معرض يحلق في آفاق الوحدة في أول انطلاقه له اختار الفنان السعودي محمد البحراوي، أن يحط بمعرضه "أجنحة عربية" علي أرض مصر لتكون المحطة الأولي في جولته العربية والأوروبية - منها دبي, البحرين, باريس, أسبانيا-، والذي احتضنته ساقية الصاوي في قاعتي الأرض والكلمة. محيط - رهام محمود يضم المعرض حوالي مائه لوحة بريشة 72 فنان من إحدى عشرة دولة وهم: مصر, السعودية, البحرين, السودان, العراق, الكويت, الإمارات, اليمن, المغرب, لبنان, فلسطين، ومن بين الفنانين المشاركين الفنان محمد البحراوي, وزوجته الفنانة نجلاء فلمبان, هبة خورشيد, أشرف رشدي, هبة فكري, حسان على, فاطمة منصور, ريما المزين, فاطمة منصور, أما ضيوف الشرف فهم: الفنان المصري أحمد عبد الفتاح ومحمد طوسون, ومن البحرين علي المحميد, والسعوديون أحمد حسين, عبد الله حماس ومحمد حيدر وإلهام جان. تم تسليم كل فنان شهادة تقدير المشاركة الموقعة من قبل المفتتح والمنظم ورئيس الساقية "المهندس محمد الصاوي". تقدم الفنانة الدكتورة إلهام جان لوحة كبيرة تستخدم فيها الألوان الزيتية, التي تستلهمها من البيئة والتراث السعودي, استخدمت فيها اللون الأسود الذي يعبر عن الليل الداكن بجرأة شديدة, يجاوره مساحات خضراء كناية عن علم السعودية, والمناطق السعودية الخضراء التي تتمثل في مرتفعات الجنوب, يتناثر فوق تلك المساحات اللونية خطوطا صفراء اللون, كما تتناثر الخطوط البيضاء الصافية المختلفة السمك بكثرة فوق العمل لتجعله مترابطا ومحبوكا. بينما يشترك محمد البحراوي بثلاثة أعمال, يعبر في إحداها عن المرأة, وأخرى عن المومياء التي تقيد بسلاسل وكأنها للفنان الذي لم يخرج صوته وإبداعه إلى النور, بينما تقدم الفنانة نجلاء فلمبان عملان احدهما مكون من ثلاثة لوحات, وهي تعبر عن موضوع الطفولة, فهي ترى أن الطفولة في هذا الزمان هضم حقها, فالأطفال يصرخون ولا أحد يسمع صداهم. أما الفنانة المصرية هبة فكري والتي تعيش بالسعودية, فقد استلهمت البيئة المصرية في أعمالها, حيث ساعدتها غربتها على انعكاس روحها المصرية على لوحاتها, فهي تعبر عن أهل الجنوب بألوان حارة وساخنة توحي بطقسهم الحار, مستخدمة الرموز الشعبية التي ظهرت في لوحتها على استحياء. جمعت الفنانة الفلسطينية ريما المزين بين التعبير والتجريد في لوحاتها التي استلهمت فيها الرموز الفلسطينية "الكنعانية" كالأيل, النخلة, القمر, والتي أخضعتهم لروح التصميم معتمدة على التكثيف اللوني. ومن الطبيعة مباشرة وأشخاصها يرسم الفنان المصري أحمد عبد الفتاح سيدة تقوم بعمل التريكو, بينما يستمد أحمد الغامدي ألوانه من البيئة السعودية الحارة, ويشكل محمد طوسون الخطوط العربية لتتحول إلى أسماك بقاع البحار. وبين جنبات المعرض توجهت شبكة الأخبار العربية "محيط" لمحمد البحراوي رئيس الجماعة ومنظم المعرض وكان هذا الحوار. محيط: حدثنا عن جماعة "أجنحة عربية"؟ البحروي: "أجنحة عربيه" هي مجموعة عربيه تنتمي إلى الأمة العربية بدون حدود سياسية, هي الحلم الذي يراود كل عربي, هي الوحدة العربية التي ننشدها, من هذا المنطلق وإيمانا بأن كل تخصص يجب أن يخلق الوحدة العربية بدون حدود سياسية بدون انتظار لآراء سياسية أو قرارات جماعية, يجب علينا أن نتعامل مع بعضنا البعض على أساس إننا موحدين ولا نضيع وقتنا في البحث عن التوحيد. ومن هذا المنطلق رأينا نحن الفنانين التشكيليين أنه يجب علينا عمل تلك الوحدة العربية من خلال جميع أنواع الفنون التشكيلية وحصرها في مسمى "أجنحة عربية", مهمتنا هي الأخذ بيد كل فنان عربي والتحليق به في جميع أرجاء العالم حتى ينشر فنه وفننا تراثه وتراثنا عاداته وعاداتنا. هذا أول معرض تقيمه الجماعة, وهي ليس لها عدد أعضاء محدد أو مقر أو دولة, ونحن لا نطرح موضوع معين لإقامة المعرض, بل نترك كل فنان يعبر عما يراه, لكي ينبع عمله بحس صادق. محيط: من يتحمل تكلفة المعرض ؟ البحراوي: المجموعة تشترك في كل شيء له علاقة بتكلفة المعرض. محيط: لماذا اخترت مصر لكي تحتضن أول عرض للجماعة؟ البحراوي: منطقيا لابد أن تكون مصر في البداية, لأنها عاصمة ثقافية, ومنبع للفنون من شعر, وأدب, وفنون تشكيلية، كما أن عدد المتلقين كبير جدا أكثر من أي دولة . وأيضا عندما فكرت في البلد الأول الذي تعرض به الجماعة, كان لابد أن يكون بلدا عربيا, يتمتع بتجمع الكثير من الزائرين والسائحين, وتتمتع العاصمة المصرية بذلك. محيط: هل واجهت أي صعوبات في هذه التجربة؟ البحراوي: مصر حالة خاصة بالنسبة لتنظيم المعارض, بالنسبة لمسألة الروتين, فلكي أحصل على موافقة من وزارة الخارجية, والسفارة, وقطاع الفنون اخذت وقتا كبيرا جدا, وأرى أن في مصر تطبيق الروتين أهم من أهمية الحدث. واجهت أيضا مشكلة دخول الأعمال وخروجها, فكل الفنانين من كل دول العالم يشتكون من دخول وخروج اللوحات من مصر, والمغرب. محيط: ما هي هذه المشاكل؟ البحراوي: أول مشكلة هي قيمة التأمين الكبيرة جدا التي تحصل عند دخول كل لوحة لمصر, وبعد دخول الأعمال يلقى بها في قرية البضائع إلى أن تشكل لجنة من قطاع الفنون التشكيلية في حوالي أسبوع أو أكثر, فتترك هذه الأعمال في الشمس لتتعرض للتلف تبعا لخامة كل عمل, فهم يعاملون الأعمال الفنية على أنها بضائع وليست إبداعات فنية, وبعد ذلك تأتي اللجنة لكي ترى الأعمال وتقوم بختمها من الخلف لكي تخرج من قرية البضائع, وهذا أيضا يتم عن طريق خطاب رسمي لقطاع الفنون المصرية, يرفق معه صورتين A4 من كل عمل, فهذا يستغرق وقتا وتكلفة لكي أطبع مائتي صورة. محيط: إذا كيف كانت الإجراءات التي أتبعتها؟ البحراوي: خاطبت قطاع الفنون "تليفونيا" منذ حوالي ثلاثة أشهر, أحد الموظفين قال لي أن أكتب الخطاب, وأرسل صور الأعمال مع الشركة التي أشحن بها الأعمال, سألته فقط لا غير, لا يوجد جمارك أو تأمين, أو أي مصاريف, أجاب "لا", وصدقت ذلك الكلام بالرغم من تحذير بعض الفنانين لي من مصاريف دخول الأعمال والجمارك. واتصلت بعد فترة بنفس الجهة, فموظف آخر قال لي بعد دخول الأعمال وختمها من قطاع الفنون, لو بيعت إحدى اللوحات بداخل مصر سنحصل على جمرك, فسألته كم يكون؟