من الناس من يصلحون ولايفسدون، ومن الناس من »يسعون في الارض فسادا والله لايحب المفسدين »المائدة 46« هؤلاء الذين يفسدون في الارض يجدون انفسهم في الافساد.. يعيشون فيه ويستفيدون منه.. والذين يتخذون الفساد طريقا.. وسيلة أو غاية.. يؤذون أنفسهم وإن ظنوا انهم بمنأي عن الضرر، ويدعون أنهم مصلحون »قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا« »الكهف 301-401«.. وضلال هؤلاء لايضرهم وحدهم وإنما يضر المجتمع كله، لأن من الناس من يقلدونهم بوعي أو بدون وعي، بإدراك لما يفعلون أو بدون إدراك، ولهذا توعد رب العزة المفسدين بالخزي في الحياة الدنيا وبالعذاب في الآخرة »لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم« »المائدة 33«.. وشر هؤلاء مستطير .. ولو لم يدركهم العقاب الدنيوي فإن عذاب الاخرة في انتظارهم، جزاء إفسادهم في الارض.. والله ينهانا عن الفساد في صوره المختلفة.. ومن ذلك ان نبخس الناس اشياءهم.. كأن نستغل حاجتهم إلي البيع فنظلمهم »ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين« »الاعراف 58«. وصور الافساد في الارض كثيرة، ومن ذلك ان نستغل علاقاتنا او مناصبنا في حصول شخص يهمنا سواء كان من أهلنا أو من غيرهم علي ميزة ليست له بحق، ونحرم بذلك شخصا آخر كانت حقه المشروع، وهذا يفقد الناس الثقة في عدالة المجتمع، فينقمون عليه ولايحسون بالانتماءاليه.. او بعرض رشوة او قبولها لتمرير عملية غير قانونية، او لإرساء عطاء، أو للتهرب من الضرائب، أو للحصول علي رخصة بناء او تعلية طوابق بالمخالفة للقواعد المعمول بها. صور كثيرة لانحصيها عددا من صور الافساد في الارض، مما يورث الشعور بالظلم لدي من سلب حقه أو بسبب عدم الحصول علي ميزة اعطيت لغيره دفع ثمنا لها خارج نطاق القانون، او اتهم ظلما في جناية او مخالفة لإبعاد الشبهة عن الفاعل الحقيقي. تلك الممارسات وأمثالها تؤذي أكثرية الناس لحساب اقلية تفسد المجتمع، وتضعف الثقة في القوانين المنظمة للمعاملات.. والضرر يطال الجميع في نهاية الامر. لو أن الناس كانت تخشي الله، وتدرك انها لو كانت آمنة من العقاب الدنيوي، فلن تفلت من عذاب الله يوم القيامة.. وهو ادهي وأمر من العقاب الدنيوي »ولعذاب الاخرة اشد وأبقي« »طه 721«.. والله يعلم كل صغيرة وكبيرة مما نفعل، ولا يخفي عليه شيء »وإن كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفي بنا حاسبين« الانبياء 74.