استيقظ أهالي جنوب السودان «جوبا»، أمس الاثنين، على سماع دوي إطلاق نار كثيف، في المحاولة الفاشلة التي قام بها نائب الرئيس السابق «ريك ماشار» لقلب نظام الحكم في البلاد. وأعلن رئيس جنوب السودان «سلفا كير» حظر التجوال في العاصمة جوبا إثر الاشتباكات التي وقعت ليلة أمس الاثنين بين جنوده وجماعات مسلحة تنتمي إلى نائبه المقال. ويبدأ حظر التجوال الذي أعلنه كير في البلاد أمس من الساعة السادسة مساء حتى الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي. وحمل كير الجنود الموالين لنائبه السابق "ماشار" - الذي أقيل في يوليو الماضي- المسؤولية عن بدء القتال التي شهدته العاصمة أمس. وترددت أنباء قوية عن أن قوات كير نجحت في القبض على أربعة وزراء على الأقل اتهمتهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب. وتصاعدت التوترات السياسية في البلاد والاشتباكات بين الطرفين منذ أن أقال الرئيس سلفا كير نائبه مشار في يوليو الماضي. وقال ماشار، الذي أعرب عن استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2015، عقب عزله، إنه من أجل أن تتوحد البلاد فلا يمكن أن تقبل "حكم الرجل الواحد ولا تستطيع التسامح مع الدكتاتورية". وذكرت صحيفة «سودان تريبيون» المحلية على موقعها عبر الإنترنت أن اشتباكات اندلعت الأحد بين أفراد من الحرس الرئاسي في قتال وضع الجنود من قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها كير في مواجهة آخرين ينتمون إلى قبيلة النوير التي ينحدر منها ماشار. وأفادت مصادر «سكاي نيوز عربية» باندلاع اشتباكات في مقر القيادة الشمالية ومطار جوبا وبعض أحياء العاصمة التي تقطعت كثير من شوارعها. وأسفرت تلك الاشتباكات عن وقوع عدد من القتلي والمصابين حيث أعلن وزير الدولة لشؤون الصحة في جنوب السودان "ماكور كوريون" اليوم الثلاثاء أن 26 قتيلا على الأقل سقطوا في الاشتباكات بين عناصر مختلفة من الجيش في العاصمة جوبا منذ الأحد الماضي أثناء محاولة انقلاب فيما اصيب نحو 140 بجروح. وتُعد «جوبا» العاصمة الأولى لجمهورية جنوب السودان بعد انفصالها عن الشمال عام 2011، ويبلغ عدد سكانها 300.00 مواطن حسب احصائيات عام 2008. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها محاولة لقلب نظام الحكم في جوبا والتي نجح سلفا كير في التصدي لها بنجاح حتى الآن. وأعربت الأممالمتحدة عن قلقها حيال محاولة الانقلاب على الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، مناشدة جميع الأطراف التحلي بالهدوء، مؤكدة أنها على اتصال مع حكومة جوبا لمتابعة تداعيات الموقف. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن ممثلة الأممالمتحدة الخاصة في جنوب السودان هيلدا جونسون قولها - فى تصريحات لها أمس الاثنين - إنها تشعر بقلق عميق وحثت جميع الأطراف على وقف أعمال القتال على الفور الإلتزام بضبط النفس. جدير بالذكر أن المدنيين سعوا إلى اللجوء إلى بعثة الأممالمتحدة في جوبا، واتخذ مئات الأشخاص معظمهم من النساء والأطفال مجمع الاممالمتحدة بالقرب من مطار جوبا كمأوى لهم. وفي سياق متصل، أعربت وزارة الخارجية الأميركية، من ناحيتها، عن قلقها إزاء الوضع في جنوب السودان ودعت مواطنيها هناك إلى توخي الحذر. ومن ناحيتهم، فسر بعض القيادات الحزبية ما يحدث في جوبا بأنه حال أفرزه تعدد المليشيات القبلية والطموحات الشخصية والعداء للسودان، وأن تلك الحيثيات بجانب الدعم الغربي مكَّن الحركة الشعبية من الحفاظ على تماسكها طوال الفترة الماضية رغم الانشقاقات الشهيرة التي ضربتها في مطلع التسعينيات. ويُنذر الانقلاب الذي لا تزال ملامحه بيضاء حتى الآن بأن الدولة التي مضى عامان على ميلادها مقبلة على مرحلة فاصلة في تاريخها القصير إما أن تجتازه بسلام أو تدخل في نفق مظلم لا يعرف أحد مآلاته.