نستكمل في مقال اليوم أستعراضنا للأنظمة الانتخابية بحثاً عن النظام الأنسب لنا في مصر وكنا فصلنا مميزات و عيوب كل من الأنتخاب الفردي و الأنتخاب بالقائمة و أنتهينا لسؤال حول ما اذا كان النظام المختلط هو الأصلح ؟ النظام المختلط يجمع بين الأنتخاب الفردي و القائمة معاً متحاشياً العيوب التي ينتجها تطبيق أي من النظامين منفرداً حيث يمكن للفرد الترشيح مستقلاً دون التبعية لأي حزب كأهم عيب في الأنتخاب بالقائمة كما أنه لا يهمل الأحزاب السياسية و دورها البارز من خلال برامجها الأنتخابية كأبرز عيوب الأنتخاب الفردي .. ولكن النظام المختلط بدوره لا يخلو من العيوب إذ يعيبه أولاً شدة تعقيده على نحو يصعب على الناخب البسيط فهمه ، ثانياً مع اتساع مساحة الدائرة الانتخابية في النظام المختلط يكون للقائمة أفضلية غير مباشرة على المرشح الفردي إذ إن أتساع الدائرة يجعل من الصعب على الفرد تغطيتها على خلاف القائمة التي يمكن إنتشار أفرادها في الدائرة و الدعاية للقائمة كاملة ، ثالثاً النظام المختلط له مشاكل عملية كثيرة خلال عمليتي الأقتراع و الفرز من بعدها .. و في حقيقة الأمر فالمتعمق في التاريخ السياسي المصري سيجد أن مصر عرفت الأنظمة الثلاثة جميعها فقد إنحازت مصر للإنتخاب الفردي الفترة قبل صدور القانون رقم 114 لسنة 1983 و قبل القانون رقم 188 لسنة 1986 و بعد صدور القانون رقم 202 لسنة 1990 .. و اختار المشرع المصري الأنتخاب بالقائمة في إنتخابات مجلس الشورى بموجب القانون رقم 120 لسنة 1980 و في إنتخابات المجالس المحلية وفقاً للقانون 50 لسنة 1981 و مجلس الشعب كذلك عرف الانتخابات بالقائمة في ظل القانون 114 لسنة 1983 .. و كان للنظام المختلط النصيب كذلك في التجربة الديمقراطية المصرية من خلال إنتخابات مجلس الشعب في ظل القانون رقم 188 لسنة 1986 و في ظل التعديلات الاخيرة بعد ثورة 25 يناير بموجب القانون رقم 2 لسنة 2013 .. و على الرغم من ان الديمقراطية النيابية في مصر مرت بالأنظمة الثلاثة الفردي و القائمة و المختلط إلا أن ذلك لم يبرز لنا إي تجربة ديمقراطية حقيقة يمكن القياس عليها كنموذج ناجح ذلك من جهة ، و من جهة أخرى فإن مناقشة النظام الأنسب للإنتخابات البرلمانية و تقييم إي منهم الأصلح ستجد معارضي الأنتخاب الفردي يخشون من سيطرة المال على الإنتخابات خاصة مع غياب البرامج السياسية الحزبية مما سيعيد الحزب الوطني أو التيارات الاسلامية للساحة السياسية ،في حين سيرفض معارضي الأنتخاب بالقائمة الاخذ به تخوفاً من التلاعب بمشاعر الناخبين بوضع اسم بارز على قمة القائمة بقصد انجاح القائمة كاملة و كذلك سينتقد مؤيدي النظامين السابقين النظام المختلط لصعوبته على الناخب المصري .. ننتهي مما سبق ان النظام الانتخابي ليس هو السبب فيما تعانيه الحياة السياسية في مصر من أزمة بقدر ما يكون السبب الحقيقي لها هو غياب الوعي السياسي للمواطن المصري .. ذلك الغياب الذي يجب أن يدفعنا دفعاً للتفكير في حلول ثورية أن صح التعبير .. رئيس النيابة ايميل This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.