ترامب يعلن موافقة حماس على أمور مهمة جدا    عفت السادات: السعودية لعبت دوراً تاريخياً في حرب أكتوبر وتواصل دعمها لليوم    الزمالك يكشف حقيقة إقالة جون إدوارد.. ويتوعد مروجي الشائعات    إبراهيم عبد الجواد: جون إدوارد يقترب من الرحيل عن الزمالك بسبب خلافات    كرة سلة – الزمالك يفوز على الطيران والاتحاد يهزم بتروجت في دوري المرتبط    وزير الآثار: لن نعلن أي تفاصيل عن اختفاء كنتى كا قبل انتهاء التحقيقات    وزير المالية يهنئ العناني بفوزه بمنصب مدير عام «اليونسكو»    اليونسكو: العنانى لديه المؤهلات اللازمة لقيادة المنظمة.. مصر أحسنت الاختيار    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    الكرملين: بوتين ونتنياهو ناقشا الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك خطة ترامب بشأن غزة    رغم المخاوف والتهديدات .. خليل الحية قود مفاوضات صعبة بشرم الشيخ .. وتحذيرات من ثلاثي الوساطة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    وزير السياحة: فوز العناني انتصار للكفاءة الشخصية وجهود الدولة وقوة مصر الناعمة    ضخ دماء جديدة فى القطاع ..وزير البترول يصدر حركة تنقلات محدودة    أسعار الحديد اليوم الاثنين 6-10-2025 في الدقهلية    تفاصيل فتح باب التقديم عبر منصة "الإيجار القديم 2025" للحصول على وحدات بديلة لمدة 3 أشهر إلكترونيًا أو بالبريد    حوار خاص مع قائد المنطقة الغربية العسكرية على شاشة التلفزيون المصري    البابا تواضروس يزور دير "مارمينا" المعلق بجبل أبنوب ويلتقي مجمع الرهبان    "المصري" يدعو جمعيته العمومية لاعتماد تعديلات لائحة النظام الأساسي يوم 17 أكتوبر    أمطار على 3 محافظات.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم فى القاهرة والمحافظات    رئيس جامعة طنطا يتابع انتظام العملية التعليمية بكلية التجارة    كواليس الإطاحة بعلاء عابد من ترشيحات مجلس النواب    7 أكتوبر قراءة انطباعية    د. عاطف قبرصى يكتب: هذه الإبادة الجماعية تتعلق أيضًا بالنفط والغاز    بفستان جرئ.. مايان السيد تبهر الجمهور في أحدث ظهور    هل يتغيرالمؤسس عثمان في الموسم السابع؟.. كل التفاصيل عن عودة المسلسل الأشهر على ATV والفجر الجزائرية    علاء مرسي: «الطريق إلى إيلات» أهم أعمالي واستلامي جائزة من المشير طنطاوي شرف كبير    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    10 أطعمة تساعد على حرق الدهون أثناء النوم    أفضل 3 فواكه طبيعية لتحسين النوم والتخلص من الأرق    مسئولون: ترامب يدرس خفض عدد طلبات اللجوء المقبولة إلى 7500 طلبا خلال العام الحالي    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    جيل يتحدث مع الآلة    «الطفولة والأمومة» يهنئ الدكتور خالد العناني لفوزه بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو    الوثائقية تكشف أسرار الجمسي مهندس الحرب والسلام احتفاءً بنصر أكتوبر المجيد    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    «العمل» تعلن 720 فرصة عمل بسلسلة محلات شهيرة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تطلق الحلقة الثامنة من حملة دكتور/ شامل    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    رضا عبد العال: صفقات الزمالك هذا الموسم الأفضل في تاريخه.. وبيزيرا يتفوق على كينو    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير العملية التعليمية بالمعهد الفني للتمريض    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    طقس الإسكندرية اليوم.. استقرار في الأجواء والعظمى تسجل 28 درجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاهي المثقفين .. تذوب وسط الزحام
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2013

على مقاعدها صاغ الأدباء والمفكرين تاريخ مصر الثقافي..ومنها خرجت المظاهرات
الكفراوي: الأفغاني بدأ ثورته على "قهوة متاتيا".. ونجيب محفوظ عشق "مقهى ريش"
شعبان يوسف : دورها لم ينتهي.. والمكتبات امتصت جمهورها
كمقهى صغير على شارع الغرباء
هو الحبُّ ... يفتح أبوابه للجميع
كمقهى يزيد وينقُصُ وَفْق المُناخ
إذا هَطَلَ المطرُ ازداد رُوّادُهُ،وإذا اعتدل الجو قلُّوا وملُّوا
أبيات شادها الشاعر محمود درويش , تدل على تأثر مثقفي العالم العربي بعالم المقاهي الذي استولي على أوقات الأدباء والمثقفين في مصر.
