الصخرة التي سقطت قبل نحو عامين, في الدويقة, استطاعت أن تدفن الضحايا أحياء, ولكنها لم تمنع أشباح هؤلاء الأبرياء أن يظلوا ليل نهار علي أحياء مرشحين ليصبحوا هم أيضا ضحايا تحت التهديد.. الكارثة السابقة كانت نتيجة لعدم التخطيط الحضري واهمال اجراءات واشتراطات السلامة, والكارثة المتوقعة ستصيب شارع المعدسة في منشأة ناصر, حيث يتوقع الأهالي. وقد حصل الأهرام المسائي علي تقرير لمنطقة العفو الدولية توصي فيه الجهات المصرية المسئولة بضرورة التحرك العاجل نظرا لوجود200 عائلة بحي منشأة ناصر يتعرضون للموت بسبب المخاطر الشديدة الناجمة عن تساقط الصخور ولم تبادر السلطات حتي الآن! بتوفير مساكن بديلة لهذه العائلات, تمهيدا لإخلاء المنطقة. وكانت زيارة اعضاء منظمة العفو الدولية لشارع المعدسة في فبراير الماضي وسجلوا أنه رغم استمرار الخطر فإن الأهالي لم يغادروا منازلهم لسببين: عدم توفير مساكن بديلة, وعدم قدرتهم علي شراء مساكن في اماكن أخري, نظرا لتدني دخولهم وأوضاعهم الاجتماعية وأرجع التقرير أسباب تشققات جدران المباني الي عمليات تهذيب الصخور التي تمت لتأمين المنحدرات, مشددا علي حقهم في الحصول علي السكن المناسب وضرورة توفير المعلومات الكافية بشأن المخاطر التي تحيط بهم واجراءات السلامة التي تتخذ لتأمين الصخور في المنطقة وحق المواطنين في التشاور معهم علي نحو كاف في البحث عن الحلول المناسبة لما يمرون به من محنه. في جولة الأهرام المسائي في منطقة الخطر, قالت مني هجرس موظفة بوزارة التربية والتعليم إنها تقيم في شارع المعدسة بمنشأة ناصر, حيث يعاني أهالي المنطقة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية الدائم بمنازلهم وأدت الي هبوط أرضي, لدرجة ردم الطابق الأول واختفائه في بعض الأماكن كما تختلط مياه الصرف بالمياه الجوفية وتصيب الأطفال والكبار بالامراض الجلدية والروماتيزم. وتقول إن المياه تغمر البيوت ويضطرون تجفيفها يوميا وأكد الأطباء خطورة ذلك, اذ قد يؤدي الي الاصابة بالدرن حيث نصحوهم بالامتناع عن تجفيفها بعد أن اصيبوا بأمراض صدرية وبسبب المياه الجوفية بدأت جدران منزلها تتساقط بعد أن اصبحت هشة وسهلة الانهيار. وتقول ثريا محمد انها حاولت إيقاف تسرب المياه باستخدام الجبس والاسمنت إلا أن المياه تتسرب مرة اخري لتغرق البيت من جديد. توابع تهذيب الصخور وتحمل زمزم عبد الغني المقاولين الذين قاموا بتهذيب الصخور الملاصقة لمنازلهم مسئولية تصدع البيوت وانهيار أسقف عدد منها اضافة الي تصدع الصخور الملاصقة للمباني. ويقول حمدي ابو حمد إن مهندسين من شركة المياه حضروا وأكدوا لهم أن هذه المياه ليست مياه صرف ولكنها مياه جوفية تخرج من الجبل, وأن الأهالي حاولوا توصيل اصواتهم الي المسئولين بالحي والمحافظة دون جدوي, حيث تم تجاهل الشكاوي التي تقدموا بها. وبعد تجاهل شكاواهم قاموا بتحرير محضرين في قسم منشية ناصر حملا أرقام1393 لسنة2010 و1126 لسنة2010 وبلاغ للنائب العام ثم توجهوا بشكواهم الي الله. وأضاف أن الخبير الجيولوجي مصطفي القاضي جاء للمعاينة وأقر بخطورة الأمر, وأنهم توجهوا بعد ذلك لرئيس حي منشأة ناصر اللواء مصطفي عبادة فأرسل معهم مهندسا للمعاينة وتمت المعاينة وأكد المهندس أيضا مدي الخطورة المتوقعة ثم اتجهوا مرة أخري مع المهندس لرئيس حي منشأة ناصر واطلع علي محضر المعاينة وحولها الي مدير الاسكان ابراهيم عطية ثم فوجيء الأهالي يوم الجمعة الموافق2 ابريل