منطقة تل العقارب تتبع حي السيدة زينب بالقاهرة وتبلغ مساحتها 100 فدان وهي إحدي المناطق العشوائية شديدة الخطورة غير الملائمة للسكن فالبيوت آيلة للسقوط شديدة الضيق. والصرف الصحي غير صحي بالمرة. حيث لا يزال الأهالي يعتمدون علي "الطرنشات" التي تنبعث منها روائح كريهة تؤي الجراثيم والأمراض. ناهيك عن ضيق الشوارع وارتفاعها عن سطح الأرض مما يعيق حركة سيارات المطافيء إذا شب بالمنطقة حريق لا قدر الله. بالإضافة إلي وجود زواحف وثعابين تهدد حياة السكان.. "المساء" تفقدت مساكن التل علي الطبيعة وحاورت سكانها واستمعت لشكاواهم ومطالبهم. ونقلتها لمسئولي الحي وتطوير العشوائيات.. في التحقيق التالي: تقول وردة إسماعيل "أم ريكو": أعيش في المنطقة منذ ولادتي. وتزوجت فيها وأنجبت طفلين أحدهما 4 سنوات والآخر 3 سنوات. وأتعجب من تجاهل الحكومة لمنطقة تل العقارب. رغم علمها بما نعانيه من حياة متدنية غير آدمية. فالبيوت عشش آيلة للسقوط. والمكان يشبه التل الصغير نظراً لارتفاعه عن سطح الأرض ويتم الصعود إليه بسلالم متهالكة. ولا تستطيع عربات المطافيء الدخول إلي البيوت إذا وقع حريق بها لا قدر الله. حيث لا يوجد شوارع داخل التل نظراً لالتصاق البيوت ببعضها وارتفاعها عن سطح الأرض بلا أساس. كما أن غرفها منفصلة لا تزيد مساحة الواحدة علي خمسة أمتار مربعة "2 * 5.2 متر" وأسقفها منخفضة للغاية. توضح آمال عابد "من سكان التل" انه رغم الحديث عن تطوير المنطقة منذ عام 1993. فإنه لم يحدث شيء لا في عهد النظام السابق ولا حتي في أيام الرئيس مرسي الذي وعد بتوفير احتياجات المواطنين وتحقيق العدالة دون أن نلمس ذلك علي الأرض. فالبيوت تتساقط واحداً بعد الآخر. والأعمدة تتآكل. والخدمات تكاد تكون منعدمة. والصرف الصحي عشوائي "طرنشات بدائية" والحمامات مشتركة تنبعث منها روائح كريهة. وغالبها مفتح الأبواب. لا يستر بعضها سوي قطعة قماش تعلق كستارة والبعض الآخر له أبواب خشبية متهالكة. وتضم البيوت 4 إلي 5 غرف تعيش كل أسرة في غرفة يتراوح أفرادها بين 5 و8 أشخاص. أضافت آمال: نتمني أن ننتقل إلي مكان آخر في أي مشروع إسكاني تقيمه الدولة بمقابل مادي يتلاءم مع ظروفنا المادية الصعبة. أكدت ان المياه مقطوعة طوال اليوم وإذا جاءت فلمدة ساعة واحدة يوميا. ونعاني أشد المعاناة في الصيف من الحشرات والثعابين والفئران. والبيئة خصبة للفيروسات والحشرات والأمراض ونخشي علي صغارنا من هذا التلوث الذي يحيط المكان من كل جانب. يشير محمد عليوة "سباك" إلي ان أسرته مكونة من 8 أفراد وقد انهار منزلهم في مصر القديمة منذ عشر سنوات وبسبب ظروفهم المادية القاسية لم يجدوا سكناً ملائماً سوي تأجير غرفة بسعر 100 جنيه شهرياً في تل العقارب. طالب عليوة المسئولين بأن يقوموا بحصر السكان داخل بيوت التل لإزالتها لما تمثله من خطورة داهمة علي حياتهم. وأن يوفروا لهم مساكن بديلة بإيجار بسيط يناسب ظروفهم الاجتماعية والمادية. تقول الحاجة كريمة علي "من سكان التل": أعيش بالمكان منذ 50 عاماً في غرفة صغيرة بالدور الأرضي مع أولادي السبعة. وكان زوجي يعمل أرزقي