فياللقاءات التي يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع مسئولين من ليبيا والسودان بالقاهرة تأتي في إطار تخوفات النظام المصري من العلاقةالوثيقة التي تربط بين السودان والجماعات المسلحة في ليبيا حيث تعمل حكومة البشير علي احتضان الأذرع المسلحة، لتيارات الإسلام السياسي في ليبيا والتي تم تضييق الخناق عليها نتيجة الدعم اللوجيستي والمادي الذي تقدمه أطراف دولية لقوات اللواء حفتر قائد عملية الكرامة الليبية في مواجهة عملية فجر ليبيا. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، استقبل بالأمس عبدالله الثني رئيس وزراء ليبيا الذي تم تعيينه من قبل البرلمان الليبي، واستقبلت القاهرة اليوم وزير الخارجية الليبي الذي أجري مباحثات مع نظيره المصري سامح شكري حول العديد من القضايا الثنائية، بالإضافة إلي اللقاءات التي جمعت وزير الخارجية المصري سامح شكري مع وزير الخارجية السوداني علي كرتي. وقالت المصادر -التي طلبت عدم ذكر اسمها- إن الموضوعات التي تم طرحها علي مائدة التفاوض بين السيسي والمسئول الليبي تجاوزت مسألة العلاقات التجارية ودعم التعاون الثنائي والصفقات التجارية الي تدريب عناصر الجيش الليبي وفتح مقرات تدريب لهم بالقاهرة، بالإضافة إلي مناقشة أهم الملفات وهي إطلاع السيسي علي نتائج الحوار الذي جمع بين الفرقاء الليبيين في مدينة غدامس الليبية والذي جمع المؤيدين والمقاطعين لجلسات البرلمان الليبي. وكان الاجتماع الذي عقد بمدينة "غدامس" الليبية جرى ترتيبه بمعرفة ورعاية الأممالمتحدة في نهاية الشهر الماضي، قد تناول مجموعة من النقاط التي تمثل في نظر كثيرين خارطة سياسية، تعترف بمجلس النواب في طبرق، كطريق لحفظ ماء وجه الأعضاء أمام الرأي العام المحلي، شرط أن يشرف "مجلس نواب طبرق" على انتخابات برلمانية مبكرة على أسس جديدة، يتم بمقتضاها إلغاء القوانين والقرارات التي اتخذها المؤتمر الوطني العام واعتبرتها قطاعات شعبية في ليبيا مستفزة. ويبدو أن الأوضاع في ليبيا تمثل صداعًا في رأس النظام المصري بسبب ماتمثله دولة الجوار هذه من خطورة علي الأمن القومي لمصر من خلال المساحات الحدودية الواسعة التي تستخدمها الجماعات المسلحة وجماعات التهريب، ويمكن الاستفادة منها كمعسكرات تدريب، وتمثل نقطة انطلاق للعديد من العمليات التخريبية بسبب صعوبة السيطرة عليها، كما أن الأوضاع علي أرض الواقع في ليبيا تطرح العديد من علامات الاستفهام حول قدرة الحكومة الليبية برئاسة عبدالله الثني علي ضبط الأمور وتوجيه الجماعات المسلحة، الأمر نفسه ينطبق علي حكومة عمر الحاسي التي اختارها المؤتمر الوطني كممثل للشعب الليبي، وهل لديها القدرة علي توجيه وضبط الجماعات المسلحة في طرابلس أم لا؟. وقال عز العرب أبو القاسم مدير مكتب الإعلام الخارجي بالمجلس الأعلى للقبائل الليبية، إن قدرة الحكومة الليبية على تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه على أرض الواقع مشكوك فيها، لأنها لا تملك السيطرة على الجماعات المسلحة، داعيًا الحكومة المصرية إلى تفهم هذه النقطة والعمل على فك ألغازها. وأكد أبو القاسم أن من أهم الملفات التي طرحت على مائدة الحوار بين السيسي والثني، تدريب عناصر من الجيش الليبي وفتح مراكز تدريب لهم بمصر، ومناقشة سبل الدعم الممكن لدرء مخاطر الإرهاب وتأمين الحدود، والتي تعتبر بالنسبة إلى مصر خطيرة على أمنها القومي، مشيرا إلى أن أهم النقاط التي جرى التباحث حولها، وضع مدينة الكفرة على الحدود السودانية – المصرية - الليبية، والتي تمثل بالنسبة إلى القاهرة صداعا مؤلما، حيث يتم تدريب المسلحين هناك، ويتلقون أشكالا مختلفة من الدعم من جهات مختلفة. وتبدو عملية دخول الجزائر على خط الأزمة الليبية، من أهم الملفات الغامضة في الأزمة الليبية حاليا، ويلف الالتباس مصير مبادرتها، التي أعلن عنها مؤخرا بصورة غير رسمية، فضلا عن عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى موعد اللقاء المنتظر في الجزائر بين الفرقاء الليبيين، والغضب المكتوم الذي يخيم على مواقف بعض دول الجوار جراء الحديث عن مبادرة جزائرية مدعومة من فرنسا. ناهيك عن وضع السودان في الأزمة، والتي تعتبر من أهم عناصر الإرباك حاليا، عقب تردد معلومات قوية عن دعم الخرطوم لجماعات ليبية مسلحة، وقيامها باستيعابهم وتدريبهم داخل الأراضي السودانية. وأكدت مصادر دبلوماسية أن بعض دول الجوار تتحفظ على الطريقة التي تدير بها بعض الجهات ملف المصالحة الليبية، بسبب الإصرار على مشاركة ميلشيات مسلحة، هي في نظر قوانين بلادها تندرج ضمن الجماعات الإرهابية، في إشارة إلى جماعة الإخوان، وهو ما يسبغ عليها اعتراف بشرعيتها ويضع دولة مثل مصر في حرج وتناقض بالغيْن. وقال هاني خلاف، السفير المصري في ليبيا سابقًا إن أهم القضايا التي ناقشها الرئيس السيسي وعبدالله الثني، كانت مسألة كيفية التعامل مع الدور السوداني ومدى إمكانية فتح حوار مع حكومة البشير لإنهاء الأزمة، وكيفية الوصول إلى صيغة ترضي جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن مصر تركز جهودها في المنطقة الشرقية، بينما المفروض أن تعمل في كل أنحاء ليبيا، وتستضيف جميع ألوان الطيف السياسي. علامات استفهام عديدة تطرحها الأزمة الليبية حول قدرة النظام المصري علي استيعاب التعاطف السوداني لحكومة البشير مع تيارات الإسلام السياسي الهاربة من مصر وليبيا، بالإضافة إلي وضع العلاقات المصرية الجزائرية –لاسيما- بعد دخول الجزائر علي خط الأزمة، باعتبارها إحدي دول الجوار وطرحها لمبادرة بالتوازي مع المبادرة المصرية، وهل هي مكملة لها أم تعمل بشكل منفصل؟..وهل لدي القاهرة أوراق ضغط يمكن التعامل بها مع حكومة البشير؟.