سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضربة قاصمة للغنوشى ونهاية لحلم الأخونة فى تونس إنتصار سياسي للمشروع الوطني التونسى على مشروع الإسلام السياسي الغريب والمغترب الغنوشى يشعر بالمرارارة ولديه خوف حقيقي من احتمال جرجرة حزبه وقياداته الى القضاء
تلقى تنظيم الإخوان ضربة جديدة فى تونس بعد هزيمة حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشى وذلك بعد الضربة القاصمة التى وجهت للمشروع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين فى مصر والتى أعادت حلم مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا إلى مهده لاسيما عقب أن كشفت الفترة التي سبقت ثورة 30 يونيو عن مخططات ذلك التنظيم الأمر الذي أوجد حالة من الرفض الشعبي فضلا عن القرارات الحكومية والسيادية الحاسمة ضد التنظيم لاجتثاثه من الساحة السياسية وقد أسهمت كل تلك التحركات في تقزيم ذلك التنظيم وتحجيم أنشطته لاسيما في ظل اتباع الحلول الأمنية والقضائية في مواجهة عناصر الإخوان ما أنهاهم من الشارع غير أن عناصر التنظيم قد عادوا مُجدداً إلى مخابئهم ومهاربهم ليواصلوا العمل السري الذي هو سمة رئيسية من سمات ذلك التنظيم، فضلاً عن الاجتماعات الدورية التي تُحاك فيها أعتى المؤامرات ضد مصر، بقيادة التنظيم الإخواني الدولي وياترى ماذا سيكون رد فعلهم بعد هذه اللصفعة القوية فى تونس. من المؤكد أن الإنتصار الساحق للشعب التونسى فى إنتخاباته البرلمانية بعد فوز حركة "نداء تونس " بأغلبية مقاعد البرلمان التى جرت الأحد الماضى جاء بعد أن تمكن الناخبون التونسيون من الحفاظ على مدنية دولتهم وحماية مشروعهم الوطنى ومكاسبه التي تعرضت للتهديد من حركة "النهضة" ذات التوجه الإسلامى بزعامة الإخوانى راشد الغنوشى . ويرى المراقبون أن الانتخابات البرلمانية "أحيت من جديد مسار حركة الإصلاح التونسية التي بدأت مند القرن التاسع عشر بقيادة نخبة متنورة كان لها دور كبير في تراكم مكاسب الحداثة التي قادتها لاحقا دولة الاستقلال بقيادة الحبيب بورقيبة". وأظهرت نتائج عملية فرز الأصوات التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الخميس الماضى أن حزب حركة نداء تونس فازب 85 مقعدا في البرلمان الجديد الذي يضم 217 عضوا في حين لم تحصل حركة النهضة الإسلامية إلا على 69 مقعدا ما بدا "نكسة" للحركة التي استخدمت كل مالديها من طرق وفي مقدمتها المال السياسي لشراء أصوات الناخبين. ولم تكن أعين التونسيين بغافلة عن أنهم تعرضوا لأبشع عملية استخفاف بمكاسب لم تكن لتتحقق لولا نضالات أجيال من المصلحين والمفكرين والفقهاء المستنيرين لكنهم فضلوا مراقبة جرائم النهضة في حق بلادهم إلى حين. وتعالت أصوات خلال سنوات حكم النهضة قيادات الأحزاب والنشطاء محذرة من ان المشروع الوطني لم يتعرض إلى التدمير بمثل ما تعرض إليه من قبل الحركة الإسلامية حتى بدت حركة النهضة وهي تنخر مؤسسات الدولة في مسعى لإنهاكها والتمهيد لمشروع الدولة الإسلامية التي لا تعني شيئا في أذهان التونسيين. لم تكن النهضة تمتلك من الوعي السياسي ما يجعلها تقتنع بأن التونسيين ما زالوا مشدودين لعناوين المشروع الوطني ويرون فيه الخيط الرفيع الذي يوحد التونسيين مهما كانت خلفياتهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية وأن الاقتراب من المكاسب وفي مقدمتها الولاء للدولة المدنية ونخوة الانتماء