراف الوزارة.. فإننا نجد أنه هدف نبيل وضروري ولا أعتقد أن أي مواطن يعترض علي هذا الإجراء إلا المستفيدين منه. إلا أن المشكلة تكمن في عمليات التناول لمواجهة أزمة عمرها أكثر من 30 عاماً أي مع بداية السبعينيات أو لو شئنا الدقة عقب هزيمة 1967 عندما توقفت الدولة عن بناء المدارس وتراجع اهتمامها بالتعليم فتكدست الفصول وأصبحت المدارس تعمل من الصباح حتي الليل .ورديات.. هذا المناخ أفرز ما عرف بأزمة التعليم بمعناها الواسع الذي مازلنا نعاني من تداعياتها وتأثيراتها علي كل شيء في مصر من سلوكيات وضعف المستوي التعليمي وتخريج مدرسين غير مؤهلين أفرزوا أجيالاً هشة ثقافياً وتربوياً ومهيأة لدعاة الفتنة والانحراف. أزمة التعليم.. كما أري بدأت مع .هزيمة يونيه. وكانت أهم مظاهرها الدروس الخصوصية باعتبارها نتاجاً طبيعياً لعمليات تكدس المدارس وكثافة الفصول التي كانت تصل إلي 50 تلميذاً في الفصل الواحد مثل علب .السردين.. هذا الوضع الجديد بالمدارس خلق ما يمكن أن نطلق عليه .الوجبة التعليمية السريعة. فخرجت الكتب الخارجية.. مثل .الساندوتش. يتناوله التلميذ سريعاً ليسد رمقه وليس مهما ما تحتويه هذه الوجبة. هذه الكتب الخارجية تصدر مختصرة بأسلوب سهل وبسيط.. يحفظه الطالب ويضمن بذلك النجاح. هذا ما حدث خلال أكثر من 30 عاماً وأصبح نمطا سلوكيا وثقافة موروثة داخل المجتمع لم يستطع أي وزير تعليم سابق أن يواجهها، أكثر ما كان يفعله المسئولين السابقين أنهم كانوا يحاربون الدروس الخصوصية والكتب الخارجية بالتصريحات الصحفية فقط. نعم إنها أوضاع مقلوبة فاسدة ولا أتحدث هنا عن الإهدار المالي لأزمة التعليم التي تصل إلي عشرات المليارات من الجنيهات فقط ولكن عما أحدثته من تأثيرات ثقافية واجتماعية خطيرة داخل المجتمع. ومن هنا تبدو صعوبة ولا أقول استحالة ما يقوم به الدكتور بدر.. إن ما يريد إصلاحه ويكافحه ليس مدرسي الكتب الخارجية ودور النشر فقط بل يواجه سلوكيات مجتمع ومن الصعب أن يقوم به وحده فالأمر يحتاج إلي حملة قومية تشارك فيها الحكومة بتغيير كتب المدارس لتصبح جذابة وشيقة والاستمرار في إصلاح أحوال المعلمين من الناحية المالية والتأهيلية والاستمرار أيضاً في بناء المدارس وهناك مسئوليات علي منظمات المجتمع المدني بتهيئة المناخ لبدء منظومة تعليمية جديدة يشارك فيها الإعلام. ومن هنا يمكن القول إن ما قام به .بدر. لن يحل أزمة الكتب الخارجية والدليل علي ذلك أن المواطنين أنفسهم يخرقون قرار المنع ويدعمون دور النشر في السر لشراء الكتب التي زاد سعرها عما سبق.