تحدثت فى مقال سابق لى منذ حوالى عام تقريبا عن ظاهرة حوادث الطرق التى سيطرت ومازالت تسيطر على الطرق المصرية ومخاطرها على السلم الاجتماعى و الامن القومى والواقع الان اصبح اسوأ بعدما زادت الحوادث بشكل اكبر ومبالغ فيه هذا العام مما قد يتسبب فى عواقب وخيمة على الوطن وامنه وسلمه واقتصاده فما اكثر الاسر التى تشردت بعد وفاة مصدر رزقها الوحيد فى مثل هذه الحوادث واغلبهم من الفقراء اصحاب الاعمال البسيطة وبدون تأمينات او معاشات والتعويضات لا تكفى لاعانة الاسرة لعام واحد فماذا هم فاعلون ؟ فيكاد الان وبصفة مستمرة لا يمر يوما واحدا دون ان نسمع او نقرأ عن حادث طريق تسبب فى وفاة واصابة العديد بالاضافة الى العديد من الحوادث التى تحدث كل ساعة ولا يلتفت اليها الاعلام فالمواطنون جميعا يخرجوا من منازلهم يوميا كل فى طريقه ليؤدى عملا ما وليس هناك خيار ثانى سوى ركوب مركبة للزهاب الى وجهته وهنا تكمن المأساه اذ قد يكون هذا الخروج هو الاخير فى حياه المواطن حيث يكون الموت فى انتظاره على الطريق ولقد جاء شهر اكتوبر الحالى لتتكرر المأساة بشكل عنيف وتشهد مصر مجموعة من الحوادث الاليمة التى هزت الراى العام وراح ضحيتها العشرات والغريب ان مثل هذه الحوادث تتكرر يوميا والاغرب ان الاسباب لوقوعها لدى المسئولين دائما واحدة واولها اما السرعة الجنونية او تهور السائقين خلاف تعاطيهم للمواد المخدرة او خلل فى المركبة او سوء الاحوال الجوية نعم كل هذه اسباب منطقية ولكنها ليست السبب الوحيد فى كل الحوادث فهناك عوامل اخرى هامة ومؤثرة فى حوادث الطرق ولابد من الاعتراف بها حتى يتم البدء فى حل المشكلة والحد منها فالجميع يعلم ان عناصر منظومة المرورهى البشر، والطرق، والمركبات وكل هذه العناصر تحتاج الى اعادة التأهيل والعلاج الفورى وليس البشر فقط او المركبات فقط وايضا ليست الطرق فقط بل الثلاثة يمثلون مثلث متكامل ومترابط فلابد من التخطيط الهندسى الجيد للطرق الحديثة وبالنسبة للقديمة فلابد ان تعدل لتستوعب ازدياد كثافة السيارات عما كان عليه منذ سنوات و صيانتها ومتابعتها وتوفير الانارة الجيدة لها او زرع عيون القط بها وكذلك وضع علامات ارشادية واضحة وعلى مسافات مناسبة فى الطريق وازالة اى مخلفات تعيق حركة السيارات على الطريق و كذلك يجب تحديث مزلقانات القطارات التى تسببت فى العديد من الحوادث وحوادثها دائما ما تكون دامية كما يجب ان تفعل ويزداد اعداد دوريات المرور على الطرق السريعة لتحافظ على انضباط الطريق و محاسبة المخالفين وتغليظ العقوبات على من يسير عكس الطريق وازالة السيارات التى تقف فى الطريق لاى سبب وهذا تحديدا بات وضع شائع على الطرق السريعة كما ان الرقابة على الطرق ستمنع قيام بعض الخارجين على القانون بوضع عوائق على الطرق السريعة ليتفاجئ بها سائق المركبة ولا يستطيع التحكم فى السيارة لسرقته او سرقة سيارته ولا يهمهم ان كان حى او ميت كما يجب توفير سيارات اسعاف على مسافات متقاربة فى الطرق السريعة لتستطيع نقل المصابين واسعافهم فور وقوع الحادث لان معظم المصابين يلقون حتفهم لعدم وصول سيارات الاسعاف اليهم فى الوقت المناسب او لان اصابتهم تكون خطيرة و لا تستطيع المستشفيات القريبة من مكان الحادث اسعافهم بالصورة المطلوبة . نحن لا ننكر ان العامل البشرى من اهم اسباب الحوادث ولكنه ليس الوحيد ومع ذلك اين الرقابة عليهم فى الطرق فلابد من ان تكون هناك رقابة على كل الطرق المصرية وخصوصا الطرق بين المدن الكبرى و تشديد العقوبة على المخالفين واذا كانت السيارات هى السببب فلماذا تمنح التراخيص لها لتستمر فى السير وتحصد ارواح الابرياء اذا فالعومل كثيرة والحلول موجودة فما يقدمه الخبراء او الدراسات السابقة كافية للحد منها ففى عام 2012 خرجت لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشورى المنحل بتوصيات للتقليل من الحوادث، منها إحياء المجلس القومى للسلامة على الطرق، ويشكل من الوزراء المختصين وعدد من المتخصصين من أساتذة الجامعات وممثلين عن المجتمع المدنى، وتكون له ميزانية مستقلة ويكون مصدر تمويلها من طوابع تفرض على تراخيص السيارات ,وكذلك إصدار تشريعات أكثر تشددا على المخالفين ،وتحسين اداء منظومة المرور و ضرورة إقامة محطات لفحص المركبات فنيا،بالاضافة الى تحسين الطرق و الكشف الدورى على السائقين ، وهذه الاقتراحات لن تحل المشكلة فى يوم وليلة ولكن مع تطبيقها وبمرور الوقت على الاقل سنصل الى المعدل العادى مثلنا مثل كل الدول فى نسبتها المئوية السنوية لمثل هذه الحوادث فقد تخطت مصر كل النسب العالمية فى حوادث الطرق وما ينتج عنها من قتل او اصابات لدرجة انها وصلت الى 30 ضعف النسب العالمية و جعلت حوادث الطرق وما ينتج عنها أخطر على مصر من الحروب او الارهاب ويكفى ان نعرف ان ضحايا جوادث الطرق فى مصر قد وصل الى 70 الف قتيل ومصاب فى العام الواحد ومصر فى حربها عام 73 فقدت اقل من 10 الاف شهيد اى حوالى اقل من 15 % من ضحايا حوادث الطرق فى عام واحد فلابد من محاربة هذه الكارثة والتى اراها تدخل ضمن مقتضيات الامن القومى بل ان تقاعس اى مسئول عن مجابهتها يعتبر خيانة للوطن خصوصا وان هذه الحوادث تتسبب فى خسارة ما يقارب من 25 مليار جنيه سنويا This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.