مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    إكسترا نيوز: مصر تواصل تقديم شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة    الرئيس الأوكراني: سنوقع اتفاقا مع فرنسا غدا لتعزيز القدرات القتالية للبلاد    ضبط صاحب مخبز بكفر الزيات لاستيلائه على 11 جوال دقيق مدعم وبيعها في السوق السوداء    جلسة نقاشية حول مرحلة ما بعد الإنتاج تجمع مراد مصطفى وشريف فتحي ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما    مسئولو «الإسكان» يتابعون ملف التقنين ومعدلات التنفيذ بالأراضي المضافة بالعبور الجديدة    ارتفاع الذرة المستوردة وانخفاض المحلية، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    الإحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية الأحد 16 نوفمبر 2025    اعتماد تعديل المخطط التفصيلي لأرض مشروع «كابيتال جروب بروبيرتيز» بمدينة الشروق    النائب حازم الجندي: الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية تعزز قدرة الدولة على إدارة القطاع الصحي بكفاءة    أمين البحوث الإسلامية يبحث مع رئيس جامعة أسيوط تعزيز التعاون لنشر الوعي بين الطلاب    محافظ الجيزة يشهد فعاليات توزيع شهادات إتمام دراسة طريقة برايل 2025 لمتحدي الإعاقة البصرية    أيمن الجميل: إعفاء السلع المصرية من الرسوم الجمركية الصينية فرصة لزيادة الصادرات وتعزيز القطاعات الاستثمارية والصناعية    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    أبوريدة يجتمع مع منتخب مصر المشارك في كأس العرب    موعد مباراة إيطاليا والنرويج.. والقنوات الناقلة في تصفيات كأس العالم 2026    بدوري الأبطال .. الأهلي ينتظر الموافقة على حضور 50 ألف مشجع أمام شبيبة القبائل    تقارير : زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    إحالة عاطلين بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في روض الفرج للجنايات    ضبط سيدة اعتدت على ابنتها وأصابتها بنزيف بالمخ في كفر الشيخ    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    بمشاركة 46 متدربًا من 22 دولة أفريقية.. اختتام الدورة التدريبية ال6 لمكافحة الجريمة    لإضافة بُعد روحي وتربوي، الجندي يوضح سبب وجود مصطفى حسني في لجنة تحكيم "دولة التلاوة"    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    156 عاما على افتتاح قناة السويس، الممر المائي الذي غير حركة التاريخ    سؤال برلمانى بشأن ظاهرة العجز الصارخ فى المعلمين    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    طريقة عمل صدور الفراخ، بصوص الليمون والثوم    بنين تعتمد تعديلات دستورية تشمل إنشاء مجلس الشيوخ وتمديد الولاية الرئاسية    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    أمام كاب فيردي .. عمر مرموش يحل أزمة الجبهة اليسرى فى منتخب مصر    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    استقرار أسعار الذهب الأحد 16 نوفمبر.. وعيار 21 يسجل 5455 جنيهًا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    ألبانيا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في ملحق مونديال 2026    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمرو هاشم ربيع يكتب: نظامنا الانتخابي في الميزان
نشر في الدستور الأصلي يوم 04 - 10 - 2010

عرفت مصر طوال تاريخها عدة أنظمة انتخابية، ولا يقصد بكلمة أنظمة في هذا المضمار مجرد تحديد شكل النظام الانتخابي، بل هناك أيضًا مشتملات ذلك النظام من أشكال التمثيل والدوائر والكوتة وغيرها. وقد كانت مصر من الدول القليلة التي اتسم نظامها الانتخابي في الآونة الأخيرة بالموزيك، بمعني التنوع الشديد في كل نظام انتخابي، إلي الحد الذي احتار فيه الكثير من المتخصصين في الدراسات الانتخابية، والممارسين للعمل العام من مراقبين ومرشحين ومشرفين وغيرهم، كل هؤلاء عادة ما يرجعون للقوانين والدستور كلما بدأت كل انتخابات تشريعية، بسبب حال اللبس والتداخل الشديد في القوانين، التي تتكيف وتتلاءم مع رغبات النظام الحاكم.
