متحدث نادي النيابة الإدارية بالإسكندرية: لم ندلِ بأي تصريحات تخص انتخابات النواب    كيف نحمي أطفالنا في المدارس؟.. خبيرة تربوية ونفسية تجيب | فيديو    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    يخدم 950 ألف نسمة.. وزير الإسكان يوجه بالإسراع في تنفيذ مجمع محطات مياه بالفيوم    الإحصاء: 10.6% ارتفاعا في حجم الصادرات المصرية إلى مجموعة دول العشرين خلال 9 أشهر    «زيلينسكي» يعتمد وفدًا لمحادثات السلام مع الولايات المتحدة وروسيا    وزير الخارجية يؤكد لنظيره النيجيرى أهمية وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة السودان    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    شهيد في غارة إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان    قرقاش يدعو لوقف حرب السودان فورا ومحاسبة طرفي النزاع    مدرب كايزر تشيفز: لا يمكننا التفكير في الزمالك الآن.. ولمَ لا نفوز بالبطولة؟    الكشف عن عقوبة لويس دياز بعد تدخله العنيف على أشرف حكيمي    تشكيل تشيلسي - بيدرو وديلاب معا بدون بالمر أمام بيرنلي    يلا شووووت بث مباشر YouTube... مشاهدة مباراة الهلال والفتح في دوري روشن السعودي | شاهد البث دون تقطيع أو تشفير    بث مباشر.. الهلال والفتح.. مواجهة نارية تحمل تاريخًا طويلًا وهيمنة زرقاء مستمرة في دوري روشن    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    التفاصيل الكاملة لقرعة حج الجمعيات | صور    الأرصاد تحذر المواطنين: ظواهر جوية شديدة الخطورة    18 مليون طالبا يستعدون لتقييمات نوفمبر الشهرية.. والمدارس جاهزة للاختبارات    وزير الثقافة يختتم فعاليات الدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    أسبوع حافل بالسياحة والآثار، مؤتمرات دولية ومعارض واكتشاف تماثيل للملك شوشنق الثالث    تحضيرات خاصة لمسلسل "أنا وهو وهم" قبل تصويره لموسم رمضان 2026    موعد عرض الحلقة الرابعة من برنامج دولة التلاوة على قنوات المتحدة    الحكم على مها الصغير في قضية سرقة اللوحات 27 ديسمبر    مايان السيد: "عانيت من الخوف سنين ومعنديش مانع أتابع مع طبيب نفسي"    الإفتاء يوضح حكم التأمين على الحياة    تضامن الفيوم تنظم قافلة طبية مجانية لغير القادرين بمركز إطسا    الرعاية الصحية: الوعي أساس إنقاذ الحياة.. وبرنامج ترشيد المضادات مشروع وطني استراتيجي    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    إصابة 28 عاملا وعاملة فى حادث انقلاب سيارة بمركز سمسطا ببني سويف    عاشور: "إيراسموس" ركيزة أساسية لتطوير وتدويل التعليم العالي في مصر    تعافٍ في الجلسة الأخيرة، الأسهم الأمريكية تقفز 1% رغم الخسائر الأسبوعية    محافظ أسيوط يشهد انطلاق حملة التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات    فريق قادرون باختلاف يتألق على مسرح وزارة الشباب والرياضة في أسيوط    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    بالأسماء.. إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب تروسيكل بالبحيرة    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    وصفات من مكونات طبيعية لتنظيف القولون في المنزل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    ليلة فرحها.. جنازة مهيبة لعروس المنوفية بعد وفاتها داخل سيارة الزفاف    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاهي المثقفين .. تذوب وسط الزحام
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2013

على مقاعدها صاغ الأدباء والمفكرين تاريخ مصر الثقافي..ومنها خرجت المظاهرات
الكفراوي: الأفغاني بدأ ثورته على "قهوة متاتيا".. ونجيب محفوظ عشق "مقهى ريش"
شعبان يوسف : دورها لم ينتهي.. والمكتبات امتصت جمهورها
كمقهى صغير على شارع الغرباء
هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع
كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ
إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا
أبيات شادها الشاعر محمود درويش , تدل على تأثر مثقفي العالم العربي بعالم المقاهي الذي استولي على أوقات الأدباء والمثقفين في مصر.
على مقاعدها تجمع أعظم أدباء مصر والعالم العربي , وعلى نكهة القهوة تبادلوا الأحاديث حول مستقبل الوطن , ومنها خرجت المظاهرات المناهضة للاحتلال الإنجليزي , وانتقاد الأوضاع السلبية في عهد عبد الناصر والسادات.
