دخلت الي أحدي المستشفيات أجري فحص لأبني الذي كان يعاني من البرد الشديد , جلست أنتظر دوري في قائمة الكشف ,, وأثناء أنتظاري الدور مرت أحدي الممرضات ووزعت علي الجالسين ورق للتوعية من مرض سرطان الثدي لم أهتم وقتها فقد كان كل ما يُشغل تفكيري وقتها صغيري المريض ألقيت بالورقة بجانبي ودخلت مع صغيري للطبيب وبعد خروجي وجدت أمراة تنظر لي وقالت : هي لي هل آخذ من وقتك دقائق ؟ , أستغربت في باديء الأمر وفي النهاية جلست معها واذا بها تحدثني بكل حب وتفاؤل وكأنها تعرفني وبدأت في سرد قصتها لي . إليكم قصتها كما حكتها لي .في الماضي أعتقدت أني لدي كل شيء :العمل الاسرة المال والأهم من ذلك حياتي المشغولة دوماً التي لا تجعلي لي وقت كي أهتم وأعتني بنفسي .أعتقدي أنني كنت أمراة فائقة في كل شيء كما يقولوا (سوبر ومان) فأنا أعرف كيف أوفق بين عملي كمدرسة بدوام كامل وبين واجباتي نحو زوجي وأثنين من الاطفال الرائعين أيضا ,, ولدي دائرة معقولة من المعارف والاصدقاء ولدي أيضا حياة أجتماعية أعتقدت أنها كالمعادلة تنقسم بين عائلتي وعملي لم أكون أعرف أن ذهابي لفحص منتظم سيغير من حياتي بشكل كبير . في البداية لم أكون أذهب لطبيب خاص بي , فقد كنت أتمتع بالتأمين الذي أعطته الوظيفة لي فقط ونادرا ما كنت أستخدم التأمين , كنت اتركه للحالات الطاريء والخطرة وأحيانا أزور طبيب أمراض النسا للأطمئنان علي صحتي .في يوم عرضت علي أحدي صديقاتي أن ندهبا معا لعمل فحص سرطان الثدي من أجل الترفيه عن أنفسنا ليس أكثر وخصوصا عندما علمت ان أحدي المستشفيات المحلية تقدم تخفيضا بنسبة 50% علي تصوير الثدي بالأشعة السينية . تردد في البداية فجدول أعمالي مزدحم لا يتحمل الخروج في موعد هكذا ولكن في النهاية قررت أن أذهب معها كنوع من الدعم لها والوقوف بجنبها ولأعُلمه انني معها دوماً فكم من المرات التي دعمتني صديقتي هذا وقدمت الدعم لعائلتي أيضا ,, أعتبرت هذا المشوار كنوع من رد الجميل لصديقتي هذه .عندما قمت بعمل الفحص قال لي الطبيب أن لدي ورم في صدري الايسر وقرر لي بعض الفحوصات المستقبلية . شهرين من الذهاب والاياب للفحوصات والليالي الطويلة من دون نوم وسهر وقلق فقد كنت في رحلة مع تشخيص المرض في مراحله الثانية ,فالمرحلة الثانية في سرطان الثدي تحتاج الي المزيد من الفحوصات.مثل هذا صدمة لي في البداية لم أفهم لماذا حدث هذا لي ؟ وفي هذا الوقت أنهالت عليا العديد من الاسئلة التي لم أجد لها أجابة" هل سأموت ؟" " من يتولي رعاية أولادي بعد رحلي عنهم ؟" " هل سأفقد شعري" "هل سيتزوج زوجي بعد وفاتي ؟" " هل سيتقبل أولادي أم ثانية غيري؟ " " كيف يتعايشوا مع زوجة الأب؟" " هل ستكون زوجة زوجي الجديدة أحلي مني؟"لم أستطيع النوم في الليل وأصابني الارق وروادتني الكثير من الكوابيس والاحلام المزعجة والافكار الحزينة والنظرة التشاؤمية للأمور وأصبحت أكثر حزنا فأنا لم أعد امرأة تتمتع بصحة جيدة . بعد ثلاثة أسابيع أقدر أن أوصفهم بالجحيم ,,قررت أن أكون قد المسئولية وأتحمل الموقف وأتعامل معه ولن أستسلم .تحدث مع الكثير من الأطباء الذين أكدوا لي أن اجراء العملية الجراحية في هذا الوقت سيبديء بنتائج أفضل , قررت أنا أضع نفسي تحت السكين .! وبالفعل أجريت العملية وتم أستئصال الورم نتج عنه استئصال جزء من الثدي , وقد تم ازالة المناطق التي تواجدت بها الخلايا السرطانية وأعقب هذه العماية أربع دورات من العلاج الكيميائي علي مدار شهرين .الان وبعد عام من الجراحة أستطيع أن أعلن أنني امرأة خالية من السرطان وبصحة جيدة . داعمني زوجي كثيرا في الفترة الماضية وايضا عائلتي أدركت كم انا بنعمة بوجدهم معي , أعتنوا بي علي أكمل وجه وأهتموا بي وبصحتي ولأول مرة منذ فترة وطويلة أدراكوا كم كنت بحاجة الي وقت اخصصه للاعتناء بنفسي ومتابعة صحتي والاهتمام بها ,وتركت وظيفتي كمدرسة وقررت أن أخصص بعض الوقت لنفسي أركز علي الشفاء البدني والعقلي من المرض . أفضل صديقة لي قد قامت بقص شعرها وأصبح قصير للغاية حتي تدعمني في فقدان شعري , وكنا نخرج معنا للتسوق وشراء الاوشاح الملونة التي تغطيء الرأس. شعرت بفخر كبير بأنني واحدة مما نجوا من أكبر التحديات التي فرضها عليها القدر .أشعر الان بأني أكثر استرخاء في حياتي ,فقد أدركت بعد هذه التجربة أن علي أن أتوقف عن حياتي قبل العملية وأغير نمط حياتي وابحث عن شيء أكثر روحاني أفعله شيء أكثر سعادة وصحة لي ولعائلتي .ربما قد يكون قل الشعر برأسي ولكني الآن صارت أملك المزيد من الشجاعة وحب الحياة من أي وقت مضي . أتمني منك بعد أن تقاسمت معي قصتي أن تفهمي وتقدري أهمية الاعتناء بنفسك قبل أي شيء وقد تكوني أدركتي أن الحياة ليست فقط تدور حول المهمات الكثيرة وجدول أعمال المشغول لكن الحياة لابد أن تمشي بخطوات نحو سعادتك .قالت لي هذه الكلمات ورحلت بأبتسامة غاية في الجمال بعد أن بعث في داخلي تفاؤل وحب لنفسي كبير في هذا الوقت بحث عن الورق الخاصة بفحص سرطان الثدي وبالفعل ذهبت لأحدي الأماكن المتخصصة في هذه الأمور وحجزت موعد للفحص علي الفور ,, فإذا كنت اليوم مع أبني في مرضه لن أضمن له أن أكون معه في مستقبله .