اتابع منذ أسابيع انسحاب أحزاب وجماعات تباعا من التحالف الديمقراطي، والذي كان يعتبر من أكبر التحالفات الانتخابية التي تأسست في وطننا وتفائل بها ابناء شعبنا خيراً، لكون أنها ضمت خليطا متفاوتا من ألوان الطيف السياسي المصري ،هذا الخليط كان من المفترض أن يشكل قائمة انتخابية قومية رائعة، وهو نوع من التحالفات السياسية طالما افتقدته مصر، لكون أنه يشكل تكتلاً مهما يخدم الأمن القومي المصري، وهذا التكتل كان من الممكن أن يلعب دوراً حيوياً في نجاح عملية الأصلاح والتغيير التي تتم بمصر الان، لكن فرحتنا بوجود مثل هذا التحالف الذي كان يضم أكثر من 34حركة وحزب وجماعة سياسية ،تلك الفرحة لم تكتمل،وبدأنا نرى أنسحاب أهم فعاليات تلك التحالف منه . بدأ الأنسحاب بأحزاب: الكرامة "الناصري" وتلاه "الوفد"الليبرالي"والعمل"القومي الأسلامي"، وأخيرأ ًالجماعة الإسلامية أعلنت اليوم رسميا انسحابها من هذا التحالف . أذن ماذا تبقي للأخوان في هذا التحالف ،للأجابة نقول :تبقي لهم عدة جماعات وحركات واحزاب غالبيتها صغيرة وهشة، وباستثناء التيار السلفي فأن بقية تلك المكونات صغيرة ولاتمثل اي ثقل في الشارع ، ومن هنا فإن سلوكيات الأخوان تذكرنا بالأسلوب الذي كان يتبعه الحزب الوطني مع المعارضة الا وهو الاستحواذ علي كل شيء واستبقاء الفتات للمعارضة، ربما يختلف الأخوان عن الوطني في أنهم فقط لايزورون الانتخابات، ولا ندري ان اتيحت لهم فرصة اجراء تلك الانتخابات والإشراف عليها ماذا يفعلون؟ . والملفت للأنتباه من خلال متابعتنا لكواليس التفاوض مع الأخوان بهذا التحالف، ان الأخوان تشددوا مع احزاب كان لها الفضل في استضافتهم علي قوائمها، وفي طليعة تلك الأحزاب حزب العمل، وهو الحزب الذي سبق أن فتح للأخوان أبوابه وصحفه ومؤتمراته سنين طويلة، وخرجت من تلك الصحف أفضل كوادر جماعة الاخوان الصحفية، ولا زلنا نتذكر مقالات قيادات الاخوان في جريدة الحزب وهي "الشعب". وعلي الرغم من أن رئيس حزب العمل الدكتور ابراهيم الجعفري ترشح على قوائم الاخوان في انتخابات البرلمان الماضية، وتربطه بهم علاقات وثيقة، لم يسلم من تشددهم خلال تلك المفاوضات على نسب المرشحين، تشددوا مع الجعفري أيضا ً في مفاوضات القوائم واجبروه علي أن ينسحب مع حزبه من هذا التحالف، وعندما فاوضهم طرف آخر من حزب العمل كان له فضل دخولهم على قوائم الحزب اواخر القرن الماضي وهو الاستاذ مجدي احمد حسين تنكروا له وأجبروه مع فصيله ان ينسحب هو الاخر من هذا التحالف . ونفس الموقف حدث مع حزب الوفد، والذي كان اول حزب يتحالف مع الأخوان، ويأخذهم على قوائمه في انتخابات مجلس الشعب التي تمت اوائل العقد الأخير من القرن الماضي، حيث فاوض الأخوان الوفد وضيقوا عليه الخناق ورفضوا التوصل لحلول وسط معه واجبروه على اعلان الانسحاب من التحالف الديمقراطي ، وما فعلوه مع الوفد فعلوه مع الجماعة الاسلامية والتي تعتبر نفسها امتدادا لمنهج الاخوان وافكارهم