قال الدكتور محمود بدوي, الناقد الأدبي, إن ارتباط مكتبة الأسرة باسم سوزان مبارك، قرينة الرئيس المخلوع، أساء للمكتبة، واليوم نستعيد دور المكتبة الريادي بإمكانات أقل. وأعلن "بدوي" عن انطلاق سلسلة جديدة للتوعية السياسية برئاسة الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد, مؤلف كتاب "الوحي الأمريكي"، وستتناول أول الكتب "الحركة السلفية في مصر", وهو من تأليف الدكتور محمد حافظ دياب. وأشار بدوي إلى أن أهم ما يميز كتاب "الوحي الأمريكي" كتابته بلغة صحفية شيقة وموضوعية تبتعد عن المعارك السياسية الرخيصة، كما يكشف ارتباط جماعة الإخوان المسلمين بالحركة الإمبريالية العالمية, وفي قلبها أمريكا. ومن جانبه، قال مؤلف الكتاب إنه نشر في فترة حكم الإخوان المسلمين، ورفض أن يتم إدراج كتابه ضمن حملة شيطنة الجماعة، وأشار إلى أن أمريكا تستخدم الإخوان لمصلحتها, وأنهم تم استخدامهم في حرب أمريكا على أفغانستان قديما لدرء النفوذ السوفيتي، ومن هنا بدأ ما وصفه الكاتب ب"الارتباط البناء" بين الإخوان وأمريكا. ويشير مؤلف الكتاب, إلى أن علاقة الإخوان بأمريكا بدأت منذ الأربعينات؛ حيث فكر الرئيس هنري ترومان في استغلال تيار الإسلام السياسي كحليف ضد الشيوعية لضرب الاتحاد السوفيتي، بعدها نشأت نواة الإخوان المسلمين الدولية من نازحين ألمان, وجرى تأسيسها في الوطن العربي عبر الدكتور سعيد رمضان. ويقول الكتاب إن الإخوان تم استخدامهم لضرب القومية العربية ودحر الاتحاد السوفيتي، ويشير إلى أن الرئيس الأمريكي "بوش الأب" تصور أن كل حلفاء أمريكا ليس لهم أهمية، ويجب على "أوروبا العجوز" أن تهتم بشأنها الداخلي، ليبدأ عصر القيادة الأمريكية المنفردة، وبدأ يترك الإسلاميين ليأكلوا بعضهم البعض في الصومال وغيرها، ثم ارتبط "بوش الابن" بجماعات الإسلام السياسي, وتنازلت جماعة الإخوان عن بعض الأشياء, منها استعدادهم للقبول بإسرائيل في المنطقة وإعادة تحالفات معها، والتعاون مع أمريكا ضد التطرف الإسلامي. وسعت جماعة الإخوان لإظهار نفسها باعتبارها البديل الأكثر اعتدالا، ثم القبول بالعلمانية المعتدلة وحقوق المرأة والحريات، وقدم الرئيس السابق محمد مرسي فروض الولاء كاملة في عملية عامود السحاب التي شهدت الضربات الإسرائيلية لقطاع غزة، وامتدح خلالها براجماتية "مرسي" التي تزيد كثيرا عن أيديولوجيته. وأشار "حماد" إلى أن المساجد الأمريكية بلا استثناء أجرت عمليات تآخي مع المعابد اليهودية. أخير، أكد مؤلف الكتاب, أن أمريكا لم تدرك أن الشعب المصري هو الذي قاد ثورته لكراهيته التوريث والفساد الذي أنهى العمر الافتراضي لدولة "مبارك", وكذلك فعلت الشعوب العربية حين أنهت حياة الأنظمة الديكتاتورية. ويري المحامي مختار نوح، بعد قراءة الكتاب, أنه لم يكن مخطئا حين قرر الانفصال عن تنظيم الإخوان الذي يبيع الوطن – حسب قوله. التحالف القديم في كلمته، أشار السفير رخاء أحمد حسن، إلى أن الإخوان ارتبطوا تاريخيا برغبة الغرب في احتضان إسرائيل، وجعل القدس ملكا لليهود والمسيحيين، وليس الإسلاميين - بحسب تعبير الأمريكان. وأكد السفير أن الإخوان تم استخدامهم لضرب المشروع القومي بزعامة عبد الناصر وقيادة مصر وسوريا في الستينيات، ولضرب التيار الشيوعي القادم من شرق أوروبا ، وذلك لأن التيار القومي يرفض وجود إسرائيل ولا يعترف بها ويسعى لإنجاز مشروع للتحرر والاستقلال العربي وهي خطوط حمراء أمريكية. وأضاف :" تم