ففي عام 1866 عرفت مصر أول نظام انتخابي بانتخاب أعضاء مجلس شوري النواب في عهد الخديو إسماعيل. وكان النظام الانتخابي المتبع آنذاك، هو النظام غير المباشر الذي تجري فيه الانتخابات علي درجتين، أولاً انتخاب المندوبين، وثانياً انتخاب المندوبين لممثليهم في المجلس. وكان نظام الانتخاب وقتئذ هو النظام الفردي، وقد ظل هذا الوضع حتي عام 1924، عندما أصبح الانتخاب علي درجة واحدة وفردياً. وتأرجح النظام الانتخابي بعد ذلك بين درجة ودرجتين حتي عام 1938، إلي أن استقرت الأوضاع للاقتراع علي درجة واحدة. واستمر الحال علي وجود النظام الفردي وعلي درجة واحدة حتي عام 1983.
ففي أول أغسطس 1983، صدر قانون الانتخاب رقم 114 لسنة 1983، وقد نص هذا القانون علي أن «يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية النسبية، ويكون لكل حزب قائمة خاصة به، ولا يجوز أن تتضمن القائمة الواحدة أكثر من مرشحي حزب واحد، ويجب أن تتضمن كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً للعدد المطلوب انتخابه في الدائرة، وعدداً من الاحتياطيين مساوياً له». وقد جاء هذا النظام الانتخابي مخالفاً للنظام الانتخابي الأول لمجلس الشوري المنشأ عام 1980، والذي جرت انتخاباته بالأغلبية المطلقة التي تعطي للحزب الفائز بالأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة في الدائرة الحق في الحصول علي مقاعد الدائرة كافة، دون الاهتمام بالنسب الأخري التي حصلت عليها القوي السياسية من الأصوات الصحيحة بالدائرة، مهما كان حجمها. وقد رأت المحكمة الدستورية العليا عام 1986 عدم دستورية القانون 114، بسبب ما يؤدي إليه انتخاب أعضاء المجلس بالقائمة النسبية من حجر علي المواطنين غير المنتمين للأحزاب في ترشيح أنفسهم.
وقد أعد قانون انتخاب جديد (قانون 188 لسنة 1986) تشابه مع القانون السابق في تحديد عدد أعضاء المجلس 448 عضواً منتخباً. لكن اختلف معه، إذ أكد أن يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الجمع في كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، ويكون انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية. ويكون لكل حزب قائمة، ولا يجوز أن تتضمن القائمة الواحدة أكثر من مرشحي حزب واحد.
وبذلك حاول المشرع القانوني تلافي عدم الدستورية مع المادة 62 من الدستور، فأعطي المستقلين وفقاً لقانون 188 حق الترشيح. وعلي الرغم من أن هذا التعديل قد جاء وقتئذ بأكبر نسبة من المعارضين في تاريخ البرلمان المصري (100 عضو تقريباً). فإن هذا التعديل كان شكلياً إلي حد كبير، لأنه لم يعط المستقلين سوي مقعد واحد في كل دائرة انتخابية من دوائر الجمهورية البالغ عددها 48 دائرة، وهو أمر لم يتناسب مع الوزن السياسي الضخم للمستقلين. من ناحية أخري، أبقي القانون علي كل سلبيات القانون 114 المتعلقة بفرض القيود علي الأحزاب بشأن الائتلاف فيما بينها. وأبرز هذه القيود، أنه أبقي علي شرط حصول الحزب علي نسبة تقدر ب8 بالمئة من الأصوات علي مستوي الجمهورية، كي تمثل في مجلس الشعب، وقد ثبت أن تلك النسبة كبيرة، وأنها حرمت ممثلي أحزاب المعارضة من دخول المجلس، إذ إنها منعت كلاً من حزبي العمل والتجمع من دخول مجلس 1984، ومنعت الأخير من التمثيل في مجلس 1987 لحصولهما علي نسبة أقل من النسبة المقررة من أصوات الناخبين.
وفي عام 1990، صدر القرار بقانون رقم 201 لسنة 1990، حيث أصبح عدد أعضاء مجلس الشعب 444 عضواً منتخباً، وأصبح نظام الانتخاب هو النظام الفردي، الذي يتيح لكل الأشخاص المؤهلين للترشيح خوض الانتخابات دون أيه قيود. بما ينهي عملياً وجود الأحزاب السياسية في مجتمع نامٍ ما زال يأمل أن تكون الأحزاب السياسية أحد أهم وسائل التنمية السياسية فيه، كما أنه نظام يثير أزمات تتعلق بالبلطجة والعصبيات وتدخل رأس المال، وزيادة فرص الانشقاقات والخلافات الحزبية، علي النحو الذي يحدث داخل الحزب الحاكم كل انتخابات. من ناحية أخري، فإن هذا النظام يتجاهل 49.9 بالمئة من أصوات الناخبين، ويعطي كل مقاعد الدائرة للحاصلين علي 50.1 بالمئة من الأصوات.