على مقاعدها تجمع أعظم أدباء مصر والعالم العربي , وعلى نكهة القهوة تبادلوا الأحاديث حول مستقبل الوطن , ومنها خرجت المظاهرات المناهضة للاحتلال الإنجليزي , وانتقاد الأوضاع السلبية في عهد عبد الناصر والسادات.
وطالت يد الهدم بعض تلك المقاهي , وصارت أماكنها؛ التي شهدت مناقشات حامية حول القصص والروايات والأشعار، مجرد عمارات صماء أو مطاعم , وكأن ذلك نذير بالتحول الذي أصاب المجتمع ، فأصبح يهتم بطعام المعدة قبل غذاء العقول. تاريخ المقاهي قديم , بدأ يتألق نجمها في سماء تاريخ مصر منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر , مع قدوم العلامة جمال الدين الأفغاني إلى أرض النيل , فكان له دوره في تحريك المياه الراكدة , وتحلق حوله محمد عبده , وعبد الله النديم , والمويلحي , وسعد زغلول.
وعلى مقاعد "مقهى متاتيا" بالعتبة اجتمع الأفغاني بتلاميذه ينثر عليهم تعاليمه ويبث فيهم من روحه الثائرة.
"وقهوة متاتيا" هي أول من خطت أول سطر في تاريخ المقاهي الثقافية في تاريخ الحياة المصرية , وكان لنشأتها قصة جديرة بأن تذكر , فقد أراد الخديوي إسماعيل أن يخرج حفل افتتاح قناة السويس في عام 1869 بشكل أسطوري , فطلب من المهندس الإيطالي متاتيا تخطيط حديقة الأزبكية وتصميم دار الأوبرا ( الملكية ) , ومع دخول تلك المنطقة لعصر المدنية الحديثة نشأت عمارة متاتيا عام 1875 , وكان مقهاها الشهير واجهتها التي تطل على الميدان.وظلت المقهى تؤدي دورها حتى طوتها يد الهدم , وحل محلها جراج الأوبرا السخيف على حد وصف القصاص الكبير سعيد الكفراوي.
يقول الكفراوي أنه يمكن تتبع تاريخ الحياة الثقافية وحركة مصر خلال المائة عام الأخيرة من خلال التعرف على تاريخ المقاهي , وهذا ما أكدته التجربة الليبرالية التي بدأت مع نهضة الخديوي إسماعيل وانتهت مع الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات.
ويكمل الكفراوي سياحته بين مقاعد مقاهي مصر مضيفا أنه إذا تركنا "متاتيا" وصعدنا إلى الدور الأول من فندق "الإنتركونتيننتال" لوجدنا فرق الأوبرا والموسيقي التي تأتي من الغرب , ومن هذا الفندق نتجه إلى "مقهى جوربي" بشارع عدلي حيث يجلس أمير الشعراء أحمد شوقي مع المطرب الشاب آنذاك محمد عبد الوهاب , حتى إذا وصلنا مكان المكتبات لوجدنا الأديب العملاق عباس محمود العقاد , لنصل بعدها إلى مقهى ريش ومقهى ريكس حيث يجلس توفيق الحكيم وبعض زعامات ذلك الوقت.
ومن أشهر مقاهي ذلك العصر أيضا "مقهى عبد الله" في الجيرة حيث يجلس عبد القادر القط , وشكري عياد وسمير سرحان ومحمود السعدني .
كما لا يمكن أن ننسي مقاهي الكومبارس في السينما المصرية ومقاهي مخرجي السينما , أيضا المقاهي التي حباها الله لمصر في الحسين "الفيشاوي" ومقاهي العباسية "قشتمر" , ومقهى وكازينو صفية حلمي , ومقاهي البرلمان وشارع محمد فريد , وكلها كانت أماكن لاجتماع الأحزاب وأهل السياسة ومناقشة أحوال البلاد.
فالمقهى كان مجتمعا يضم على مقاعده الفنان والأديب ورجال السياسة وأصحاب الآراء المختلفة في الواقع المصري. ويضيف الكفراوي: أنا عشت أبهج أيام مقهى ريش عندما كنا نتحلق حول أستاذنا نجيب محفوظ صيفا كل يوم , وفي الشتاء يوم الجمعة , وفي هذا المكان تجسدت تجربة جيل الستينات , وكان محفوظ يأخذ مخطوطات ما نكتبه ويأتي في اليوم التالي قارئا لها .
وعن وضع مقاهي المثقفين الآن يقول الكفراوي: أخذت المقاهي اليوم أشكال آخري وصيغ جديدة بالرغم من محاولة استعادة دورها بعد ثورة 25 يناير , حيث تزدحم الآن بالشباب يبدأون فعلا سياسيا لتحريك المياه الراكدة. وتشهد مقهى "زهرة البستان" تجمعا أدبيا وشبابيا , حيث يتحلق كتاب السينما والمسرح وكتاب الروايات , ويجمع الجميع أسئلة حول الوطن ومستقبله.
