التحامي برجل الشارع سر نجاحي طه قرني محيط - رهام محمود ضمن احتفالية رعتها جمعية "مصر الجديدة" التي ترأسها السيدة سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية، عرضت لوحتا "المولد " و"سوق الجمعة" اللتان أبدعهما الفنان الدكتور طه القرني. كان قرني قد عرض اللوحات واحدة بقاعة مركز الهناجر للفنون وهي "لوحة المولد" ، والأخرى "سوق الجمعة" بقاعة الفنون التشكيلية بدار الأوبرا. حضر الافتتاح الوزير عبد العظيم وزير، ومندوب وزير الثقافة، وعدد كبير من المثقفين والإعلاميين والصحفيين، بالإضافة إلى الحضور الجماهيري الكبير . كان العرض في شارع بغداد وميدان الكربة بمصر الجديدة أمام الناس مباشرة دون إحاطته بقاعة عرض تفصله عن الجمهور . توجهت شبكة الإعلام العربية "محيط" للفنان طه القرني وكان لنا معه هذا الحوار. محيط: ما السبب الذي دفعك لعرض لوحتا "المولد، وسوق الجمعة" في الشارع؟ د. طه: لقد كان هذا هو حلمي ، هذا الاشتباك مع الجمهور، وتم عرض اللوحتين على ارتفاع 2 متر في الشارع بما أتاح فرصة أكبر للرؤية ؛ ولذلك أنا اعتبر أن المهرجان كان أنجح من المعارض التي أقمتها نظرا لهذا الاحتكاك المباشر، وقد منع تصوير العرض لدواعي أمنية. كما طلب منى أن تطوف اللوحتان في جميع محافظات مصر، وذلك بناءا على طلب السيد المحافظ. نجومية الفن التشكيلي لوحة المولد محيط: في رأيك ما الاختلاف بين عرض اللوحتين في معرض، وعرضهما بالشارع؟ د. طه: اختلاف كلي، حيث لا يوجد قيود ولا فوارق بيني وبين الجمهور، كما توجه الجمهور لي ببعض الأسئلة المتنوعة مما جعل الموضوع أكثر تفاعلا، ومن اللافت أن كثير من الجمهور طلب مني كتابة كلمة له ، وهذا يحقق معنى "النجومية" في الفن التشكيلي . وأذكر كلمة الناقد كمال الجويلي رئيس الجمعية المصرية للنقاد حينما تنبأ بأن طه القرني سيكون هو "فنان الشعب"، وذلك ما أسعدني تأكيده على لسان الناقد عز الدين نجيب بعد عرض اللوحتين في الأوبرا، وكذلك الأستاذ محمد الصاوي مؤسس "ساقية الصاوي". محيط: لماذا اخترت هذا الاتجاه الفني الذي استخدمته في لوحاتك السابقة وفي عملك القادم "لوحة مصر" ؟ وهل توجهك للشعب مبني على فلسفة ما؟ د. طه: اختياري لهذا الاتجاه سببه أنه أقرب وسيله للوصول إلى أكبر قاعدة من الناس الذين يحتاجون لمن يشعر بهم ولا يتعالى عليهم، بل ويحتاجون أيضا من يشاركهم مشاكلهم، ويكون منتصرا لهم، ويرفع مظالمهم أمام المجتمع. وفلسفة الفن عندي أن "يخرج من الناس ليعود إليهم"، فمن الملاحظ أن كل أعمال الروائي الكبير نجيب محفوظ وغيره قامت فلسفة الكتابة عندهم على التواصل مع المجتمع وليس الأفراد؛ وأفكر بعمل لوحة "مصر السلام"؛ لتكون ذاكره للأمة. محيط: ما هي ترتيباتك لإعداد " لوحة مصر" ؟ د. طه: بدأنا بالفعل وجاري جمع المادة العلمية من طرز أثاث وأزياء وتاريخ أهم الشخصيات في محافظات مصر، وأهم الأحداث والمعالم بها؛ ولذلك أعلن العديد من الفنانين عن عزمهم المشاركة لإنجاز اللوحة. محيط: أين سيتم وضع هذه اللوحة التي سيبلغ عرضها ألف متر في ارتفاع ستة أمتار؟ د. طه: من المرجح أن تكون خلف النصب التذكاري بمدينة نصر. لوحة المولد محيط: تواردت أخبار عن سرقة صورة جزء من لوحة سوق الجمعة، ووضع أحد الكتاب لها كغلاف لكتابه دون الرجوع إليك، كيف عرفت بهذا ؟ د. طه: عرفت عن سرقة اللوحة من بعض الأصدقاء، حيث كلمني العديد منهم وكان معهم نسخ من الكتاب الذي حمل غلافه مقطع من لوحة سوق الجمعة، وهذا الكتاب من إنتاج هيئه الكتاب وإصدارها؛ ولذلك قمت بشراء العديد من النسخ منه، ثم بعثنا بإنذار لهم، لنتقدم به بعد ذلك للمحكمة، وقد صدر الكتاب تحت عنوان "القول المقتضب فيما وافق لغة أهل مصر من لغات العرب"، وهو تحقيق السيد إبراهيم سالم، والمراجع إبراهيم الابياري، وكتب أن مصمم الغلاف هو إبراهيم السعدني، وبعد إنذار المحكمة ننتظر النطق بالحكم بالتعويض . لا لشللية النقابة محيط: ما رأيك في الحركة التشكيلية حاليا، وخصوصا أنك ستقوم بترشيح نفسك كنقيب للتشكيليين؟ د. طه: الحركة التشكيلية أصبح بها انقسامات كثيرة، وبات للعيان الشللية والتحزب، كما أن الحركة منقسمة على نفسها وفى نفس الوقت لا توجد أي حياه ملامسه لأرض الواقع في مصر، فنحن نرسم وفى خيالنا الغرب، وندخل المسابقات ويملأنا التحدي في التجديد بعيدا عن واقع حضارتنا ، وقد اصبح ذلك هو المميز لأعمالنا، وكل ذلك وغيره أدى إلى سقوط ورق التوت الساتر لنا . كان لابد لفك هذا الاشتباك بصوره عملية ، ومن هنا جاءت لي فكرة عمل لوحة سوق الجمعة والمولد بعدها، ولأنني أكثر المهضوم حقهم في الحركة سابقا، كنت ومازالت أشعر بمدى ما يشعر به الفنان الموهوب المظلوم . والآن وبعد أن امتدت علاقاتي لجميع مسئولي الدولة بعد شهرة اللوحات ، وجدتني مشغولا بحق الفنانين الضائع ، مع العلم أن نقابتنا أغنى نقابة بمصر ، فبها وحدات منتجة وهي لوحات الفنانين ، ومن الممكن جدا أن تتحول النقابة لمكان منتج ، حتى المعاشات والخدمات نستطيع جعلها وحدات منتجة . محيط: إذا اشرح لنا ما يمكنك تقديمه للفنانين حال فوزك بمقعد النقيب ؟ د. طه: الحلم بالنسبة لي هو تحويل النقابة لوحدة منتجة كما ذكرت آنفا ، فلم لا نستثمر الفنانين ولدينا 12000 فنانا أعضاء بالنقابة المصرية ، ويمكن حصر أعمالهم إلكترونيا والتسويق لها ، سواء محليا أو دوليا . وقد نجحنا في حجز قاعات كاملة بأرض المعارض لعرض أعمال كل الفنانين ونستغل أوقات الرواج كمعرض القاهرة الدولي للكتاب . ويجب ألا نغفل الاتجاهات الجديدة في الفن والتي لا تتضمنها النقابة كالفيديو آرت والميديا والتصوير الضوئي وجميعها تحتاج للتقنين بالنقابة، وعلى رأس كل ذلك أن يتواجد بالنقابة فرع للنقد التشكيلي ، لما له من أهمية قصوى . أسرار النشأة لوحة سوق الجمعة محيط: حدثنا عن بداياتك الفنية؟ د. طه: اعتبر الفن التشكيلي هو حبي منذ أن نشأت. وبدأت مشواري الفني حينما شجعني مدرسو الرسم بالمدرسة التي كنت ملتحقا بها؛ ولذلك حينما حصلت على شهادة الثانوية العامة اتخذت قرارا بأن التحق بكلية الفنون الجميلة بدلا من كلية الطب أو السياسة والاقتصاد كما كان يريد أبي، حيث كان مجموع درجاتي يمكنني من الالتحاق بهما، ولكنني صممت على الالتحاق بكلية الفنون الجميلة. والدي كان عالما من علماء الأزهر وهو "الشيخ محمد القرني"، وكان أيضا مبتهلا في الإذاعة، أصر وقتها على عدم التحاقي بقسم التصوير كي لا أكون رساما؛ ولذلك التحقت بقسم الديكور في جامعة الإسكندرية، وكنت أول دفعتي، كما أنني كنت أحضر محاضرات أيضا في القسم الحر في التصوير والنحت، وعلاقتي بالأساتذة كانت طيبة، وفي الجيش انتدبت لعمل ماكيت لبانوراما تدريبية. أقمت 12 معرضا في الإسكندرية، أربعة منهم وأنا طالب، كما أنني شاركت مع فنانين كبار في عمل جداريات بالإسكندرية في سان جوفالي، وأبو قير، ومحطة الرمل. أنا أعيش من الديكور، لكن فن التصوير هو حبي، فأنا "متزوج بالديكور وعشقي التصوير". التحمت في الحركة التشكيلية ورسمت في أكثر من 20 مجلة، وأنشأت مكتب ديكور أعيش من خلاله، وذلك مكنني من عمل الديكور في أماكن كبيرة قمت بالرسم فيها على الحوائط والأسقف، فلي لوحة 12 مترا في ستة أمتار توجد في "لو كرنفال" من أشهر المحلات التي قمت بعمل الديكور والأسقف فيه، كما أنني صممت ديكورات داخلية في فنادق الجيش والمناظر الطبيعية الخارجية لنوادي الجيش كنادي الطيران والمدفعية والمشاة والقوات البحرية، وعملت كرسام وكاتب في جريدة العربي الناصري، أخبار الأدب، مسرحنا، مجلة الخير، الفجر، وأخيرا جريدة نهضة مصر.