بحضور رئيس الحي والمهندس مصطفي القاضي ومهندس الحصر وحصلوا علي المستندات من السكان وكتابة الأسماء ثم ذهبوا بعدها. وأضاف ذهبت لمقابلة رئيس الحي يوم11 ابريل وسألته عن الحصر الذي قاموا به والمستندات وفوجئت بإنكاره للحصر وتسلم المستندات. اتهامات رئيس الحي يطالب ابو القاسم محمد بضرورة احضار لجنة فنية محايدة لاتتبع الحي لمعاينة المنطقة وتسجيل حجم الكارثة المتوقعة وذلك بعد اتهامات رئيس الحي المتكررة للأهالي بكسر مواسير المياه مؤكدا أن المياه الجوفية الموجودة بالمنطقة منذ أكثر من15 عاما هي أحد الأسباب الرئيسية في تفتت الصخور. ولكن اللواء مصطفي عباده رئيس حي منشأة ناصر نفي في اتصال تليفوني وجود مياه جوفية بالمنطقة واتهم الأهالي بقطع الكهرباء عمدا حتي تغرق مياه الصرف منازل المنطقة كأحد انواع التحايل علي الحي والمحافظة لتسلم وحدات بديلة كما نفي أن تكون عملية التهذيب سببا في احداث تصدعات مؤكدا أن عددا من الأهالي قاموا بهدم اسقف منازلهم كأحد انواع التحايل أيضا. وقد نقلنا الي اللواء عبادة معاناة الأهالي الذين يتعرضون للخطر في أي وقت, وبادر بوعد الاهرام المسائي بالقيام بجولة في المنطقة بمصاحبته وحدد موعدا للجولة الميدانية إلا أنه في صباح اليوم المتفق عليه امتنع عن الرد علي تليفوناته وفشلت كل محاولاتنا في الوصول اليه. وقال لنا علي الفرماوي رئيس صندوق تطوير العشوائيات إن فريق اللجنة الجيولوجية الخاص بالمحافظة أكد في تقاريره التي أعدها عن جبل المقطم وجود مياه بالجبل. وقال إن الصندوق يتابع انجازات المحافظة في تنفيذ خطة تطوير العشوائيات من خلال تقارير تصدرها المحافظة كل ثلاثة أشهر تفيد بمعلومات عن المناطق التي تم الانتهاء من ازالتها ومنح الأهالي مساكن بديلة. وأضاف ان المحافظة تلتزم بالخطة التي وضعتها اللجنة الجيولوجية في تصنيف العشوائيات الي4 مراحل من حيث الخطورة. تدعيم الحافة ويشدد الدكتور علي عبد الرحمن أستاذ الهندسة والرئيس الأسبق لجامعة القاهرة علي ضرورة تدعيم وتقوية تلك الحافة لخطورتها مؤكدا أن وجود إنشاءات بالقرب من الحافة دون عمل تدعيم او تقوية لها يمثل مخاطرة. وقال إن تكلفة هذا التدعيم عالية ومن الأفضل اعادة تسكين هؤلاء وازالة منازلهم مؤكدا أنه سيكون أكثر آمنا وأوفر من الناحية الاقتصادية. ويضيف انه كان أحد اعضاء اللجنة الهندسية التي اعدت تقريرا لمحافظة القاهرة وأن التقرير تضمن أيضا طرق تأمين الحافة من المناطق المختلفة عن طريق تشكيل ميول طبيعية وعمل مصايد وحرم من السلك للكتل المنزلقة, وأن المياه الجوفية الموجودة بالجبل محدودة لكنه أغلب المياه ناتجة عن شبكات صرف متهالكة تحتاج لتغيير. وقال إن موقع الأهالي الموجودين في المنطقة المنخفضة الواقعة تحت الجبل يعرضهم للخطر حيث تتسرب المياه علي منازلهم بالاضافة الي تساقط كتل من الهضبة علي بيوتهم. ويؤكد المهندس مختار الحملاوي نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية أنه نتيجة المعاينة طبقا للجنة الجيولوجية الموجودة لدي الحي فإن محطة الصرف الصحي تتعطل عند انقطاع التيار فتغرق البيوت. وقال ارسلنا خطابا رسميا لشركة الكهرباء لاستمرار العمل وعدم قطع التيار عن المنطقة ومحاولة توفير مولدات تعمل عند انقطاع التيار لتشغيل ميكنة الصرف حتي لايرتفع منسوب المياه. أين سياسة الإيواء العاجل؟ وانتقدت منال الطيبي مديرة مركز الحق في السكن خطة صندوق تطوير العشوائيات ومحافظة القاهرة في التطوير, وتساءلت: أين أولويات الازالة وأين سياسة الايواء العاجل؟ وقال إن هناك عددا كبيرا من المناطق التي تم تصنيفها ضمن المرحلتين الثالثة والرابعة في خطة التطوير علي الرغم من خطورتها والتي قد لاتتحمل انتظار دورها في التطوير والذي يصل الي5 سنوات مثلا مما يؤدي الي حدوث كارثة وتكرار كارثة الدويقة2008 في كثير من المناطق. وتقول إن هناك مناطق يستعجل الصندوق ازالتها مبررة ذلك بأنها مناطق ذات مواقع استراتيجية مثل المناطق الواقعة خلف برج النيل واركيديا ومثلث ماسبيرو. وأوضحت ان ذلك يؤكد عدم الاهتمام بسياسة الايواء العاجل في مصر وهو نقل الاسر في ايواءات عاجلة توفرها لهم الدولة باعتبار الايواء العاجل أقل تكلفة وأكثر أمنا من موقفهم الحالي الي أن توفر لهم الدولة السكن البديل. وتوضح أن فترة الايواء العاجل لاتزيد علي سنتين كحد أقصي وان الايواء العاجل يلعب دورا مهما ايضا في عملية الاحلال والتجديد في المناطق التي لاتمثل خطورة داهمة أو لاتحتاج للازالة وأكدت ان انعدام الثقة وفقدانها بين المواطن والمسئولين قد يكون أحد أسباب رفضهم الانتقال لمساكن الايواء ظنا منهم بأنه لم يتم توفير البديل وذلك بعد أن شاهدوا مئات المواطنين الذين انتقلوا لمساكن الايواء منذ أكثر من30 عاما ولم يتم نقلهم او تعويضهم بالسكن بالبديل حتي الآن. وتشدد علي ضرورة الاهتمام بسياسة الايواء العاجل الذي يستخدم لمدة سنتين كحد اقصي مؤكدة انه سيسهم بشكل كبير في انهاء أزمة العشوائيات والحفاظ علي أرواح المواطنين الذين يعيشون حالة من القلق بسبب الخطورة التي تهدد ارواحهم من آن لآخر. خريطة للكوارث وتقول إن هناك مواقع للخطورة في المحافظات ربما تكون ساحة لكارثة جديدة منها منطقة زرزارة ببورسعيد ويقيم بها أكثر من6 آلاف أسرة يقيمون في عشش علي تلال من القمامة معرضة الاشتعال في أي وقت, كما يتعرض أطفال تلك المنطقة لأمراض خطيرة نتيجة لاستنشاق روائح كريهة. ويقول اللواء ابو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء: إن الجهاز بصدد اجراء لحصر للمناطق العشوائية في مصر بالتعاون مع صندوق تطوير العشوائيات واصفا ذلك بأنه اجراء عملي وواقعي لتسجيل حصر دقيق بالاماكن العشوائية. العشوائيات وجدت لتبقي! ولكن الدكتور ابو زيد راجح خبير التخطيط العمراني ورئيس شعبة الاسكان والتخطيط بأكاديمية البحث العلمي يري أن العشوائيات وجدت لتبقي وستظل الي ما بعد القرن الحادي والعشرين ولا تملك الدولة القدرة علي القضاء عليها تماما فمن الصعب توفير اسكان ل16 مليون شخص يقطنون العشوائيات التي اصبحت تضم كل شرائح المجتمع وليست الطبقات الفقيرة فقط كلما قضت الحكومة علي جزء منها تظهر لنا عشوائيات في مناطق أخري. وأكد أن الحل يكمن في تفادي الدولة البناء بشكل عشوائي في الوقت الراهن والمرحلة القادمة بالاضافة الي محاولتها لتحسين المناطق العشوائية الموجودة من خلال عمل احلال وتجديد وتوفير جميع الخدمات والاحتياجات التي تحتاجها تلك المناطق حتي تتعايش مع المجتمع المحيط لأنها جزء من تكوينه. معاينة أسبوعية ويؤكد خليل شعث مستشار محافظ القاهرة لتطوير العشوائيات أن اللجنة الجيولوجية لدي المحافظة والتي تتكون من5 اشخاص اعضاء في هيئة المساحة الجيولوجية تجري معاينة في منطقة منشأة ناصر كل خميس لعمل فحص للصخور علي الطبيعة وتحديد مناطق الخطورة وكانت اللجنة قد حددت7 منازل ضمن الخطورة الداهمة بهذا الشارع والتي تمت