في مجال المعمار قبل وفاته. ولليس لنا مصدر رزق سوي معاش 85 جنيها. وأعاني أمراضاً مزمنة "القلب. الضغط. السكر. الكلي" وطالبنا المسئولين بإنقاذنا من هذا الهلاك دون جدوي وكأننا نعيش في كوكب آخر. ورغم قيام الثورة وتولي رئيس جمهورية منتخب أمور البلاد فإن الحكومة تعاملنا معاملة غير آدمية. رغم اننا نعيش دون مستوي الفقر. يشكو حسن عبدالنبي "أحد السكان" من تراكم القمامة بشكل سييء مما يبعث بروائح كريهة. فضلاً عن تراكم مياه الصرف أمام البيوت مما أصاب الأطفال بالربو والحساسية وانعدام الأمن بالمنطقة كلها مما يؤدي لحوادث سرقة وتحرش يمنع البنات والنساء من الخروج بعد الخامسة مساء لعدم قدرة رجال الأمن علي الوصول إلي المنطقة بسهولة. بالإضافة لهجوم الثعابين والزواحف علي المكان وهو ما يمثل خطورة علي حياة الكثيرين. "المساء" نقلت هموم ومتاعب سكان تل العقارب للمسئولين.. فقال اللواء خالد المعبدي رئيس حي السيدة زينب: تل العقارب تتعدي مساحته 100 فدان. وهو منطقة عشوائية غير آمنة وغير ملائمة للسكن. وتمثل خطورة داهمة علي حياة سكانها. وسوف يشملها التطور ضمن ثلاث مناطق أخري بالقاهرة من بينها عزبة الورد بالشرابية ورملة بولاق بتكلفة 545 مليونا و564 ألف جنيه. وجري حصر شامل للسكان فوجدناهم 18 ألفاً و300 فرد يقطنون في 267 عقاراً مهدداً بالانهيار. وسوف يجري نقلهم إلي مساكن حضارية خلال الأشهر القادمة في عام 2013 كما حدث في مساكن زينهم. تقول المهندسة سعاد نجيب "مدير عام وحدة متابعة صندوق عشوائيات القاهرة ومنسق الإدارة المحلية": عقدنا اجتماعا برئاسة محافظ القاهرة. وتم عرض خطة مدروسة بخصوص تطوير منطقة تل العقارب في الأساس عن طريق احلال وتجديد المنطقة. وقيام المحافظة بتأجير بعض الوحدات السكنية للسكان في أي مكان آخر لحين الإنتهاء من أعمال التطوير. ويتم رجوع السكان للمنطقة مرة أخري بعد هدمها وتطويرها. وسوف يتم تسوية التل بسطح الأرض لأنه يعلوها بمقدار 50 متراً. أضافت سعاد: الفكرة جديدة. لأن عائد التكلفة سيعود مرة أخري لصندوق العشوائيات. ومقداره 380 مليون جنيه للتل فقط عن طريق بناء مولات تجارية في الأدوار الأرضية وخلال عام واحد سوف تدر عائداً مادياً مقداره 660 مليون جنيه بزيادة 284 مليوناً. فالمشروع يهدف لدفع تكلفة التطوير لصندوق العشوائيات مرة أخري للبدء في تطوير منطقة عشوائية أخري. أكدت أن البدء في تنفيذ الخطة في انتظار موافقة رئيس الوزراء بعد التشاور مع الأهالي ومعرفة وجهات نظرهم. يقول المهندس خالد الجبرتي "المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية": تم تحديد المناطق غير الآمنة بمعايير عديدة أولها درجة خطورتها وهي المناطق التي تهدد حياة الإنسان كأولوية أولي. وثانيها مناطق تهدد الصحة العامة لافتقادها المياه النظيفة والصرف الصحي الذي يكون أغلبه عشوائياً. أشار الجبرتي إلي أن الصندوق يهتم بعرض البرامج الاجتماعية والاقتصادية التي تواءم مع آليات تمويل المشروعات وكيفية التعامل مع سكان المناطق العشوائية لاختيار أنسب البدائل التي تتوافق مع طبيعة كل منطقة.