أصبح من المعتاد أن تسمع آراء بأن ثورات الربيع العربى كانت نقمة وليست نعمة بل بدأت تظهر تلك الآراء والتصريحات على شاشات الفضائيات أى أن الأمر لم يعد سراً يأتى هذا على خلفية ما يعيشونه أو يشاهدونه فى مصر وليبيا واليمن وحتى تونس من فوضى وعدم استقرار وقتل وعنف فى الشوارع. أصبحت الفوضى والعنف لصيقة بالثورات بل امتدت الإتهامات إلى أكثر من ذلك حتى وصلت إلى أنها مؤامرات خططها الأمريكان وأسرائيل.. ولم تعد هذه المقولات مقصورة على رجل الشارع بل تجد مثقفين وبعضاً من النخبة يتحدثون عن ذلك وفى أيديهم أوراق يشيرون إليها ويدللون بها زاعمين أنها وثائق تؤكد بأن ما يحدث لا يخرج عن كونه مؤامرات تستهدف تمزيق وتقطيع أواصد البلاد وغرس الفرقة والانقسام بين الشعب داخل كل دولة.أين الحقيقة؟ أنا لا أذهب إلى البحث عن أوراق أو تصريحات قيلت هنا أو هناك لأثبت بها وجهة نظرى التى تخالف ما يردده البعض كما ذكرت فى هذه السطور.. لأن هذه الأوراق لم يتم تقييمها من جهات محايدة أو بحثية لتؤكد أنها وثائق تؤكد ما تتعرض له أنه مؤامرات وليست ثورات.. وأن التشكيك فيما ذهب إليه هؤلاء وارد وقد يكون مقبولاً خاصة أن الصهيونية العالمية وقوى الضغط اليهودية ضد هذه الثورات تصب فى غير صالح أسرائيل وإنها أنهت حالة التوافق العربى الإسرائيلى الذى بدأ تدشينه فى أتفاقية كامب ديفيد وإنها أى هذه الثورات أفرزت قوى ثورية فى مقدمتها الشباب ضد الدولة الإسرائيلية والولايات المتحدةالأمريكية باعتبارها السند الأساسى والداعم الأول للدولة العبرية وليس هناك أدل على ما نقوله من المظاهرة الحاشدة والغاضبة أمام السفارة الإسرائيلية والتى وصلت إلى اقتحامها ومغادرة سفيرها بالقاهرة إلى تل أبيب وأيضاً أمام السفارة الأمريكية وراح ضحية هذا الهجوم دبلوماسيون أمريكان.. إذن المتضرر الرئيسى من هذه الثورات هى إسرائيل ومن ثم وعبر تحكم اللوبى اليهودى فى الإعلام بدأ مخطط استهداف ثورات الربيع العربى بالتشويه والطعن فى من قاموا بها وتصويرها على أنها مؤامرة. إلا أن هناك سبباً آخر يتعلق بشعوب هذه الدول ومدى سيطرة حكامها على مواطنيها.. حيث جلسوا عقود طويلة أقلها 300 عام كرسوا حكم الفرد فيه ومنعوا تداول السلطة ولم يكتفوا بذلك بل طرحوا مشروع التوريث ومن ثم استولوا على إرادة الشعوب عبر صناديق مزورة كما حدث فى مصر بإنتخابات عام 2010 والتى تم فيها إسقاط كل المعارضة أى نظام مبارك يلقى إجماعاً من كل المصريين.. يأتى هذا فى ظل عصر السموات المفتوحة وشاشات الفضائيات تبث الانتفاضات ضد قمع الحريات والثورات ضد الفساد وطبقاً لمقولة ليس الظلم المحرك أو الدافع للثورات بل الشعور به وهذا ما بدأ بتشكل ويكبر ككرة الثلج ومن ثم انطلقت الثورات.. إلا أنها تواجه حالياً مقاومة شديدة من الذين أضروا والمستفيدين من الأنظمة السابقة وقوة هؤلاء أنهم يملكون المال والإعلام ومعهم بعض مؤسسات الدولة العميقة ومن ثم.. فالصراع سوف يستمر بين هذه القوى وبين الراغبين فى التغيير والساعون إلى الحريات وهذا قد يتطلب وقتاً طويلاً ستشهد فيه البلاد حالة من عدم الاستقرار.