ازالتها علي الفور اما باقي المنازل فلم تقر اللجنة بخطورتها فقد تقع في المرحلة الثالثة أو الرابعة من درجات الخطورة. ويوضح أن المحافظة مازالت في حاجة عاجلة لتوفير12 ألف وحدة سكنية بعد أن استنفدت الوحدات الموجودة لديها بعد كارثة الدويقة حيث تم نقل كل من يقع في منطقة خطورة فكانت المحافظة وقتها تحتاج ل23 الف وحدة سكنية وانتهت من تسكين11 ألفا منها ومازالت تبحث عن وحدات لباقي المواطنين فكانت كل امكانات المحافظة المادية والتنفيذية موجهة للتصدي لأماكن الخطورة المهددة لحياة المواطنين. وأكد أن المحافظة امكاناتها محدودة وان المحافظ يحاول الحصول علي وحدات سكنية خارج المحافظة ولهذا السبب تحاول المحافظة تنفيذ توصيات اللجنة الخاصة بالأماكن الأشد خطورة والتي صنفتها اللجنة بمناطق الخطورة رقم واحد فهي خطورة مهددة للحياة والتي تقع تحت هضاب جبلية او حرم سكة حديد متحرك او مخرات سيول. ويقول إن محافظة القاهرة تحتوي علي85% من مناطق الخطورة المهددة للحياة وتحديدا تحت هضاب جبلية وقد ازالت المحافظة نحو12 الف وحدة سكنية في منطقة منشأة ناصر وعزبة خير الله بمصر القديمة اما السكن غير الملائم فاعتبرته اللجنة ضمن مرحلة الخطورة الثانية وهو عبارة عن عشش ويوجد منه في محافظة القاهرة في مناطق عزبة ابو قرن وابو حشيش, وتل العقارب, ومنطقة الايواءات حي منشأة ناصر. ووقعت المناطق المهددة للصحة العامة اسفل خطوط الضغط العالي او مناطق التلوث الصناعي مثل مدابغ مصر القديمة أو الاماكن التي لاتوجد بها مياه وصرف صحي ضمن المرحلة الثالثة من مراحل الخطورة. أما المرحلة الأخيرة فكانت مناطق الحيازة غير المستقرة وهي العشوائيات المقامة علي اراض لايمكن تقنين حيازتها مثل المقابر وأن مثلث ماسبيرو التابع لحي بولاق أبو العلا يقع في المرحلة الثانية من مراحل الخطورة حيث السكن غير الملائم. اما عن سكان الايواءات الذين يقطنونها منذ اكثر من30 عاما وسياسة الايواءات العاجلة لدي المحافظة فقال إنه كان من المفترض تسكين سكان الايواءات الموجودين في بعض مناطق بمنشأة ناصر في الوحدات المقامة في منطقة الدويقة الجديد إلا أن كارثة الدويقة التي حدثت في2008 غيرت مسار خطة المحافظة في تسكين هؤلاء فأصبح من الأولي تسكين المواطنين المضارين من الكارثة فتم تسكينهم بالفعل في تلك الوحدات التي بلغ عددها10 آلاف وحدة سكنية مؤكدا أن المحافظة تتصرف في اطار الامكانات المتوفرة لديها. وعن الايواءات العاجلة التي يتم نقل المواطنين اليها حتي يتم اجراء احلال وتجديد لمنازلهم يقول إن المحافظة تحاول التنسيق مع صندوق تطوير العشوائيات الذي تم انشاؤه عام2008 بقرار جمهوري رقم305 وتنتهج المحافظة اسلوب التنمية بالمشاركة في تطوير مثل هذه الاماكن عن طريق دراسة احتياجات السكان وادماج الشركاء المعنيين في وضع اولويات الحلول والتطوير وأكد أن المرحلة الثانية في الخطة المتكاملة لتطوير القاهرة2050 تشمل عمل ايواءات خارج المحافظة وقال إن موازنة المحافظة تحتاج لبذل مجهودات مع الوزارات المعنية للتأكد من توفير الاراضي البديلة في المجتمعات العمرانية خارج المحافظة وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتخطيط تلك المناطق لإنشاء وحدات عليها أو شراء وحدات سكنية من خلال وزارة الاسكان والتي يتم انشاؤها في برنامج الأولي بالرعاية والعمل علي معرفة احتياجات المواطنين لتوفير حياة متكاملة لهم والتصدي لجميع اماكن الخطورة بدرجاتها