وطريقهم ، إلا ان ذلك لم يلزم الاخوان ولو اخلاقيا علي التعاون مع تلك الجماعة خلال التفاوض على النسب وهو ما جعل الجماعة تعلن انسحابها من هذا التحالف . ومن خلال ما سبق، اجدني اري حزب الوسط وهو الذي خرج من رحم الأخوان ،هو الفصيل الإسلامي الوحيد الذي فهمهم واخذها من قصيرها كما يقول المثل الشعبي، ولم ينضم لهذا التحالف الديمقراطي ، ربما لأن المهندس ابو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، كان من الأخوان ومن ثم هو يعرف طريقة تفكيرهم ،الا وهي أن كان هناك فصيلا اسلاميا طاغيا ومهيمنا في مصر ،فيتوجب ان يكون الأخوان ،أي أن الأخوان يرون أنفسهم كما يقول المثل العامي "كالفريك لايحبون شريكا لهم" ،لايحبونه على الرغم من ان قادتهم الكرام يصدعوننا ليل نهار عبر الفضائيات متعددة الجنسيات والميول والأتجاهات بأنهم دوما يسعون للتجميع لا للتفريق، بينما سلوكياتهم تسير عكس ذلك على طول الخط . وموقف حزب الوسط ذكرني بموقف الأخوان ضد حزب العمل عندما خرجوا في تظاهرات الوليمة بجامعة الأزهر بالتنسيق مع اعداء الحرية، وتم تلفيق أمر إخراج التظاهرات لحزب العمل، لتتخذ السلطة وأجهزة أمنها وقتها من تظاهرات الأخوان مخلب قط في الكيد للحزب وصحيفته الشعب ،وينتهي الأمر بتجميد حزب العمل واغلاق صحيفته الشعب التي كانت منبرا مهما للدفاع عن الوطن وامنه القومي في وقت كانت مصر في امس الحاجة اليها.. أذن الأخوان فجروا التحالف الديمقراطي وقضوا عليه من الداخل، في ظل احداث طائفية يمر بها الوطن، نراها تصب في صالحهم لكون انها تخلق نوعا من الاستقطاب الديني في الشارع المصري ،هذا الاستقطاب الذي يتوجب علي كل محب لمصر ان يقاومه ،ومقاومته تتم عبر طريق واحد طالما دعا اليه العبد لله في كتابات واراء له الا وهو إقامة تحالف للمؤمنين يضم المسلمين وغير المسلمين وكل المحبين للخير والداعيين للفضيلة ايا كانت عقيدتهم ،وهذا التحالف يكون في مواجهة قوي التحرر من الدين والاخلاقيات التي تضلل اخواننا المسيحيين وتأخذهم نحو منحني لانريده علي الاطلاق ،هنا نتمكن عبر هذا التحالف من ضرب حالات الاستقطاب الديني وخلق كتلة ثالثة قوية تضم التيار القومي والايماني"الاسلامي -المسيحي"تلك الكتلة تعبر عن مصر وعن الوسطية وعن التوحد وعن الرباط الواحد الذي يجمعنا الي يوم الدين. وختاما، نحن لانعادي الأخوان بل العكس هو الصحيح ،لكن يتوجب علينا أن نردهم عن ظلمهم، ولاندعهم في طغيانهم يعمهون، لكون ان هذا التحالف الانتخابي الديمقراطي الذي استعرضنا فيما سبق دورالاخوان في تفجيره، هذا التحالف كان امانة ووجوده متعافيا قويا ً لم يكن في صالح الجماعة فقط ،أنما كان في صالح العملية الديمقراطية في مصر ،لكن للاسف اراد الأخوان ان يخرجوا منه بنصيب الأسد في نسبة المرشحين علي قوائمه وهو الأمر الذي لم يرق للشركاء فيه فخرجوا منه وتركوا للاخوان كيانا شكليا ً ،وجماعة مهيمنة علي هذا التحالف يبدو انها لاتري الانفسها .