كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن اجتماع سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الجديدة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، كل يوم سبت في شهري يوليو وأغسطس مع بعض مساعديها في مكتبها بالبيت الأبيض لرسم مستقبل الولاياتالمتحدةالأمريكية في الشرق الأوسط واستعراض السياسة وتصحيح المسار والذي من شأنه يجعل الولاياتالمتحدة تسلك اتجاها جديدا تجاه الشرق الأوسط المضطرب. وذكرت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، أنه بحسب تلك السياسات حدد أوباما الشهر الماضي الأولويات التي تبناها ومن أهمها التفاوض مع إيران بشان البرنامج النووي واتفاقية السلام بين فلسطين وإسرائيل والتخفيف من حدة الصراع في سوريا. وقالت الصحيفة إن الشأن المصري الذي يعد ركنا أساسيا من أركان السياسة الخارجية الأميركية, لم يتصدر اهتمامات أوباما حيث أوضح أن هناك قيودا على ما يمكن أن تقوم به الولاياتالمتحدة لتعزيز الديمقراطية، سواء في مصر أو البحرين أو ليبيا أو تونس أو اليمن. من جانبها، أكدت رايس أن هدف الرئيس أوباما من ذلك هو تجنب انشغاله بأحداث الشرق الأوسط عن جدول أعمال سياسته الخارجية مثلما فعل سابقيه لذلك يعتقد الرئيس انه قد حان الوقت لإعادة التقييم. وترى الصحيفة أن الأمر لا يقتصر على نهج جديد لديه القليل من القواسم المشتركة مع "أجندة الحرية" التي تبناها جورج دبليو بوش، وإنما هو أيضا عن تقليص الدور الأمريكي الأكثر توسعا الذي عبر عنه أوباما قبل عامين، وقبل الربيع العربي الذي تحور إلى العنف الطائفي والتطرف والقمع الوحشي. وأوضحت الصحيفة أن هذا المخطط هو نموذج من البراغماتية "الموضوع العملي" والتي تتحاشى استخدام القوة، إلا للرد على أعمال العدوان ضد الولاياتالمتحدة أو حلفائها، مثل انقطاع إمدادات النفط، والشبكات الإرهابية أو أسلحة الدمار الشامل, كما أن هذا المخطط لا يتعين على انتشار الديمقراطية كمصلحة أساسية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاستعراض كان وسيلة لوضع بصمة غير معهودة لرايس على أولويات الإدارة الأمريكية ومن أهم الأسئلة التي طرحت خلال تلك المناقشات هي ما هي المصالح الأساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ كيف غيرت اضطرابات العالم العربي موقف أميركا؟ ما هو الأمل الواقعي الذي يريد أوباما تحقيقه ؟ وما الذي لا يقدر على تحقيقه؟. وأكدت الصحيفة أن الأجوبة كانت أكثر اعتدالا حيث وضعت قيودا على الانخراط في الشرق الأوسط وأثارت الشكوك حول ما إذا كان أوباما سيستخدم القوة العسكرية في منطقة تعصف بها الصراعات. ونقلت الصحيفة عن مسئولين أن أوباما هو قائد هذه العملية الذي يطلب إحاطة رسمية من غرفة العمليات وتطورات مختصرة خلال مؤتمراته المخابراتية اليومية في المكتب البيضاوي كما دفع مستشاريه لتطوير بعض المواضيع الخاصة برحلته خلال الأيام الاولى للربيع العربي. ويقول المنتقدون أن هذه السياسة المعدلة لن تحمي الولاياتالمتحدة من أخطار الشرق الأوسط بل ستصدمها بأزمات حيث أن أحداث سوريا وتاريخ أوباما فيها يوضح ذلك. من جانبهم، نوه محللون أن الإدارة كانت صائبة في التركيز على دبلوماسية الطراز القديم بخصوص إيران وعملية السلام في الشرق الأوسط ولكنها استخفت بدور مصر التي تظل الحليف الأمريكي الحاسم في الشرق الأوسط. على النقيض, نفت رايس ومسئولون آخرون كون مصر مهمشة، بحجة أن السياسة كانت محسوبة للحفاظ على النفوذ الأميركي في القاهرة, كما أكدوا أن الولاياتالمتحدة ستظل داعمة للديمقراطية حتى ولو كان هناك قيود. وأوضحت الصحيفة أنه بعد مناقشات قوية خلال أحد الاجتماعات قرر المجتمعون إعطاء عملية السلام في الشرق الأوسط الأولوية القصوى. وترى الصحيفة أن هذه السياسة الجديدة جاءت بناء على رغبة أوباما لتحويل بصره إلى أماكن أخرى وخاصة أسيا.