لا أقصد من العنوان السابق أن أشير إلي أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي - وزير الدفاع - هو مرشحي في الانتخابات الرئاسية المقبلة من عدمه حال عزمه خوضها في مواجهة آخرين، بقدر ما أردت التنويه الي أن هذا الرجل الذي ينتمي للمؤسسة العسكرية سيكون رقماً رئيسياً - إن جاز التعبير - في المعادلة الوطنية لرئاسة مصر ربما يحيلنا الي مراجعة مطالبنا في25 يناير فيما عرف بإنهاء حكم العسكر. جرب المصريون منذ ثورة 1952 ثلاث قيادات عسكرية علي سدة الحكم ، انتهت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ومعه عاني الشعب كثيراً من سوء الإدارة وفسادها حتي جنح غرور السلطة بالحاكم الي الشروع في توريث الحكم لابنه الذي كان يقود دفة المؤسسة الرئاسية خلال السنوات العشر الأخيرة لحكمه من غرفة أمانة السياسات، فكانت ثورة 25 يناير التي نادت بسقوط نظام خلّصت عليه انتخابات البرلمان في 2010 بتزويرها المفضوح، فعلا صوت الثوار من كافة ميادين مصر الي ميدان التحرير: الشعب يريد إسقاط النظام.. يسقط يسقط حكم العسكر. علي أثر ذلك ، تنحي مبارك وسقط نظامه، وانحاز أغلب المصريين الي الرئيس المدني، رافضين أي مرشح ينتمي الي المؤسسة العسكرية - وإن صح التعبير الي القوات المسلحة - علي خلفية تجارب سابقة من سوء ادارة المنتمين إليها وميلهم الي القوة والبطش مع المختلفين معهم في الرأي، وكذلك لعدم إرساء مبدأ الديمقراطية والشفافية كعناوين مهمة لناصية الحكم، فضلا عن سعيهم لفرض «قانون الطواريء» واللجوء الي القوانين الاستثنائية والاعتقالات للسيطرةعلي البلاد وتكميم الأفواه ووأد حرية التعبير. فضل نصف المصريين وزيادة قليلة الدكتورمحمد مرسي علي الفريق احمد شفيق، حسنا، فالحاكم الجديد مدني، وهو بذلك يحقق مبدأ مهما من مباديء 25 يناير، زد عليه أنه يرتكن الي خلفية دينية لفصيل من المفروض انه عاني كثيراً من بطش الحكم والزج به في غيابات السجون، وبدت الصورة مبشرة مع إعلان الرئيس الجديد أنه علي العهد لتحقيق مباديء وأحلام المصريين باعتباره رئيساً للكافة وليس لجماعته وعشيرته ومرشده في المقطم فقط، ثم ما لبث المصريون مع مرور الوقت وخلال العام الأول من حكم الإخوان المسلمين والرئيس المدني الذي اختاروه، أن أدركوا أنهم سقطوا في فخ سحيق العمق، وأن أحلامهم وطموحاتهم في بلد كان من المفروض - وبحسب الوعود الرئاسية الإخوانية، أنه يسع جميع الفصائل والقوي الساسية اصبحت خلال عام قبض الريح، بل وأصبح أمنها القومي في خطر داهم، واستقرارها مهدد، وخرابها محقق، وعلي حدودها يثمن الإرهابيون. ضاقت الارض في عهد مرسي بقضاة مصر ورجال الأعمال فيها وإعلامييها ورموزها السياسية والفكرية والدينية بعد أن نال منهم قولاً وفعلاً، جهاراً نهاراً، وبالاسم في أكثر من مناسبة قومية وعلمية ودينية، وازداد الاحتقان والاستقطاب في الشارع المصري، وتحسر الناس علي أيام ميارك، والاستقرار والأمن في عهد مبارك، والسياحة والاقتصاد ومعدلات النمو في عهد مبارك، وصار الحديث في الشارع والحارة والنادي والمقهي والسايبر وفي القطار والمترو والأسواق وفي المولات التجارية، الكل لسان حاله ينطق: «ولا يوم من أيام مبارك»، الكل يأسف للاختيار، ويراجع نفسه باحثاً عن الحل لإنقاذ مصر والاعتذار لها عملياً، فكانت الثورة المكملة في 30 يونيه الفرصة الوحيدة لإعادة مصر الي وضعها الطبيعي بما يعلمه الكافة. في كادر 30 يونيه ظهر الفريق أول عبد الفتاح السيسي - القائد العام للقوات المسلحة - والجيش الوطني راعياً لإرادة المصريين في إسقاط حكم المرشد وممثله في السلطة - الدكتور محمد مرسي - وبطانة الإخوان المسلمين، وفي كادر 4يوليو بدا السيسي بهدوئه وحسمه، وبوطنيته وخطابه الكاريزمي - إن صح التعبير - في أن يعيد المزاج المصري الي سابق عهده في حب القيادات العسكرية باعتبارها كانت وستكون أبد الدهر الملاذ لهذا الشعب من أي خطر يهدده، خاصة بعد نجاحه في التصدي لمعاقل الإرهاب في سيناء، وإعادة اللحمة الوطنية بين الجيش والشرطة والشعب، وتساءل غالب المصريين عن حب ورغبة: لماذا لا يكون السيسي «رئيسي» في الانتخابات المقبلة؟. وحين سئل الرجل قبل أسابيع عن رأيه في الترشح للمنصب الرئاسي، نفي، ومع ازدياد الضغط الشعبي، أعاد الزميل ياسر رزق في «المصري اليوم» السؤال علي الفريق السيسي، فقال: «إن الوقت غير مناسب للرد علي السؤال»، قبل إن يختم بالآية القرآنية «والله غالب علي أمره»، وهو ما يعني أن الاحتمالين قابلان للدراسة. في كلتا الحالتين سيبقي السيسي فيما أعتقد مرشحاً صعب الصمود أمام شعبيته كبطل قومي أنقذ السفينة المصرية من الغرق في بحر الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الجهادية، والتبعية الأمريكية والاوروبية حال الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فضلا عن انه سيكون ومن المؤكد رقماً رئيسياً مهماً وربما هو الأهم في صناديق التصويت وبلا منازع، لتصحح 30 يونيه مفاهيم مغلوطة لثورة 25 يناير .ِ This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.