, أجابني 80%من سعر اللوحة التي يقيمها القطاع حتى لو بيعت بسعر أقل. وذلك بالإضافة إلى التأمين الذي تأكدت وقتها من فنانة سعودية أقامت معرض بمصر, بأنها حين حضورها دفعت تأمين 3000 دولار على اللوحة الواحدة, وعندما اعترضت خيروها بأن تتركها أو يتلفوها أمامها فاضطرت لدفع المبلغ. ومثال آخر في أيام الثقافة السعودية لكي تخرج الأعمال من مصر, أضطر الفنان المسئول عن الأعمال بأن يقيم بمصر شهرين كاملين على نفقته الشخصية لكي يحصل على الموافقة لخروج الأعمال. محيط: هل يوجد فرق بين قاعات العرض المصرية, والسعودية؟ البحراوي: تختلف مستويات القاعات في مصر, فمثلا ساقية الصاوي لأنها جديدة فتجهيزاتها ممتازة، لكن يوجد قاعات خاصة أخرى كثيرة تحتاج الكثير من التجهيزات. أما عن الاهتمام فأنني أرى أن السعودية تهتم بالمعارض التشكيلية كحدث فني فكري وثقافي, يمنح كامل الاهتمام من وزير الثقافة إلى صاحب القاعة, وأيضا نجد من يتكلم عن المعرض من وكيل الوزارة والوزير وغيرهم , فيصبح الفنان مشهورا فور أول معرض يقيمه. لكن في مصر من وجه نظري أنه من كثرة المعارض والفنانين, أصبحت العملية حجز صالة وعرض أعمال ومطبوعات. ندوة "أجنحة عربية" أقيم على هامش المعرض في حفل ختامه ندوة استضافت الناقد الكبير "كمال الجويلي "رئيس الجمعية المصرية للنقاد, ومحمد البحراوي رئيس الجماعة, وقدمها الفنان العراقي د. ماجد البيضاني. تحدث البحراوي عن "أجنحة عربية" وعن أهدافها التي تتطلع لوصول الفنان العربي للعالمية, بينما أعرب شيخ النقاد "الجويلي" بمفاجأته بالعرض الذي أشعره بأن العرب متجمع ومتعاون بالفعل, كما أشار إلى أن التعبير بمسمى الجماعة "أجنحة" به إيحاء وشاعرية. وقال: "عندما دخلت المعرض وجدت مجموعة من الشباب الموهوب بطليعة المعرض بجانب أعمال لكبار الفنانين, ومتوسطي العمر, فسعدت كثيرا بالعرض الذي جعل الشباب في صدر الفنان العربي. شاهدت كل مدارس الفن بالمعرض من كلاسيكية إلى فن حديث, فعدد كبير من الفنانين العارضين يعملون بحرية في التعبير وغير مقيدين, فداليا الشربيني تربط بين الواقع "الطبيعة" والتجريد, ولوحتها تعبر عن الصراع, وأسماء الدهيم يسيطر على عملها التراث المعماري, والهام جان أسلوبها تجريدي تذكرني بالفنان الكبير صلاح طاهر عندما يقول "تجريد فلكي كوني" فهي تشعر بشمولية الكون. نجلاء فلمبان نجحت في التعبير عن إحساسها بأزمة العصر, توتر الروح والقلق, فشعرت بوعيها ونضوج فكرها في لوحاتها, والغريب في ذلك بأن الفنان التشكيلي يشعر بوعي عند العمل, فالفنان تأتي له لحظة في ممارسة العمل يتوه فيها ويندمج في لاشعور تسمى هذه اللحظة "بلحظة شعرية", أندمج فيها الفنان بوجدانه, وهذا قمة الإبداع أي كيف تستيقظ الموهبة, محمد البحراوي وصل لمستوى رفيع ينافس الفنانين العالمين, ومهدية ال طالب إحساسها مجسم بالتصوير والنحت. واختتم الجويلي حديثه قائلا: هذا المعرض أشبه بالبينالي, فعدد المشاركين به 72فنان, والبينالي لا يزيد عن ذلك, ويكون من بلدان مختلفة, فيمكننا أن نستبدل اسمه ونقول بينالي الأجنحة العربية".