شركات صينية تعرض رسم الخريطة الجينية بأرخص الأسعار
محيط – سهير عثمان
اكتشاف الخريطة الوراثية للإنسان أبرز الثورات العلمية نجح علماء صينيون في رسم خريطتين للسلسلة الجينية الكاملة لرجلين أحدهما صيني والأخر أفريقي بتكلفة ضئيلة للغاية مقارنة بالتكلفة المعتادة لمثل هذه العملية ، حيث تكلف المشروع الصيني 500 الف دولار امريكي وهو مبلغ يقل كثيرا عن مئات الملايين من الدولارات التي انفقت عند الانتهاء من رسم اول خريطة للسلسلة الجينية للانسان في عام 2004.
وطبقا لما ذكره موقع ميدل ايست اونلاين ، قال لي زو من معهد بكين للعلوم الوراثية في مدينة شينزن في جنوب الصين "نستطيع رسم خريطة للسلسلة الجينية في اقل من اسبوع بتكلفة تقل عن مليون دولار امريكي وستنخفض هذه التكلفة، ربما بعد عام عندما نرسم الخريطة الجينية للشخص الخمسين ستكون التكلفة أقل".
وتقول شركات العلوم الجينية ان مثل هذه المعلومات يمكن ان تساعد الاطباء في تشخيص اكثر دقة ووصف طرق علاجية أكثر ملاءمة للتركيبة الجينية للمريض.
ورسم فريق اخر من العلماء بقيادة ديفيد بنتلي من الومينا كمبريدج خريطة للسلسلة الجينية للرجل الافريقي ووصف العملية بانها "منخفضة التكلفة".
وينوي العلماء الصينيون رسم خرائط السلسلة الجينية لمئة شخص صيني اخر خلال السنوات القليلة القادمة ويبحثون عن متطوعين ، آملين أن يكتشفوا ما إذا كان هؤلاء المشاركون لديهم اختلافات جينية متماثلة ربما ترتبط بامراض معينة قد يكون الصينيون اكثر عرضة للاصابة بها مثل سرطانات الكبد والوجه والفم والحنجرة. وقال زو "لدينا خريطة جينية واحدة فقط الان. لكن عندما تتوفر لنا بيانات جينية لمزيد من الاشخاص سنستطيع ان نقول ما إذا كان جين محدد له صلة بأمراض معينة .. يندر وجودها في اجناس اخرى".
محاولة سابقة
وكانت إحدى الشركات الأمريكية فى كاليفورنيا قد أعلنت منذ أكثر من تسعة شهور بأنها ستتمكن قريباً من رسم خريطة جينية بشرية كاملة فى غضون أربع دقائق مقابل 1000 دولار فقط.
وأشارت شركة باسيفيك بايو ساينس إلى أن معداتها الجديدة لرسم السلسلة الجينية أسرع بكثير من المعدات الموجودة وستمكنها من أن تنجز فى دقائق ما استغرقه المجهود الاكاديمى الممول اتحادياً على مدى خمس سنوات وبتكلفة بلغت 300 مليون دولار وما استغرقه العالم الأمريكى البارز كريج فينتر فى رسم خريطة جينية على مدي تسعة أشهر فى عام 2000.
وكانت البداية .. عندما أعلن العلماء يوم الإثنين 26 مايو 2000 عن تفاصيل الخريطة الجينية للإنسان أو ما يعرف ب "مشروع الجينوم البشري" وهو حدث علمي فريد؛ دفع كلا من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير للاشتراك في الإعلان عنه.
وقد كان من المنتظر أنذاك أن يساهم فك الشفرة الوراثية ومعرفة التتابع الجيني في علاج العديد من الأمراض مثل السرطان والسكري وبعض أمراض القلب، وكذلك بعض الأمراض التي تصيب المخ مثل مرض الزهايمر، والدليل على هذا أن الكشف عن 20% من حروف الشريط الوراثي أدى في حينه إلى تصنيع ما يقرب من 100 دواء مختلف كعلاج للعديد من الأمراض الناشئة عن خلل في الجينات خلال العشرين سنة الماضية.
وبالإضافة لفائدة هذا الكشف العلمي في التعرف على أسباب الأمراض من الناحية الوراثية، يمكن أيضاً معرفة الجينات المسئولة عن البلوغ والشيخوخة بل أسباب الموت نفسه.
"وقريباً سوف يكون حديث الساعة بين الناس هو أن لديهم بعض الجينات الوراثية المسئولة عن أنواع من الأمراض، وعما إذا كانوا معرضين للإصابة بمثل هذه الأمراض في القريب العاجل أم لا،
ماهية الخريطة الوراثية
الخريطة الوراثية هي كشف بقائمة المورِّثات الإنسانية التي تحملها الصبغيات المتواجدة في نوى الخلايا، وقد يتواجد بعضها في مادة النواة السائلة، كما أن هذه المورثات تحمل جميع الصفات المحددة للنوع الإنساني، فالخريطة الوراثية هي كشف علمي أشبه ما يكون بورقة التعليمات التي تصاحب كل آلة من الآلات التي نشتريها؛ حيث يأتي فيها اسم أجزاء الآلة ووظيفتها، وآلية تركيبها وتفكيكها.
وهذه المورثات تتواجد على أشرطة صغيرة ملتف بعضها على بعضها الآخر، على شكل حلزونات، داخل نوى كل خلية من خلايا الجسم الإنساني، وهذا يعني أن كل خلية من خلايا أجسامنا تحمل شريطاً مسجلاً من المورثات التي ورثنا نصفها من الأم ونصفها من الأب وبشكل متساوٍ تماماً.
ويحمل هذا الشريط تلك الميزات التي تجعل كلاً منا إنساناً، كما تجعل من كل إنسان مخلوقاً متميزاً عن غيره من بني الإنسان.
وبصورة عامة فإن هذه الخريطة ليست إلا الأبجدية الإنسانية لما يوجد داخل نوى خلايانا من مادة وراثية، على شكل مورثات تحمل كل منها صفًّا وراثية على الأقل.
ولم يتمكن الباحثون من الوصول حتي الآن إلى العدد الكامل لهذه الصفات، ولكنهم يتوقعون أن يتوصل العالم لضبطها خلال ثلاثة أعوام، وأن عددها يمكن أن يتراوح بين 50 ألف إلى 80 ألف مورثة .