أصبحت قضية الدعم بمثابة القنبلة القابلة للانفجار فى أى وقت اذا اقتربت منها أية حكومة.. لدرجة ان حكومات عديدة منذ مظاهرات الخبز فى عام 1977 أيام الرئيس السادات وحتى وقتنا الحالى لم يستطع أحد أن يقترب منها اللهم إلا بالتصريحات الصحفية فى المؤتمرات والندوات فقط. منذ أربعة أيام تقريبا خرج علينا الدكتور حازم الببلاوى رئيس مجلس الوزراء ليعلن ان مسألة الدعم سيتم حلها بالتدريج وتحتاج من خمسه إلى سبعه سنوات مشيراً إلى أنها تستهلك أو تأكل نصف ميزانية الدولة ولكن لم يقل لنا الببلاوى ما هى خطته فى ذلك وهل سيتم إلغاء الدعم ككل والذى يقدر فى المواد البترولية أو الطاقة بين 120 و 140 مليار جنيه و 45 مليار جنيه للسلع التموينية .. وماذا عن الفقراء الذين يصل تعدادهم طبقاً للاحصائيات الرسمية أكثر من 40% من الشعب منهم 20% تحت خط الفقر المدقع.. وهذه التصريحات ليست جديدة على الببلاوى فلقد أطلق مثلها منذ ان كان وزيراً للمالية حيث أكد على ضرورة إلغاء الدعم للخروج من العجز المالى «الموازنة» وكان قد أعلن أنه سيطبق على البنزين إلا أنه تراجع خوفاً من اندلاع المظاهرات .. ولماذا يأتى اليوم ليعلن ذلك. انها قضية مزمنة ومعقدة للغاية .. كيف يصل الدعم الى مستحقيه وهو شعار عفا عليه الزمن ان الدكتور أحمد جلال وزير المالية أدلى بتصريحات منذ أيام قليلة أعلن فيها ان وزارته تدرس حالياً تمويل الدعم العينى إلى نقدى وهو أيضاً إجراء مهم ومطروح من قبل أى منذ سنوات مضت ولم يستطع احد أن يتحرك فى هذا الاتجاه. لقد عادت قضية الدعم الى المشهد السياسى المضطرب حالياً عقب تصريحات منسوبة الى وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى حول الدعم وتكلفته وقد يكون هذا السبب الذى دفع الحكومة الى فتح هذا الملف الشائك اعلامياً فقط.. فهى لن تستطيع ان تعقل أكثر من ذلك كان «غيره أشطر» وكان الظرف السياسى أفضل.. هناك أسباب عديدة لعدم قدرة الحكومات على مواجهة أزمة الدعم أهمها لاتوجد بيانات دقيقة وحصرية عن المستفيدين الحقيقيين للدعم. فالدعم موزع علي الجميع الأغنياء قبل الفقراء وهناك دراسة للقسم الاقتصادى بتجارة جامعة عين شمس تشير إلى أن أكثر من 20% من السكان لا يحصلون سوى على 20% من الغذاء المدعوم فى حين يحصل أغنى 20% على 24% من الدعم الغذائى و 34% من دعم الطاقة.. إننى أرى أن هذا الملف شديد الصعوبة والخطورة لا يمكن منحه الآن فى ظل أجواء سياسية صعبة ومضطربة وارتفاع أسعار فى السلع غير المسبوق..ان قضية تخفيض الدعم أو ترشيده كما يحلوا لبعض ان يطلق عليه «ليس الآن».. فهى تتطلب مناخاً مستقراً مع توافر بيانات دقيقة عن التركيبة السكانية حتي يمكن التعامل بنجاح مع هذه الأزمة المزمنة وكفانا تصريحات للاستهلاك المحلى التى شبع الشعب منها.