بقلم: المستشار الدكتور محمد الدمرداش ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً .. صدق الله العظيم .. انسابت كلمات هذه الآية إلى مسمعي بهدوءٍ لا يُضاهى .. كلما صافحت هذه الآية قلبي أحس وكأنني أسمعها لأول مرة.. في كل مرة توقظ داخل القلب شلالً من الحب والتبتل وانتظار فيوضات الرحمة الإلهية ..فقط أنصت .. تأمل معناها.. يا الله.. ما أرحمك بنا . تدبر في الحديث الشريف : جعل الله الرحمة مائة جزء، أنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه . الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء . تأمل قول رب العزة في الحديث القدسي :إن رحمتي تغلب غضبي. تدبر ؛ كم مرة يسّر لنا الله عز وجل طاعة ً ؟ وكم مرة عسّر علينا معصية وأبعدها عنا ؟ تدبر ؛ كم مرة كان بيننا وبين الموت بضعة شعيرات فأنجانا برحمته ؟ كم مرة ابتُلينا بكربٍ عظيم لم نعلم الحكمة منه إلا بعد سنوات ؟ تدبر ؛ كم مرة يسّر الله عز وجل لنا سبُلاً لأمور ٍ كنا نشعر أنه يستحيل علينا تحقيقها فأتانا التيسير من حيث لم نحتسب ..؟ تدبر ؛ كم مرة سمعنا أو قرأنا عن قصة رجل أخّره نومه عن موعد الطائرة فغادرت المطار قبل أن يصل.. فحزن لذلك واشتد همّه فإذا به عند المساء يسمع خبر سقوط تلك الطائرة التي كان سيستقلها ؟ الحمد لله على نعمة الرحمة التي يغمرنا بها جل في علاه.. ستمتلئ حمداً حين تتدبر في فيضٌ من الرحمة التى تُصب علينا كل يوم .. فهلا استشعرت هذه الرحمات التي تحيط بنا وشكرت هذه النعمة ؟ هل استشعرت رحمة الله بنا حين جعل كل أعمال المؤمن لا تنقطع بعد وفاته.. بل جعل الدعاء والصدقة تصلان ميزان حسناته.. فتكون له رحمة من الله جل في علاه.. وبنفس الوقت تكون سلواناً لمن فارقه من أهله وأحبابه.. تثلج صدورهم وتشعرهم بشيء من الاطمئنان على من فارقوا . هل استشعرت رحمة الله عز وجل بنا حين يرسل لنا رسائل بسيطة المبنى عظيمة المعنى تهز كياننا وتغيّر مجرى حياتنا من الخطأ إلى الصواب وتوقظ نفوسنا الغافلة .. فمن تلك الرسائل : موت قريب أو صديق .. حادث .. خبر مؤثر .. كلمة نسمعها في محاضرة.. والكثير الكثير من الرسائل الربانية التي تصلنا فتحدث نقلة نوعية في حياتنا.. حتى همومنا وجراحنا ما هي إلا هدايا القدر .. أرسلها لنا الله عز وجل لكي تكون كفارة ً لذنوبنا في الدنيا.. لو تأمل كلّ منا ما حوله لوجد رحمة الله عز وجل تحيط به من كل جانب.. فسبحان من أجرى لهاجر زمزما بين الرمال القاحلة.. وسبحان من ساق الهداية لأهل سبأ من خلال هدهد .. فقط ثق برحمة الله انها تحوطك وترعاك .. حينها سيطمئن قلبك . فسبحان الرحمن الرحيم ..