التعاون مع الإخوان عبر أجهزة المخابرات العالمية في أفغانستان"، حيث يظهر الكتاب أن حركات كثيرة في العالم العربي ربطتها صلات قوية بجماعة الإخوان الأم ومنها الوهابية بالسعودية، السنوسية بليبيا، المهدية بالسودان وغيرها. واعتبر السفير أنه منذ الثمانينات كانت تسود حالة من الحذر الغربي تجاه تيار الإسلام السياسي، لكن بعد 11 سبتمبر وضرب أمريكا للعراق, نشأت رغبة في استخدام تلك التيارات لتحقيق المصالح الأمريكية، ونجد في تلك الفترة أن توني بلير, رئيس الحكومة البريطانية, ينشئ جمعية للمؤمنين, والملك تشارلز, يفطر مع الجالية المسلمة، ويكشف الكتاب أيضا بعض الجذور التاريخية لتعاون حسن البنا مع المخابرات الإنجليزية وغيرها من الحقائق. ومن وجهة نظره فإن سبب انجذاب الأمريكان للإخوان هو أنهم تيار أممي، دولي، لا يحفل كثيرا بالحدود الوطنية. وكان مهدي عاكف, المرشد الأسبق للجماعة, قد قال إنه لا مانع من أن يكون رئيس مصر من ماليزيا، لكن ألا يكون مسيحيا، فيما قال الدكتور العريان أن تعاملنا مع إسرائيل يجب أن يتحول لمنطق سياسي بدلا من النظرة الأيديولوجية. لعبة مخابراتية في محاولة لتفسير الاقتراب الغربي مع الإخوان، قال الدكتور كمال حبيب، المفكر الإسلامي، أن البروتستانت في أمريكا اعتبروا أن التوراة جزء من عقيدتهم رغم يهوديتها، وبدأت العلاقات مع تيار الإسلام السياسي بالدول وانتهت بالجماعات، وقد عملت أجهزة المخابرات لتعبئة الشباب المسلم المتحمس للجهاد في أفغانستان ولم يدر ببال هؤلاء المساكين أنهم وقود للمصالح الأمريكية في المنطقة, ودخلوا بما يسمى "عسكرة السلوك الإسلامي" وظهرت أدوار مؤسسة "راند"، وأفكار إدماج الإسلاميين بالتنظيرات الفكرية لنهاية التاريخ كجزء من المنظومة العالمية، وظهرت أدوار اتحاد علماء المسلمين ومؤسسة كير للجاليات الإسلامية بلندن وغيرها. وأضاف حبيب, أن السعودية والإمارات ودول الخليج ترفض ازدواجية ولاء الإخوان، وقالوها للإخوان صراحة " إنكم إذا لم يكن ولاؤكم للدولة فلا مكان لكم هنا, ولتبقوا على بيعتكم للمرشد بعيدا عن أراضينا." أما عن الشأن التركي، فيرى كمال حبيب, أن انشقاق جماعة فتح الله كولن عن أردوغان جاء لأسباب سياسية، ووصف الحالة بالخطيرة, بسبب سيطرة الجماعة على قطاعات بالشرطة والجيش، وازدواج ولائهم أيضا. واعتبر المفكر أن التيار القطبي سيطر على الإخوان, وقادها للمواجهة العقدية غير المحسوبة, وقال :" كنا نصنف الإخوان كجماعة سياسية بخلاف تنظيم القاعدة والجهاد وغيرها, وبعد أحداث رابعة العدوية رأينا خطاب عقدي بامتياز، غير قادر على طرح حلول سياسية. وحذر "حبيب" من مفهوم المصلحة لدى تيار الإخوان، وهي تقترب من المنفعة الرأسمالية وليس ما يحقق مصلحة كلية للمصريين. ورأى أن جماعة الإخوان استبعدت أبرز قيادييها, أمثال الدكتور محمد حبيب، المؤسس الثاني للتنظيم، لأنه ينتقد طريقة اتخاذ القرار وفرديته وغياب الديمقراطية داخل الجماعة، مشيرا إلى أن كل من يفكر أو ينتقد داخل الإخوان لا مكان له. وللتدليل على ذلك، قال حبيب إن الإعلان الدستوري كتبه محامي إخواني "ورط" فيه "مرسي"، كما أن رجال القصر كانوا هم مديرو حملة الشاطر الانتخابية, ويتعاملون مع مرسي باعتباره رجل التنظيم وليس رئيس البلاد. وهناك أزمة أخرى أشار لها "حبيب" وهي أن ثقافة الإخوان شفهية وليس مكتوبة، فلا توجد لدينا وثائق ولا تعاقدات بخلاف كل التنظيمات المدنية الحديثة التي تعمل في النور.