ويؤكد الكفراوي أن المقهى لن يعود إلى سابق عهده الزاهر, مادامت القاهرة مكان للزحام والاختلاط وسطوة الشبيحة والبلطجية, وعندما تستقر مصر على مشروع حضاري سوف تتغير المقهى وتصبح مكانا ملائما لكي يجلس عليه فئات الشعب المختلفة من جديد. وعن تأثير المقاهي في أبداع المثقفين يقول الكفراوي أن أثر المقهى كان واضحا في أعمال عدد من كتاب مصر , مثل رواية "الكرنك" لنجيب محفوظ والتي تدور أحداثها تقريبا على مقهى, وهناك "قشتمر" بالعباسية.
فالمقهى مجمع للخبرة وتجارب الآخرين , وبسبب القمع الذي شهدته مصر في الفترات الماضية فأن المقهى كانت المكان الذي يمارس عليه حرية الرأي والاختلاف , ولم يكن مكانا لتضييع الوقت كما يحدث الآن.
أما الشاعر شعبان يوسف فيؤكد أن العصر الذهبي لمقاهي المثقفين كان في الأربعينات والخمسينات والستينات , ومن أشهر المقاهي تلك الفترة قهوة عبد الله في الجيزة ؛ والتي كان يجلس عليها النقاد والشعراء , مثل المعداوي , وعبد القادر القط , وسمير سرحان والذي كتب عنها في كتابه في مقهى الحياة , وكذلك محمود السعدني والذي تحدث عن تاريخ المقاهي في أكثر من كتاب.
ففي كتابه "مسافر على الرصيف" كتب السعدني عن الأدباء والنقاد والشعراء الذين تعرف عليهم بين أحضان قهوة عبد الله , وكتب يقول: وكانت سياحتي في قهوة عبد الله هي أهم سياحة في العمر , وكانت رحلتي خلالها هي أطول رحلاتي , فقد امتدت عشر سنوات كاملة تنقلت فهيا خلال الجزر الخصبة والصحراوات المجدبة , ولكنها بخيرها وشرها حياة حافلة وجامعات كبرى للفلسفة والتاريخ والمنطق والفن والشعر والموسيقي , وفن النكتة وعلم الحديث والكلام !
ويستكمل شعبان: وفي السبعينات والثمانيات كانت هناك قهوة "انترا" في ميدان التحرير , والتي حل مكانها الآن مطعم كنتاكي , وهناك مقهى "على بابا" والتي كان يجلس عليها إبراهيم فتحي , وهناك أيضا "قهوة ايزافيتش" والتي جلس عليها الأديب إبراهيم أصلان ومجموعة الشعراء سيد حجاب عبدالرحمن الأبنودى والشاعر أمل دنقل, إلى جانب قهوة "ريش" والتي كان أديب نوبل نجيب محفوظ يعقد عليها جلسته كل يوم جمعة , وتدور فيها مناقشات وحوارات أثرت في توجهات الأدباء والنقاد والشعراء الذي كانوا يحرصون على الاستماع إلى محفوظ.
وإذا انتقلنا للعصر الحالي, لوجدنا قهوة "زهرة البستان" بالقرب من ميدان التحرير , والتي تعد مكانا يرتكز عليه المثقفون , لكن ليس بمواعيد منتظمة , وهناك مكان يجتمع فيه الدكتور محمد عبد المطلب في مصر الجديدة ما بين المقهى والكازينو في ميدان روكسي , ويجتمع عليه كل يوم جمعة ما بين الساعة 11 إلى الساعة الثانية .
ويؤكد شعبان أن مقاهي المثقفين لم تختف, وإنما أصبحت كثيرة العدد , كما أن أماكن الندوات أصبحت تمتص عدد كبير من الأدباء والمثقفين , فمنطقة وسط البلد تضم على الأقل عشر مكتبات تعقد ندوات , بينما في الخمسينات والستينات لم يكن هناك مكان لعقد الندوات إلا في مكانين فقط منهما نادي القصة .
كما أن الاتيليه من الأماكن التي تجلس عليها المثقفون حاليا , وهو مكان شبيه بالقهوة , وبالتالي فأن مقاهي المثقفين لم تحتف وإنما تغير شكلها فقط , كما أن جلسات المثقفين لم تعد منتظمة كما كان الحال سابقا , أضف إلى ذلك أنه لم يعد هناك فرسان في مثل قامة نجيب محفوظ , لإدارة المناقشات والحوارات .
وأشار شعبان إلى المقهى أثرت في كل الأفراد الذين كانوا يجلسون عليها , فالمقهى يبرز بشكل واضح في أعمال نجيب محفوظ وخاصة في الكرنك والتي تدور أحداث الرواية تقريبا على مقهى , كما تبدو قوية أيضا في مسلسل "ليالي الحلمية" للكاتب أسامة أنور عكاشة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.