منطقة كاملة تحيا بين تلال القمامة وبرك الصرف الصحي. ترعة الموت تحتال على الصغار لقبض أرواحهم. مياه الصرف هدمت المنازل على رؤوس اصحابها. ضيق الطرقات لا يسمح بدخول سيارات الإطفاء أو الإسعاف. من هنا وعلى بعد أمتار من محطة مترو المنيب ، نجد عالماً آخر للمهمشين والبسطاء ، وسط تلال من القمامة، وبرك الصرف الصحي، يحلمون بحياة آدمية مثل غيرهم من المواطنين، كما نسمع أصوات الأمهات يتعالى صراخهنّ خوفاً على أطفالهنّ من الموت تحت الأنقاض. هذه العبارات ليست جزءً من مقطع فني بل هو الحال في منطقة "القصبجي" إحدى المناطق العشوائية بالمنيب التي يحلم قاطنوها بحياة آمية. ترعة الموت في البداية، صادفتنا ترعة الموت التي تمتد مع طول الطريق، وقد سميت بهذا الاسم من قبل قاطني المنطقة لما تحتويه من تلال القمامة ، فضلاً عن الحشرات الضارة الناقلة للأوبئة والأمراض الخطيرة، وكذلك بعض الحشرات الزاحفة مثل العقارب والثعابين. على الرغم من ذلك تجد الأطفال يلعبون وسط الترعة غير مهتمين بمخاطر الأمراض التي ستداهمهم من إستنشاقهم للروائح الكريهة، وعبث الحشرات على وجوههم. وقد أكد قاطنو المنطقة أنهم كانوا ومازلوا متخوفين على أبنائهم من هذه الترعة، التي غرق بها عدد من الأطفال أثناء سيرهم على القمامة التى تملىء الترعة وتجعلها كالطريق الممهد، فأنخدعوا بها وكان مصيرهم الموت خنقاً. كذلك تحتوي المنطقة على عدد من المنازل المتصدعة، وأخرى على وشك السقوط، وقد ذكر الأهالي أن هذه المنازل قد هُدمت بفعل الصرف الصحي المتراكم أسفل المنازل . لا آدمية يقول هادى السيد -من أهل المنطقة- أن القصبجي منذ قديم الأزل لا يوجد بها حياة آدمية، ولا يوجد إعلام ينقل ما يحدث بها حتى يشعر المسئولون أن هناك من يعاني من الأمراض والأوبئة، وأن هناك منازلاً يوشك أن تنهار على أهلها، فضلاً عن المياه المختلطة بمياه الصرف الصحي، وانتشار تجارة المخدرات. الأمر نفسه أكده محمود عباس، الذي أوضح أن هذه المشكلات الذي ذكرت جزء من كل، فهناك مشكلة الإيجار، واستغلال مُلّاك العقارات لهم، أضف إلى ذلك الموت المفاجئ لكبار السن نتيجة روائح الصرف أمام بعد أن اصيبوا بأمراض الربو وضيق التنفس. وأضاف، كثيرون من مقيمى القصبجي انهالت عليهم منازلهم بسبب تدهور الأساسات من مياه الصرف التى آدت إلى تآكل أسفل الجدران، لذلك فقد الأهالي كثير من ذويهم أسفل منازلهم بعدما أنهالت عليهم . هذا ما أكدته صفية محمود -سيدة في الأربعين- التي قالت "أنها كانت تقيم بمنزلها المكون من ثلاث طوابق مع أسرتها المكونة من أربعة أبناء وزوجها، وبفعل تراكم مياه الصرف الصحي أسفل منزلها، ومع إمتناع أصحاب عربات الصرف الصحي عن سحب هذه المياه أنهار منزلها وقضى على نجلها الصغير ذو العشرة أعوام. ومن جانبها تقول زينب عباس -ربة منزل- إنها مريضة بالربو مثل زوجها وطفلها الوحيد ذو الخمسة أعوام، نتيجة إستنشاقهم لروائح الصرف داخل منزلهم فى كل لحظة، وكذلك وجود الحشرات والزواحف الناقلة للأمراض لمنازلهم، وتمنت أن تحيا حياة آدمية، وليست الحياة المترفة فهي لا تحتاج سوى المياه النظيفة. غلاء أسعار السكن كما أضاف شريف رأفت -أحد قاطني المنطقة- أنهم يعانون ارتفاع أسعار الأيجار، مؤكداً أنهم يدفعون 300 جنيه إيجار شهري لصاحب المنزل على غرفة لا تتجاوز الأربعين مترا،ً وسط تلال القمامة والقازورات وبرك الصرف الصحي. كما قالت سعدية صادق، أنها لا تستطيع دفع إيجار الشقة، وهي تعول من الأبناء خمسة بعد وفاة زوجها أسفل المنزل القديم الذى إنهار بعدما دمرت اساساته مياه الصرف الصحي. المطافئ لا تدخل وأوضح زكريا شاكر -أحد المقيمين بشارع السوق- أن منطقة القصبجي بها العديد من الحواري والأزقة الضيقة، مثل شارع السوق، الذي يصعب على سيارات المطافئ دخوله، الأمر الذي هدد كثير من منازل المنطقة، فبعدما تندلع النيران بالمنزل لا يستطيعون الاستنجاد بسيارات المطافئ لضيق الشوارع فيعتمدون على خراطيم المياه والأتربة في إطفاء الحريق.