المنامة: يحتل موضوع " الخطاب الديني " صدارة الموضوعات المطروحة للمناقشة خلال مؤتمر "الأئمة والخطباء" الذى تنطلق فعالياته غداً فى العاصمة البحرينية المنامة . وكذلك سيتم مناقشة سبل تطوير أداء وتفاعل الخطباء والأئمة والدعاة مع المجتمع والعصر. يشارك فى المؤتمر نخبة من علماء العالم الإسلامى منهم مفتى جمهورية مصر العربية الدكتور على جمعة ، والعلامة الدكتور يوسف القرضاوى ، والداعية سليمان الخراشي، والكاتب والباحث يوسف الديني، وغيرهم من علماء الأمة . وأوضح مفتي مصر الدكتور علي جمعة أن تطوير الخطاب الديني يستلزم من الدعاة مواجهة الفتور أو الانفلات في تناول القضايا ونبذ العنف والطائفية وتحقيق التوازن المطلوب مع مراعاة الحكمة والتوضيح في بيان الرأي الشرعي ، مشيراً إلى أن المؤسسة الدينية لا تدخر جهداً في دعم ومساندة كافة المؤسسات الإسلامية والعربية والدولية التي تهتم بشؤون وتنمية مهارات العلماء والأئمة والدعاة الشرعية منها والثقافية والإدارية الداعمة لنشر فكر الاعتدال والوسطية بين عموم المسلمين. واشار الدكتور يوسف القرضاوي _بحسب جريدة عكاظ السعودية_ إلى أن المراد بكلمة الخطاب الديني هو كل بيان باسم الإسلام يوجه للناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لتعريفهم بالإسلام ، مبيناً أن هذا الخطاب قد يأخذ شكل الخطبة والمحاضرة والرسالة والمقال والكتاب والمسرحية والأعمال الدرامية، وبذلك ينبغي ألا نحصر الخطاب الديني في خطبة الجمعة فقط . وقال فضيلته: إن عرض الثوابت في الخطاب الديني يختلف من زمن لزمن آخر ومن بيئة لأخرى ومن قوم لغيرهم، كما يتضمن الدين متغيرات تقبل التجديد والاجتهاد. مشيراً إلى أنه انطلاقًا من هذه الطبيعة للدين فإن فكرة التجديد ليست مرفوضة إسلاميًّا؛ فالقرآن الكريم قد غيّر من أسلوب خطابه الديني من مكان لمكان ومن وقت لوقت، ودلل على ذلك بالاستشهاد باختلاف الخطاب الديني في الموضوعات والأسلوب ما بين القرآن المكي والقرآن المدني. ويرى الداعية سليمان الخراشي أن تجديد الخطاب الديني مسألة تعلق بها أصناف من غير الإسلاميين طويلاً، ودندنوا حولها كثيراً . قائلاً :"هي في رأيي بالنسبة لهؤلاء كلمة حق أريد بها باطل، إذ يريدون من تجديد الخطاب الديني مضمون الخطاب ومحتواه لا هيكله، ويريدون التخفف من تكاليف الشرع المطهر تحت هذا العنوان البرّاق الجذّاب، ويريدون فيما يريدون أن يأخذوا بالشاذ من الأقوال المنسوبة إلى العلماء، وبالضعيف من المفهوم والاستنباطات، ويجعلوها هي المعتمد لا لشيء إلا لأنها توافق هواهم وما يرتضونه من طرائق العيش". وأضاف :"هذا وقد خبرنا عدداً من هؤلاء فوجدنا دينهم رقيقاً، وأفكارهم مشوشة مضطربة"، ويبين الداعية الخراشي أن هؤلاء ساعدهم على ذلك نفر من الصالحين انخدعوا بدعواهم وارتضوا شيئاً من طريقتهم، فصاروا يرددون عبارات التجديد في الخطاب الديني دون وعي كامل بخطورة ما يقولون ولا بما تجرّه من عواقب. ويضيف بقوله: «أيضاً سوّل الشيطان لنفر من المشايخ الأخذ بالأقوال الضعيفة والرخص المرذولة المتروكة فظهرت فتاوى عجيبة غريبة، رحّب بها دعاة التجديد في الخطاب الديني أو إذا أردنا الدقة دعاة تجديد الدين نفسه وتكاليفه وطنطنوا بها وملأوا الدنيا ضجيجاً حولها، وقرأنا كتابات صحفية كتبها كتّاب مشهورون ومغمورون، كلها تنادي بالتجديد والعصرنة والعقلنة للخطاب الديني وكلها دعاوى إذا مُحّصت واختصرت يظهر منها أن القوم لا يفهمون الفارق الكبير بين تجديد الخطاب والتفلّت من التكاليف الشرعية كلها أو بعضها. الكاتب والباحث يوسف الديني يوضح أن الخطاب الديني المعاصر هو خطاب حديث من جهة تناوله للمسائل المعاصرة وإن كان يستمد نتائجه من خلال الاعتماد على النصوص الدينية عبر آليات القياس وإلحاق المعاصر بوقائع قديمة مع إلغاء الفوارق الزمانية الضخمة، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك هو أن هذه الخطابات لا تمتلك حالة توافقية أو أي إجماع فهي منذ لحظة الاصطدام بالواقع الجديد مع سقوط الخلافة العثمانية وهي تعيش أشكالاً من التذرر والانشطار لمحاولة التكيف مع المستجدات التي يفرزها الواقع دون مساءلة للمقولات الأساسية التي اكتسبت هذه الجماعات كينونتها عبرها . مضيفاً: والحال أن هذا "التذرر" في رؤيتها التغييرية للعالم، أو حتى في مواقفها الآنية من التحولات المتجددة، التي تحاصر مشروعيتها ومدى صلاحية بقائها فاعلة على الأرض، من أهم ما يمكن الاستدلال به عليها على مدى بشريتها، وأنها خطابات قابلة للخطأ والصواب، بل والمحدودية من حيث ارتباطها بواقع خاص جداً لا يتجاوز حتى جغرافية المكان الذي تنتمي إليه. هذا وتتواصل فعاليات المؤتمر على مدى يومين حسبما أوضح وزير العدل البحريني الشيخ خالد بن علي آل خليفة ، بهدف بحث إستراتيجيات تحديث الخطاب الديني وتعزيز الوحدة الوطنية، ودور الخطباء في تحقيق أمن الأمة.