القاهرة: يؤكد المفكر الإسلامي د. محمد سليم العوا أن الإسلام لم يتعامل مع قضية حقوق الإنسان على أنها مجرد حقوق أو جهود تطوعية تقوم بها الهيئات والمنظمات على اختلاف انتماءاتها السياسية والأيديولوجية، بل يتعامل معها على أنها واجبات يقوم بها المجتمع كله، وهى تنحصر في ثلاثة واجبات أساسية تنطق بها النصوص الإسلامية، نطقا صريحا ثابتا بالقرآن والسنة النبوية: الواجب الأول: واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الواجب الثاني: واجب التعاون على البر والتقوى. الواجب الثالث: واجب منع الظلم. فنصوص القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية توجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على الجماعة.. كما توجبه على الأفراد، ففي القرآن الكريم قول الحق سبحانه: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشهر من أن تذكر، ويكفي أن نشير إلى قوله عليه الصلاة والسلام: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". ويأتى مبدأ “التعاون على البر والتقوى" المقرر في قوله الله تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب".. وهذه الجملة الكريمة في ختام الآية الثانية من سورة المائدة مع آيات أخرى مماثلة في مواضع أخرى من القرآن الكريم توجب التعاون على “البر" الذي هو اسم جامع لكل خير، أو بتعبير ابن عباس رضي الله عنهما: البر فعل ما أمرت به، والتقوى ترك ما نهيت عنه، والإثم هو المعاصي، والعدوان هو تعدي حدود الله تبارك وتعالى. ويوضخ العوا أن التعاون في هذا النص أمر بالإعانة يؤديها بعض المؤمنين لبعض وهي تكون من الجماعة للفرد ومن الفرد للجماعة، فإن تركوها كانوا آثمين. أما المبدأ الإسلامي الثالث الذي يؤكد ضرورة الدفاع عن حقوق الإنسان فهو مبدأ “منع الظلم" وهو، كما يؤكد د. العوا، بحسب جريدة الخليج الاماراتية، مبدأ إسلامي أصيل، فالله تبارك وتعالى كما يأمرنا بالعدل والإحسان ويتوعد الظلمة والظالمين بالعذاب، ويعد المظلومين بالنصر والتمكين في مثل قوله تعالى: “إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" ، فإنه يعد المظلومين بحسن العاقبة في مثل قوله تعالى: “والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" وينذر القرى الظالمة بالهلاك في مثل قوله تعالى: “فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهي خاوية على عروشها". وفي صحيح السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" وقوله صلى الله عليه وسلم “إن الناس إذا رأوا الظالم ثم لم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده". ويشير د.العوا إلى أن الحديث عن “الناس" بلفظ الجمع يؤكد أن العمل جماعي لا يقوم به إلا مجموع أفراد يصدعون بالأمر بالنبوي الشريف.. ولم يأت هذا الأمر على هذا النحو إلا إيذانا بأن “الفرد" مهما بلغ تأثيره لا يستطيع أن يصنع في هذا الشأن صنيع الجماعة.