وطالت يد الهدم بعض تلك المقاهي , وصارت أماكنها؛ التي شهدت مناقشات حامية حول القصص والروايات والأشعار، مجرد عمارات صماء أو مطاعم , وكأن ذلك نذير بالتحول الذي أصاب المجتمع ، فأصبح يهتم بطعام المعدة قبل غذاء العقول. تاريخ المقاهي قديم , بدأ يتألق نجمها في سماء تاريخ مصر منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر , مع قدوم العلامة جمال الدين الأفغاني إلى أرض النيل , فكان له دوره في تحريك المياه الراكدة , وتحلق حوله محمد عبده , وعبد الله النديم , والمويلحي , وسعد زغلول.
وعلى مقاعد "مقهى متاتيا" بالعتبة اجتمع الأفغاني بتلاميذه ينثر عليهم تعاليمه ويبث فيهم من روحه الثائرة.
"وقهوة متاتيا" هي أول من خطت أول سطر في تاريخ المقاهي الثقافية في تاريخ الحياة المصرية , وكان لنشأتها قصة جديرة بأن تذكر , فقد أراد الخديوي إسماعيل أن يخرج حفل افتتاح قناة السويس في عام 1869 بشكل أسطوري , فطلب من المهندس الإيطالي متاتيا تخطيط حديقة الأزبكية وتصميم دار الأوبرا ( الملكية ) , ومع دخول تلك المنطقة لعصر المدنية الحديثة نشأت عمارة متاتيا عام 1875 , وكان مقهاها الشهير واجهتها التي تطل على الميدان.وظلت المقهى تؤدي دورها حتى طوتها يد الهدم , وحل محلها جراج الأوبرا السخيف على حد وصف القصاص الكبير سعيد الكفراوي.
يقول الكفراوي أنه يمكن تتبع تاريخ الحياة الثقافية وحركة مصر خلال المائة عام الأخيرة من خلال التعرف على تاريخ المقاهي , وهذا ما أكدته التجربة الليبرالية التي بدأت مع نهضة الخديوي إسماعيل وانتهت مع الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات.
ويكمل الكفراوي سياحته بين مقاعد مقاهي مصر مضيفا أنه إذا تركنا "متاتيا" وصعدنا إلى الدور الأول من فندق "الإنتركونتيننتال" لوجدنا فرق الأوبرا والموسيقي التي تأتي من الغرب , ومن هذا الفندق نتجه إلى "مقهى جوربي" بشارع عدلي حيث يجلس أمير الشعراء أحمد شوقي مع المطرب الشاب آنذاك محمد عبد الوهاب , حتى إذا وصلنا مكان المكتبات لوجدنا الأديب العملاق عباس محمود العقاد , لنصل بعدها إلى مقهى ريش ومقهى ريكس حيث يجلس توفيق الحكيم وبعض زعامات ذلك الوقت.
ومن أشهر مقاهي ذلك العصر أيضا "مقهى عبد الله" في الجيرة حيث يجلس عبد القادر القط , وشكري عياد وسمير سرحان ومحمود السعدني .
كما لا يمكن أن ننسي مقاهي الكومبارس في السينما المصرية ومقاهي مخرجي السينما , أيضا المقاهي التي حباها الله لمصر في الحسين "الفيشاوي" ومقاهي العباسية "قشتمر" , ومقهى وكازينو صفية حلمي , ومقاهي البرلمان وشارع محمد فريد , وكلها كانت أماكن لاجتماع الأحزاب وأهل السياسة ومناقشة أحوال البلاد.
فالمقهى كان مجتمعا يضم على مقاعده الفنان والأديب ورجال السياسة وأصحاب الآراء المختلفة في الواقع المصري. ويضيف الكفراوي: أنا عشت أبهج أيام مقهى ريش عندما كنا نتحلق حول أستاذنا نجيب محفوظ صيفا كل يوم , وفي الشتاء يوم الجمعة , وفي هذا المكان تجسدت تجربة جيل الستينات , وكان محفوظ يأخذ مخطوطات ما نكتبه ويأتي في اليوم التالي قارئا لها .
وعن وضع مقاهي المثقفين الآن يقول الكفراوي: أخذت المقاهي اليوم أشكال آخري وصيغ جديدة بالرغم من محاولة استعادة دورها بعد ثورة 25 يناير , حيث تزدحم الآن بالشباب يبدأون فعلا سياسيا لتحريك المياه الراكدة. وتشهد مقهى "زهرة البستان" تجمعا أدبيا وشبابيا , حيث يتحلق كتاب السينما والمسرح وكتاب الروايات , ويجمع الجميع أسئلة حول الوطن ومستقبله.