وقد حافظ النظام الانتخابي الفردي -كما حافظ النظامان الانتخابيان السابقان- علي ما نص عليه الدستور منذ عام 1964، فيما يخص نسبة العمال والفلاحين. وعلي الرغم من التعريفات العديدة للعامل والفلاح، فإنها شجعت خاصة مع النظام الفردي أن ينسب المرشحون لأنفسهم الجهل والفقر، رغم أنهم من حملة المؤهلات العليا، وذلك كله بسبب ابتعاد عملية الترشيح عن رقابة الأحزاب السياسية التي تقف وحدها علي ترشيحهم في نظام القوائم الخالص.
وبالنسبة لوضع المرأة، فقد تدنت نسبة تمثيلها منذ أن أصبحت مشاركة في البرلمان ترشيحاً وانتخابًا عام 1956، وقد أدي ذلك إلي وضع نظام للكوتة عامي 1979 و1984، لتمثيل المرأة بعدد 31 ثم 30 مقعداً علي التوالي في دوائر مختارة، لكن تلك التجربة فشلت ليس فقط لرفض تقرير مفوضي المحكمة الدستورية عام 1986 مسألة الكوتة، بل أيضًا لعدم جدواها برلمانيًا. وبعد التعديل الدستوري عام 2007، أعطت المادة 62 الحق للمشرع القانوني في وضع نظام للكوتة في مجلسي الشعب والشوري، وبالفعل جري وضع هذا التشريع بمجلس الشعب عام 2009، وهو ما سيطبق في انتخابات 2010، بحيث يتضمن المجلس حكم كوتة تمثيل إجباري ل 64 مقعداً، تشكل فيها المحافظة دائرة واحدة تمثلها سيدتان، باستثناء القاهرة والدقهلية وسوهاج وتنقسم لدائرتين. وهكذا تحول الموضوع للاهتمام بالكم وليس الكيف، وأصبحت المرأة في حالة مارثون لا يقدر عليه السوبرمان، لكون المحافظة الكاملة دائرة واحدة.
وفيما يتعلق بتقسيم الدوائر، فحدث ولا حرج، ففي الدوائر الفردية يتراوح التمثيل، ففي دائرة ك«الطور» بجنوب سيناء نجد أنه يمثلها نائبان، نائب لكل 13 ألف ناخب تقريبًا. وفي دائرة منوف (وهي دائرة أمين التنظيم بالحزب الوطني والتي ترزح تحت وطأة القيد الجماعي في جداول الناخبين) يوجد نائب لكل 180 ألف ناخب!!. ويزداد الأمر سوءاً في دوائر كوتة المرأة، فالمرأة الواحدة تمثل في المتوسط نحو 625 ألف ناخب!!! وبذلك نكون أمام أعجب نظام انتخابي في تاريخ مصر والعالم علي السواء.
وختامًا، نشير إلي الحاجة الماسة إلي نظام انتخابي يفعل الأحزاب السياسية ولا يحرم المستقلين من المشاركة، وهو بالتأكيد نظام مختلط بين النظامين الفردي والقوائم غير المشروطة، وذلك قبل أن نتجه بعد عقد أو أكثر لنظام قوائم خالص وغير مشروط يترافق معه حتمًا تأسيس الأحزاب بالإخطار لا الترخيص، كما أننا في حاجة مؤقتة إلي كوتة ترشيح لا تمثيل، وهي كوتة تعطي المرأة بشكل مؤقت كوتة بوضعها رقم 3 أو 4 علي قوائم مرشحي الأحزاب، إضافة إلي ذلك نحتاج إلي إلغاء نسبة العمال والفلاحين في أقرب تعديل دستوري، وكذلك إلي تعديل تقسيم الدوائر الانتخابية حتي تكون هناك وحدة في التمثيل، أما الهم الأكبر من كل هذا، فهو الحاجة لنظام انتخابي يتسم بإدارة نزيهة وشفافة، وهو موضوع لمقال لاحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.