الخرباوي: جماعات الإسلام السياسي حولت الاختلاف إلى قتال إبراهيم عبدالمجيد: أطالب بإلغاء وزارة الثقافة لأن "كلها فساد" عبدالمجيد: نابليون عاقب المصريين بالضرب المبرح لعدم النظافة طارق الدسوقي: النخبة مقصرة لابتعادها عن جموع الشعب وقضاياه أشرف عامر: إصلاح الثقافة يبدأ من سيادة القانون والديمقراطية استضاف مساء أمس الصالون الثقافى بقصر الأمير طاز، ندوة بعنوان "الثقافة والنهوض بمستقبل مصر"، ناقشت دور الثقافة فى بناء مستقبل مصر. شارك بالندوة السيناريست الدكتور مدحت العدل، والكاتب الدكتور ثروت الخرباوى، والشاعر أشرف عامر رئيس المركز القومى لثقافة الطفل، والفنان طارق دسوقى؛ وأدار الصالون الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد. أكد الكاتب الكبير والقيادي السابق بجماعة الإخوان ثروت الخرباوي أن الأصل في الأشياء هو وجود اختلاف، لكنه أصبح في وقتنا الحالي يفسد للود قضايا كثيرة، رغم أن الله لم يخلقنا آلات ميكانيكية تشبه بعضها، لو أراد الله لأجبرنا على الطاعة، لكنه ترك لنا حرية الاختيار وحرية الكفر، ترك لنا حرية اختيار العقيدة التي نذهب إليه بها، فالله هو الذي يحاسب في النهاية دون أن يعطي توكيلاً لأحد عنه، حتى أن الرسول صل الله عليه وسلم دعا لله بإذنه. لكن الفهم البدوي للدين حوّله إلى عنصر يبث الخلاف – يواصل صاحب "سر المعبد" - رغم أن السيف لم يكن يوماً شعاراً للإسلام، الذي يحض على التسامح والمحبة، لكن الأمور تبدلت وأصبحت الرغبة هي استخدام الدين للوصول إلى الحكم، ولم نسمع عن فقهاء كبار حاولوا ذلك من قبل. ويؤكد ان هؤلاء بفهمهم الخاطئ للدين حولوا الاختلاف إلى خلاف ثم إلى قتال، رغم تنوع الفقهاء قديماً فقد كانوا يقولون رأيي صواب وليس "حق" ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، خطأ وليس باطل، لكن مناقشات اليوم الفكرية تتهم الرأي المخالف بأنه باطل وأصحابه هم أهل الكفر. يواصل: في كتابي "أئمة الشر" أروي حين جاء "ملنر" وزير المستعمرات في بريطانيا ليدرس ثورة 1919 ولماذا يثور الفلاحون في مصر على الدولة العظمى في بريطانيا، فحين درس وجد أن المسلم والمسيحي جنباً إلى جنب، فحين عاد إلى بريطانيا وسألوه قال: "جمعتهم الأرض لكن ستفرقهم السماء"، وحينها بدأت نشأة الجماعات التي تتخذ من الدين وسيلة للسياسة. ودعا الخرباوي إلى ضرورة أن يتبنى الحاكم مشروع ثقافي حضاري وأن يصبح مشروعاً مؤسسياً، تشرف عليه المؤسسات في كافة الاتجاهات، مثلما حدث في الستينيات حين كانت مؤسسة مصر مثلاً تنتج أفلاماً للسينما، كذلك كانت قصور الثقافة تعمل في منظومة واحدة. في وسط هذا المشروع الحضاري كتب نجيب محفوظ "ميرامار" لينتقد أساليب الحكم الديكتاتورية، وغير محفوظ كثيرون، فقد كان لهم إبداعهم الخاص وسط منظومة عامة وهي الوسيلة لتنمية الثقافة في مجتمعنا الآن. قال الفنان طارق الدسوقي أن مصر تمتلك ثقافة العالم دون مبالغة، فلدينا أكثر الآثار وأقدمها تاريخاً في العالم، كذلك مصر لديها أقدم مسرح عرفه التاريخ، أيضاً مصر ثاني بلد عرف صناعة السينما في العالم بعد فرنسا. كذلك مصر تملك أقدم حركة تأليف عرفتها البشرية، كل هذا الموروث الثقافي والحضاري هو الذي حفظ مصر ضد كل أشكال الاستعمار. وأكد أن مسألة التصنيف تزعجه، فهو مع مصر وليس ضد أحد، مؤكداً أن من يملك الوعي لن ينخرط في مسألة التصنيف، وهي وظيفة الثقافة والفن والمبدعين. ورأى ضرورة في عودة النشاط الفني للمدارس والجامعات، لأنه يمنع التطرف والعنف، فضلاً عن دوره في اكتشاف المبدعين، كذلك تحويل قصور الثقافة في ربوع مصر إلى مراكز إشعاع ثقافي وفني للمنطقة الموجودة بها. وهاجم