ويؤكد الكفراوي أن المقهى لن يعود إلى سابق عهده الزاهر, مادامت القاهرة مكان للزحام والاختلاط وسطوة الشبيحة والبلطجية, وعندما تستقر مصر على مشروع حضاري سوف تتغير المقهى وتصبح مكانا ملائما لكي يجلس عليه فئات الشعب المختلفة من جديد. وعن تأثير المقاهي في أبداع المثقفين يقول الكفراوي أن أثر المقهى كان واضحا في أعمال عدد من كتاب مصر , مثل رواية "الكرنك" لنجيب محفوظ والتي تدور أحداثها تقريبا على مقهى, وهناك "قشتمر" بالعباسية.
فالمقهى مجمع للخبرة وتجارب الآخرين , وبسبب القمع الذي شهدته مصر في الفترات الماضية فأن المقهى كانت المكان الذي يمارس عليه حرية الرأي والاختلاف , ولم يكن مكانا لتضييع الوقت كما يحدث الآن.
أما الشاعر شعبان يوسف فيؤكد أن العصر الذهبي لمقاهي المثقفين كان في الأربعينات والخمسينات والستينات , ومن أشهر المقاهي تلك الفترة قهوة عبد الله في الجيزة ؛ والتي كان يجلس عليها النقاد والشعراء , مثل المعداوي , وعبد القادر القط , وسمير سرحان والذي كتب عنها في كتابه في مقهى الحياة , وكذلك محمود السعدني والذي تحدث عن تاريخ المقاهي في أكثر من كتاب.
ففي كتابه "مسافر على الرصيف" كتب السعدني عن الأدباء والنقاد والشعراء الذين تعرف عليهم بين أحضان قهوة عبد الله , وكتب يقول: وكانت سياحتي في قهوة عبد الله هي أهم سياحة في العمر , وكانت رحلتي خلالها هي أطول رحلاتي , فقد امتدت عشر سنوات كاملة تنقلت فهيا خلال الجزر الخصبة والصحراوات المجدبة , ولكنها بخيرها وشرها حياة حافلة وجامعات كبرى للفلسفة والتاريخ والمنطق والفن والشعر والموسيقي , وفن النكتة وعلم الحديث والكلام !
ويستكمل شعبان: وفي السبعينات والثمانيات كانت هناك قهوة "انترا" في ميدان التحرير , والتي حل مكانها الآن مطعم كنتاكي , وهناك مقهى "على بابا" والتي كان يجلس عليها إبراهيم فتحي , وهناك أيضا "قهوة ايزافيتش" والتي جلس عليها الأديب إبراهيم أصلان ومجموعة الشعراء سيد حجاب عبدالرحمن الأبنودى والشاعر أمل دنقل, إلى جانب قهوة "ريش" والتي كان أديب نوبل نجيب محفوظ يعقد عليها جلسته كل يوم جمعة , وتدور فيها مناقشات وحوارات أثرت في توجهات الأدباء والنقاد والشعراء الذي كانوا يحرصون على الاستماع إلى محفوظ.
وإذا انتقلنا للعصر الحالي, لوجدنا قهوة "زهرة البستان" بالقرب من ميدان التحرير , والتي تعد مكانا يرتكز عليه المثقفون , لكن ليس بمواعيد منتظمة , وهناك مكان يجتمع فيه الدكتور محمد عبد المطلب في مصر الجديدة ما بين المقهى والكازينو في ميدان روكسي , ويجتمع عليه كل يوم جمعة ما بين الساعة 11 إلى الساعة الثانية .
ويؤكد شعبان أن مقاهي المثقفين لم تختف, وإنما أصبحت كثيرة العدد , كما أن أماكن الندوات أصبحت تمتص عدد كبير من الأدباء والمثقفين , فمنطقة وسط البلد تضم على الأقل عشر مكتبات تعقد ندوات , بينما في الخمسينات والستينات لم يكن هناك مكان لعقد الندوات إلا في مكانين فقط منهما نادي القصة .
كما أن الاتيليه من الأماكن التي تجلس عليها المثقفون حاليا , وهو مكان شبيه بالقهوة , وبالتالي فأن مقاهي المثقفين لم تحتف وإنما تغير شكلها فقط , كما أن جلسات المثقفين لم تعد منتظمة كما كان الحال سابقا , أضف إلى ذلك أنه لم يعد هناك فرسان في مثل قامة نجيب محفوظ , لإدارة المناقشات والحوارات .
وأشار شعبان إلى المقهى أثرت في كل الأفراد الذين كانوا يجلسون عليها , فالمقهى يبرز بشكل واضح في أعمال نجيب محفوظ وخاصة في الكرنك والتي تدور أحداث الرواية تقريبا على مقهى , كما تبدو قوية أيضا في مسلسل "ليالي الحلمية" للكاتب أسامة أنور عكاشة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.