فنانة شابة اعتادت أن تهتم بالنشء, أسست مركز ثقافي خاص بها "أستوديو 206" لتقوم فيه بوضع الخطط لتدريب الأطفال على العمل بالورش الفنية في مجالات الفنون المختلفة. محيط رهام محمود وحين انشغالها بمسئولياتها تجاه الطفل, لم تنسى الفنانة نهى عمر سيد الأهل موهبتها التي نمتها وراعتها منذ نعومة أظافرها, حيث أقامت معرضها الأخير في مسرح الجمهورية الذي أفتتحه الدكتور عبد المنعم كامل رئيس الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي, والفنانة الدكتورة نادية التطاوي, كما حضر الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية, والفنانة فايزة عبد المنعم مدير عام المتاحف والمعارض حفل الافتتاح. نشأت الفنانة نهى سيد الأهل في أسرة فنية عريقة, فهي أبنه الفنانة التشكيلية نادية التطاوي, تخرجت في الجامعة الأمريكية عام 1997, ثم التحقت بجامعة بوستن وتخرجت منها عام 1998, وحصلت بعدها على شهادة في الفنون الجميلة من أكاديمية Granddes Terres في باريس عام 2002. في معرضها تناولت موضوعات متنوعة, وكذلك الخامات التي استخدمتها في الخمس وعشرين لوحة التي قدمتها على جدران القاعة, فمنها الرصاص, الباستيل, الألوان الزيتية, الفلومستر, الباستيل الزيتي, الأوراق, والكولاج. اهتمت الفنانة في إحدى لوحاتها بالقصص والأساطير, كقصة "أريوبس" الثعبان الذي أكل ذيله, وقصة السيدة مريم وهي تحمل طفلها في هدوء عميق, كما أشارت زهرة اللوتس في عمل للحضارة المصرية القديمة, بينما أتت في عمل آخر بمعنى الاستنارة في حضارة الهند. استخدمت الفنانة الحروف الإنجليزية "كولاج" في عمل بورتريه أبيض وأسود لرجل هادىء ذات نظرة ثاقبة, تضيف أسفل اللوحة صورة لرجل آخر يتصدر مقدمة لوحة تجريدية, ومن أسفله يأتي مجوعة من الأشخاص المتعبين الذين يسيرون في صف واحد حاملين أغراضهم الثقيلة, وكأن الفنانة تلقي الضوء على الأشخاص في حالاتهم المختلفة لتجمع تناقضهم داخل لوحة واحدة. وتتجه نهى عمر للطبيعة في مجموعة أخرى من اللوحات, فتأتي برجل يقف وحيدا على طرف مركب وسط البحر, يحوطه الزخارف من كل اتجاه وكأنه يجسد أحلامه التي تتشابك وتتضافر لتمسك بالدنيا من حوله, بينما تأتي برجل آخر يختفي جسمه في مياه البحر يفتح زراعية وكأنه يستقبل العالم بأكمله من بينهما, كما ظهرت الشواطيء مجرده مضيفة أليها بعض الرموز التي توحي بارتباطها الوثيق بجذورها المصرية الأصيلة, كرسمها للهرم والمسلة... فمن المصري القديم رسمت الهرم وأبو الهول, وتناولت ورقة الشغل برؤية جديدة, وذهبت للبراح في إحدى لوحاتها لتوضح الصراع بين الخير والشر حيث استخدمت اللون اللبني الفاتح دلاله الخير في النصف العلوي من لوحة, والأسود القاتم دلالة الشر في النصف السفلي منها ليأتي من فوقه رجل يسجد لله من خلفه بيضة كبيرة باللون الأبيض فتنتصر قوى الخير على الشر. رسمت الكفوف في جميع الاتجاهات في علاقة مع الأشكال الهندسية كالمثلث والدائرة في تكوين محكم, مستخدمة ألوان الباستيل على البلاستيك. ودخلت حسابات العقل في إحدى اللوحات, حيث تقمست الفنانة دور المعماري لترسم سلم ذات خطوط هندسية صارمة مهتمة بالمنظور الذي يأخذنا بعيدا وكأننا داخل ممر عميق لم ينتهي. كما اتجهت نهى إلى الاتجاه التجريدي في بعض اللوحات, فنراها تسقط البقع اللونية الزرقاء على اللوحة المكونة من ثلاثة ألوان منفصلة "أبيض, أزرق, اسود" بحزر شديد لتجمعهما في تناغم لوني قوي يريح العين. اهتمت الفنانة بإظهار الملمس في بعض الأعمال الذي يزيد من ثراء لوحتها, كلوحة الخفاش الذي يأتي من الظلام الداكن ليهاجم فريسته التي تقمع في بيئة صهباء هادئة ولم تلحظ غدره. ويوجد أيضا بالمعرض لوحات خط عربي, وطبيعة صامته التي رسمتها الفنانة تارة بالقلم الرصاص, وأخرى مستخدمة اللون ببساطة شديدة. أما في أعمال الأبيض والأسود, تجمع الفنانة في لوحة بين المسلم والمسيحي, فتصور المسلم واقفا يقرأ في كتابه, وسط أخويه المسيحيين, وفي أخرى تهتم برسم البورتريه برؤية جديدة حيث تنساب خطوط الوجه لتكون أشكالا جمالية متناسقة, في حين ترسمه مرة أخرى بشكل واقعي. فالفنانة لم تترك شيئا من حولها إلا وقامت بالتعبير عنه, فهي تمتلك طاقة فنية كبيرة جدا تجعلها تنطلق في كل اتجاه, غير مقيدة بموضوع واحد, تاركة موهبتها لما يقوده إليها إحساسها.