على مدار الأيام الماضية أثار تعقيب المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بمحاكمة القرن ردود أفعال عاصفة بين أوساط الشباب ومواقع التواصل الاجتماعية لما تضمنه هذا التعقيب من وصف ضمني لثورة 25 يناير على أنها مؤامرة مسبقة التخطيط. ما قاله المتهمون في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير فيما يتعلق بتلك الأخيرة لا يختلف كثيرا عما يروج له مقدمو برامج توك شو عدة، ألا وهو أن الثورة لم تكن ثورة بل كانت تدبيرا من جهات خارجية بالتعاون مع جماعة الإخوان من أجل إسقاط البلاد. يرى المهندس حسام الخولي سكرتير عام حزب الوفد إنه من حق المتهمين الدفاع عن نفسهم ولكن في المقابل أيضا من حق المشاهد المصري أن يزن الأمور بنفسه، مقرا بتعرض ثورة 25 يناير لكثير من التشويه وهو ما يصفه بأنه ضد المنطق ومصلحة البلاد. وتابع: "لقد عاشت مصر 40 سنة من الفساد، فكيف نحاكم هؤلاء على اتهامات هلامية كتلك والمنطق كان أن يحاكموا على الفساد السياسي والاقتصادي وتزوير انتخابات وإرادة الشعب طوال40 سنة وهو ما يحاول السيسي أن يصلحه حاليا". وشرح الخولي أنه بدا وكأن الأحوال ساءت بعد 25 يناير ولكن الحقيقة أن الأمور اتضحت وبرزت على السطح بعد الثورة في ظل انهيار التعليم والصحة فقد تعمق سوء الفهم والخلط بين الثورة والفساد الذي كشفت عنه. وتابع مستنكرا: "كيف يمكن النظر إلى ثورة يناير على أنها مؤامرة.. أنا شاركت فيها وكنت أعلم أنني سأتعرض للتنكيل عقب المشاركة والحمد لله أنا من عائلة ميسورة الحال وبالتالي لم أكن محروما من العدالة الاجتماعية وغيري كانوا كثيرين ومستحيل كل هذه الأعداد شاركت في مؤامرة حرق الأقسام وتهريب المساجين". واختتم: "البعض حاول استغلال الظرف الثوري لصالحه مثل الإخوان وأمريكا التي كانت تسعى لتطبيق نظرية الفوضى الخلاقة وساعدت في وصول الإخوان للحكم لحل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال الوطن البديل في غزة وسيناء وجعل مصر منطقة جابة لإرهابي باكستان وبالتالي تتحول مصر إلى منطقة حروب واقتتال داخلي". أما الدكتور شادي الغزالي حرب الناشط السياسي وعضو مكتب الشراكة الثوري فيؤكد وجود حملة في الإعلام تتم تحت مرأى ومسمع من أجهزة في الدولة وحاصلة على ضوء أخضر مستمرة من شهور في تشويه ثورة 25 يناير في تناسق وتناغم مع تمهيد إعلامي وتصادف كل هذا مع مرافعات متهمي محاكمة القرن. وتابع: "أعتقد أنه حتى الاعتراف بثورة يناير الوارد بالدستور سيكون مجرد حبر على ورق لأنه لا يوجد إشارات على التزام الدولة بمبادئ هذه الثورة والدليل على ذلك أن الأوساط التي كانت تعبر عن 25 يناير مثل باسم يوسف تم إخراسها في الوقت الذي تزيد فيه الأصوات التي تهاجم 25 يناير. ويعتقد الغزالي حرب أن الحل في مواجهة هذا التشويه هو عدم فعل أي شئ وترك الأمر بيد الشعب نفسه وربما لا يأتي الرد في شهر أو اثنين ولكنه سيأتي عندما يشعر أن تضحياتهم في الثورة ذهبت هباءً. أما وفاء المصري المحامية ونائب رئيس حزب الكرامة فأكدت أن تعقيب المتهمين جاء بمثابة الفرصة لكل رجال دولة مبارك لتشويه ثورة المصريين في يناير في محاولة منهم لإقناع الرأي العام ببراءتهم وخاصة أن الوضع العام لدى المصريين يؤشر لحالة إحباط عام وعدم تنفيذ مسارات الثورة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضا. وناشدت المصري الإعلام ألا يلعب هذا الدور لأن الثورة هي علم أصبح يوثق ويؤرخ في كل دول العالم بأن خروج الملايين للاحتجاج على نظام حكم فاسد ومستبد هو بالأساس واليقين ثورة شعبية بكل المقاييس وأن رجال مبارك حاولوا استغلال الوضع الأمني الذي لم يستقر إلى الآن لإقناع الرأي العام بأن ما حدث ليس ثورة. واختتمت: "أتصور أن وعي المصريين سيتجاوز هذه الآلة وعلى القوى السياسية أن تقوم بدورها في هذا الإطار ولا تستغرق في عملية التحالفات التي لم تنجح فيها وأن المعيار الرئيسي هو الوعي الحقيقي عند الشعب المصري".