شجرة الفساد تظلل علي أهل النعيم المقيم في دنياهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بعد أن زرعها الأساطين منذ عهد الفراعنة من قديم الزمان وسقاها النصابون والمنافقون والطبالون والهباشون علي مدي عقود طويلة حتي (تجذرت) وترعرعت فنهب أبناء وأحفاد النصابين والمفسدين ثروة الوطن من الأرض والعقارات والشركات والمصانع والحديد والأخشاب والآثار، التي هي شرف الوطن وتاريخه الحي النابض الضارب في عمق الحضارات جيلاً بعد جيل وياليت سرق أهل الفساد كل شيء حتي الحلم والمشاعر الوطنية والقيم النبيلة فقط بل أصروا علي أن يرتكبوا أبشع الجرائم في سرقة الآثار والتاريخ الماضي والحاضر والمستقبل فنظموا السرقة واتقنوها وهم ينهبون الآثار فحصدوا الملايين وظهرت مظاهر الثراء (الوقح) في جميع محافظات الوطن حتي في ريف مصر الحزين الذي يعاني من نقص الخدمات والبنية الأساسية وامتلك لصوص الآثار الأفدنة والشركات والمصانع والطائرات وطغت علامات الرفاهية والثراء فجأة وبدون مقدمات علي المئات من الهباشين حتي (سال) لعاب الفقراء وهم يتابعون مصادر هذه الثروات فعكفوا ينقبون في بيوتهم بالصعيد والوجه البحري لعلهم يظفرون بقطعة من الآثار لأجدادهم الفراعنة لكي ينعموا أيضاً بالملايين كما ينعم غيرهم فيهربون من دائرة الفقر والعشوائيات والأشرار إلي دائرة الثراء والكبار حتي كانت الصحف تطالعنا بحوادث شبه يومية عن القبض علي مواطنين استعانوا بدجالين للتنقيب علي الآثار تحت بيوتهم في محافظات المنيا والفيوم وبني سويف وسوهاج وأسيوط وأسوان والقليوبية وكانت الحوادث تخبرنا بأنهم فشلوا في العثور علي شيء لأنهم لا يعرفون ولا يعلمون أن للفساد رجاله ولنهب الآثار رجال متخصصون يعرفون قواعد اللعب في البحث والتنقيب والتهريب فكان طبيعياً أن يخطف الهباشون زهرة الخشاش كيف؟ ومتي؟ ومن هم؟ تلك تساؤلات مهمة تجيب عنها الأيام التالية في التحقيقات والمحاكمات الجارية، هو زمن أفرز الهباشين والمنافقين والنصابين حتي فقد الفقراء طعامهم وبات نقوداً سائلة بالملايين أو المليارات في خزائن المفسدين وعلي الفقراء أن يكتفوا (بعض) شفاههم أو يجهزوا قبورهم قبل أن يصاب الموت أيضاً بموجة الغلاء الحارة وهم يشاهدون كيف تسقي شجرة الفساد من دمائهم ومن طحين عظامهم لينعم أهل الشجرة في نعيم دنياهم التي امتلكوها قوة وأثاراً لكنهم في الآخرة يأكلون من شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون فهم إن فروا من القانون وحراسه فلن يفروا من الله وعدله.. هذا هو ملاذهم الأول والأخير بعد أن عجز الرجال عن إطعام أطفالهم الطعام وكساء بناتهم العرايا وستر عوانسهم بسبب البطالة وعجز الحكومة عن توفير شقق للشباب ومحدودي الدخل و(تسكع) ذخيرة الأمة علي المقاهي والنواصي أو لتحاصرهم فرق الوهابية الذين يزعمون أنهم سلفيون أو الإخوان المسلمون أو ليقعوا فريسة لشبكات الدعارة واللواطة أو للإدمان ولتجف دموع الأمهات حزناً علي مستقبل غامض ينتظر بناتهن.. ترعرعي يا شجرة الفساد وأثمري ذهباً للصوص والمفسدين.. يا شجرة الفساد لن تميلي أبداً بفضل المنافقين.. ترعرعي يا شجرة الفساد فإن نامت عيون المعذبين فعين الله لا تنام. وحسبنا الله ونعم الوكيل