الدسوقي النخب والمثقفين واتهمهم بالتقصير والانفصال عن الواقع والمجتمع، قائلاً: لم أر لهم مظاهرة تطالب بعودة النشاط الفني للمدرسة، أو إصلاح مناهج التعليم، ولم أجدهم يشاركون في قصور ثقافة أو مؤتمرات هادفة في المحافظات، بل هم دائماً يخاطبون أنفسهم في دائرة ضيقة، بعيداً عن الجموع، مقترحاً وجود "قوافل نور" تزور المحافظات وتخاطب الشعب، حينها فقط كما يقول يختفي التطرف والعنف والأمية الثقافية والسياسية. الكاتب والروائي إبراهيم عبدالمجيد أكد أن الثقافة هي سر بقاء مصر كما هي، حتى في العصور التي كانت فيها أنظمة الحكم ضد الثقافة، ليس المثقفين فقط في مصر هم المبدعين، بل الفلاح البسيط أخرج إبداعاً بكل الأشكال، وحافظ على الثقافة. ولفت عبدالمجيد إلى أن الثقافة هي كل المنتج الروحي والمادي للشعب، مؤكداً أن روح الاستقلال موجودة دائماً في الثقافة المصرية، مع تقبل الاخر والتسامح، وحين جاء الفاتح العربي رحب به المصريون الذين كانوا أقباطاً حينها. كان مصر حينها 300 ألف، وحين جاء نابليون وجد 8 آلاف فقير. هذا الفرق في الأعداد يثبت أن الفقر والمرض والزلازل والسجون ساهمت في إزهاق أرواح كثير من المصريين، وحين جاء نابليون بونابرت وجد المصريون يدفنون موتاهم في البيوت مما يساهم في شيوع الأمراض، بالإضافة إلى قذارة المنازل. يواصل: أمر نابليون بنظافة البيوت، وعين على رأس كل شارع امرأة تفتش على نظافة البيوت، ومن لا تخرج فرشها في الشمس كل يوم جمعة يكون الضرب المبرح من نصيبها!، كذلك نقل المقابر خارج البيوت فقضى على الطاعون! هكذا فعل الفرنسي. ولفت عبدالمجيد إلى أن العصر الإسلامي في مصر اهتم بالأموال فقط. وأكد في حديثه أن مصر لم تكن بدوية أبداً، بل دولة مستقرة، لكن ما يحدث في مصر الآن هو محاولة لفرض البدوية في مصر، وأكد ان المصريين لا يواجهون الإسلام بل المتأسلمين، لذلك لفظ الشعب المصري الإخوان بعد عام من الحكم. لم يتفق عبدالمجيد مع الخرباوي في ضرورة وجود مشروع ثقافي يتبناه الحاكم قائلاً: أدعو إلى إلغاء وزارة الثقافة لأن "كلها فساد" على حد قوله، والشعب هو من يصنع ثقافته، ففكرة المشروع الذي يتبناه الحاكم انتهت بانتهاء عصرها. قال الشاعر أشرف عامر أن علينا البحث عن حلول جوهرية للمشكلات التي تمر بها مصر، مؤكداً ضرورة وضع الأسس لمستقبل مصر الثقافي ليصبح مشرقاً، لافتاً إلى أن هذه الأسس لن تخرج عن سيادة القانون وإصلاح التعليم. ولفت عامر إلى أنه لا يمكن الحديث عن ثقافتي المحبة والتسامح حين يكون الفرد جائعاً، ومشرداً ولا يشعر بالأمان، فقمة الثقافة برأي الشاعر أن يعيش الإنسان متصالحاً مع ذاته بمعنى ان يكون قادراً على الأخذ والعطاء، وأن يحيا ويشعر أن أحلامه تتحقق ولو كانت بسيطة، لا أن يكون كل همه هو البحث عن الطعام، فالثقافة هي مجمل القيم التي في ظلها يتحرك الإنسان، وهي لا تنفصل عمّا يقدمه الوطن للإنسان. وأكد الشاعر أننا يجب ان نقف في مواجهة الآخر، وهو الجهل وعلينا جميعاً أن نسأل أنفسنا كيف نقضي عليه. وأكد أن إصلاح حال الثقافة والمجتمع يأتي عبر نظام مدني ديمقراطي يحترم المؤسسات، وأن يتحكم القانون في الجميع، بالإضافة إلى وجود بنية مؤسساتية متكاملة، ودستور حقيقي يعبر عن شرائح المجتمع وقطاعاته، قائلاً: أدعو من هنا إلى ان يكون الدستور القادم هو النواة الحقيقية لبناء مصر القادمة. من جانبه قال المنتج مدحت العدل أن تدني مستوى الفن جاء بسب إقبال السوق على مثل هذه الأفلام، فالسوق يدعم هذا ويطلبه، لذلك يتسابق المنتجون في إنتاج مثل هذه الأفلام، وتساءل: لماذا يحاول المنتج الإرتقاء بالفن إذا كانت هذه الأفلام مربحة وتحقق انتشاراً؟.