إليها هو خط أحمر "من يقترب منه يحترق". وعلى الجانب الآخر روجت النهضة لمشروعها الإسلامي أمام التونسيين المتمسكين بهويتهم العربية الإسلامية مستخدمة شعارات واهية وفاقدة لأي محتوى سياسي مثل الشعار الاخواني الشهير "الإسلام هو الحل" الذى إستخدمته فى مصر دون أن تقدم رؤية واضحة عن أي إسلام تتحدث ولا عن أي حل تقصد. وبرز نداء تونس كحركة تحمل راية المشروع الوطني حامية لقيم الجمهورية ولمدنية الدولة ولحرية المرأة ومدافعة عن الوحدة الوطنية بين كل التونسيين بعيدا عن أشكال تقسيمهم إلى مسلمين وعلمانيين مثلما كان يردد راشد الغنوشي. وبدت الانتخابات البرلمانية صراعا بين مشروعين متوازيين لا يلتقيان على حد تعبير قائد السبسي زعيم حركة النداء ولأن التونسيين يعون جيدا أن خطر مشروع النهضة زج بالبلاد في أزمة خانقة مرشحة إلى أن تنسف من الأساس عملية الانتقال الديمقراطي فقد هبوا لإنقاذ البلاد من دولة دينية استبدادية قادمة غير عابئين بالخطاب السياسي المزدوج لحركة النهضة فهنيئا لشعب تونس الواعى والذى تمكن من الحفاظ على مكاسب شعبه . وقال زعيم حزب نداء تونس الباجي قائدالسبسي صراحة"لن نتحالف مع النهضة" في تشكيلة الحكومة القامة ل"أنني لا أؤمن بالإسلام السياسي" وشدد على أنه يعمل على بناء دولة القرن 21 "فيما تسعى النهضة إلى العودة بتونس إلى القرن السابع". ولاحظ قائدالسبسي في حوار أجرته معه صحيفة "لوبوان" الفرنسية "إنه ليس في خيارات حزبه تشكيل حكومة تونسية مع إسلاميي حركة النهضة وقال "إن خيارات حزبنا تصب في تشكيل حكومة ائتلافية مع الأحزاب الديمقراطية التي نتقاسم معها المرجعية الإيديولوجية والتوجهات السياسية الوطنية". وأرجع قائد السبسي قراره بعدم التحالف مع النهضة في حكومة ائتلافية إلى "عدم إيمانه بالإسلام السياسي" قائلا "لا أؤمن بالإسلام السياسي وأنا مع دولة القرن 21 التي ظلت دولة شعب مسلم مند 14 قرنا تونس تمارس الإسلام المعتدل مع مدارس القيروان والزيتونة". وشدد على أن "الإسلام السياسي ليس سوى حركات سياسية تستعمل الإسلام للوصول إلى السلطة" ولاحظ "زراعة النهضة لم تؤت ثمارها في النداء نحن معتدلون ولسنا متطرفين". وخلال الحملة الانتخابية وحتى قبلها أطلق قائد السبسي النارعلى النهضة في معاقلها التقليدية وخاصة في الأحياء الشعبية واصفا إياها ب"الحركة التي لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بمدنية الدولة وهيبة مؤسساتها". وأرجع السبسي عزوف مليون ناخب على التصويت في الانتخابات البرلمانية إلى "خيبة أمل الشعب التونسي في السياسة التي مارستها حركة النهضة خلال فترة حكمها عامي 2012 و2013. وتحدث زعيم نداء تونس عن أولويات النداء خلال المرحلة القادمة مؤكدا أنه "سيعمل على تحقيق النظام العام أولا لا بد من إعادة الأمن والقضاء على الإرهاب بعد غياب الدولة مند أعوام عديدة ولا بد من أن تستعيد الدولة هيبتها لا سيما أن لتونس تقاليد الدولة الراسخة إدارة الدولة وثقافتها وعلينا أن نستعيد دولة الحقوق والحريات". وأضاف "عندما حكمت في أعقاب الثورة استطعت أن أعول على إدارتنا لكن مع الحكومات التي حكمت فيما بعد أدت التغييرات والتعيينات القائمة على المحسوبية إلى تقويض الدولة" في إشارة واضحة إلى حكومة النهضة التي عملت على تدمير مدنية الدولة. ووصف قائد السبسي الوضع الاقتصادي ب"السيئ جدا" مشددا على أن الأزمة متعددة الجوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية. وقال "نحن في حاجة ماسة إلى تعبئة داخلية وخارجية ولا بد من استقرار أمني وسياسي حتى يستطيع الاقتصاد الانطلاق". وبخصوص علاقات تونس الخارجية قال قائدالسبسي "علينا أن نعيد بناء علاقاتنا مع العالم العربي وبلدان الخليج واتباع سياسة معتدلة". وقالت مصادر قيادية في النداء إنه "مع عدم فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة فان نداء تونس سيسعى إلي تشكيل حكومة ائتلاف حزبي يقودها الأمين العام الطيب البكوش". وقال سياسيون إن فوز نداء تونس على حركة النهضة لا يمكن اختزاله في عدد المقاعد التي تحصل عليها "لأنه انتصار سياسي للمشروع الوطني التونسي على مشروع الإسلام السياسي الغريب والمغترب". ويشير هؤلاء إلى أن الناخبين التونسيين لم يتعاطوا مع الانتخابات على أنها مجرد "حدث انتخابي" عادي وعابر بل تعاطوا معها على أنها "معركة سياسية" ولكن عبر صناديق الاقتراع معركة سياسية بين مشروعين متباعدين إلى حد التناقض وصفهما قائدالسبسي وصفا دقيقا حين قال إنهما "خطان متوازيان لا يلتقيان إلا بإدن الله فإن التقينا فلا حول ولا قوة إلا بالله". وترى غالبية التونسيين في فوز نداء تونس "عودة لروح المشروع الوطني" الذي كان بدأه الوطنيون مند منتصف القرن التاسع عشر ومنه استلهمت الحركة الوطنية جذوة النضال ضد الاستعمار، وعلى أساسه خاضت دولة الاستقلال بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة تجربة تحديث الدولة والمجتمع. أما زعيم حركة النهضة الاسلامية في تونس راشد الغنوشي فيقول انه يخشى من عودة الاستبداد الى مهد الربيع العربي متعهدا بأن حزبه سيكون حارسا للدستور وللحريات وحقوق الانسان. وفي حين يمكن أن يفهم من هذا التحذير نوعا من الاتهام المبطن الجاهز لحزب نداء تونس ردا على رفضه الذي يبدو محسوما ولا رجعة فيه للتحالف مع حزب النهضة علق عدد هائل من ممثلي المجتمع المدني والقوى السياسية الحداثية في تونس على مخاوف الغنوشي المزعومة بالقول إن زعيم إخوان تونس يبدو من خلال هذا التصريح ك"المريب الذي يكاد يقول خذوني" إذ ان خوفه الحقيقي يبدو من احتمال محاسبته وحزبه حسابا عسيرا يليق بالجرائم التي ارتكبها الاسلاميون خلال ثلاث سنوات من حكمهم عاش فيها اغلب التونسيين حالة من الرعب وفقدان الأمل بالمستقبل. وقال الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة في مؤتمر صحفي "هناك مخاوف في البلاد من عودة حكم الحزب الواحد والهيمنة على الإدارة ومؤسسات الدولة". ويقول محللون في علم النفس السياسي إن الغنوشي يعبر في حقيقة الامر عن خيبته وشعوره العميق بالمرارة من نهاية حلمه بسيطرة حزبه على مؤسسات الدولة التونسية وأخونتها بشكل تدريجي وهو الحلم الذي فهم من تصريحه الشهير في أحد الفيديوات التي كان يدعو فيها بعض عتاة الشباب السلفيين للتدهئة مؤكدا لهم ان الوقت لم يكن يسنح باي تحرك عنفي لأن "الأمن والجيش ليسا بأيدينا". كما يعبر تصريح الغنوشي ايضا عن خوف حقيقي من احتمال جرجرة الحزب الاسلامي وقياداته الى القضاء وهم الذين تنظرهم مواجهة أكثر من قضية جرمية اركبوها أثناء حكمهم لتونس. وتعهد قادة بارزون لنداء تونس وفي الجبهة الشعبية بملاحقة الكثير من قادة النهضة على مسؤولياتهم المباشرة في مقتل لطفي نقض القيادي الراحل بنداء تونس في محافظة تطاوين بالجنوب التونسي مهما طال الزمن.