على جمعة: أسرة مبارك من أهل الجنة عامر :دم البرادعي حلال..والتوريث جائز العوا يرفض الثورة على مبارك ويعتبرها فتنة. مفتي الإخوان: المظاهرات الفئوية حرام..انتخاب مرسي واجب ومن ينتخب شفيق آثم.. عبد المقصود: المطالبون بعزل مرسي كفار ومنافقون انتخاب مرشحي حزب النور صدقة جارية كثيراً ما لا تحتمل لعبة السياسة أن تنقسم على اثنين.. ساعتها لا يتورع كل طرف عن استخدام أي سلاح ممكن للقضاء على الخصوم وحسم المعارك معهم.. ولأن الدين يحتل مكاناً متفرداً في النفس الإنسانية منذ الأزل، فلم يتورع السياسيون منذ خلقت السياسة عن توظيفه في معاركهم السياسية وفي خدمة مصالحهم وأهدافهم، ووجدوا على الدوام من الكهان والأحبار والرهبان والمشايخ من يقدم لهم التفسيرات الدينية والفتاوى والنصوص. وفي المجتمعات الشرقية التي تتنفس الدين مع الهواء، تصبح الظاهرة أوضح وأخطر، ويصبح توظيف الدين في خدمة السياسة، فعلاً معتاداً، حتى ممن ينادون ليل نهار بفصل الدين عن السياسة، وحين تحتدم الصراعات السياسية، وتصبح السلطة في مفترق طرق، تبرز الفتوى الدينية، كأحد الأسلحة الرئيسية في ميدان الصراع.. وكثيرا ما أثبتت جدواها وقدرتها.. ومؤخراً، وفي خضم الصراع السياسي الراهن، حضرت الفتوى الدينية في المشهد السياسي، بقوة، وباتت من أبرز معالمه، بالفيديوهات التي انتشرت تحمل فتاوى من علماء ودعاة مشهورين، ضد جماعة الإخوان المسلمين، أو معها، وهو ما دعانا لفتح هذا الملف الحساس..واليوم نقدم الحلقة الثانية منه.. عائلة مبارك في الجنة في يونيو2007 أصدر د.علي جمعة، مفتي الجمهورية، آنذاك، فتوى تحرم ختان الإناث، رغم أنه قبل ذلك التاريخ بفترة بسيطة قد أفتى في برنامجه الذي كان يذاع على قناة "دريم الفضائية" بأن ختان الإناث مستحب، وقد فُسر هذا التغير السريع في الفتوى بأن الشيخ استجاب لرغبة قرينة رئيس الجمهورية في منع ختان الإناث، وقد دعم هذا التفسير أن مجمع البحوث الإسلامية اجتمع بعد أيام خصيصاً وأصدر بياناً يؤكد على فتوى على جمعة. وحين أُعلنت وفاة حفيد حسني مبارك، في مايو 2009م، ظهر جمعة على التليفزيون المصري الرسمي، ليفتي بأن الحفيد المتوفى في الجنة، وأن أبويه من أهل الجنة، وانطلق الشيخ في وصلة مدح وبكاء على المتوفي وأسرته. الإضرابات حرام منذ العام 2002 بدأت مصر في الغليان، لأسباب داخلية وخارجية.. وبدا أن البلد يتجه للانفجار، وقد حاول نظام مبارك أن يحتوي الغضب الشعبي، وأن يواجه الضغوط الأمريكية عليه، فسمح مكرهاً بالتظاهر ضده، ولم يمنع الوقفات الاحتجاجية والفعاليات التي نظمها المعارضون وأصحاب المطالب العمالية والاجتماعية، حتى بات العقد الماضي عقد الفعاليات الاحتجاجية بامتياز، وكانت الفتاوى الدينية من ضمن الوسائل التي لجأ إليها النظام في مواجهة تلك الاحتجاجات.. ففي إبريل 2008م أصدر يوسف البدري، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فتوى تحرم الاستجابة لدعوات الإضراب العام يوم 4 مايو التالي (يوم ميلاد مبارك)، احتجاجاً على استمرار حكمه، وقال البدري إن الإضراب مخالف للشرع الإسلامي ومن يشترك فيه فهو آثم. والملاحظ هنا أن البدري رغم تكرار فتاواه المحرمة للمظاهرات والإضرابات في عهد مبارك، فقد ظل يصف نفسه أنه من معارضي نظام مبارك!وهي الفتوى التي سيكررها مفتي الإخوان، عبد الرحمن البر،عقب ثورة 25 يناير، وتحديداً في نوفمبر 2011م، حين سئل عن حكم المظاهرات الفئوية، فقال: "إن المظاهرات والاحتجاجات الفئوية لها تأثير سلبي على الوضع العام، لذا فهي مفسدة ينبغي اجتنابها، والقاعدة الفقهية تقول: درء المفاسد مقدم على جلب المنافع".. دم البرادعي حلال وبعد أن عاد الدكتور محمد البرادعي لمصر وبدأت حملة توقيعات لتفويضه ضد نظام مبارك، أفتى الشيخ السلفي محمود عامر في ديسمبر 2010م بوجوب قتل البرادعي لأنه خرج على ولي الأمر الشرعي، محمد حسني مبارك!! وفي الشهر نفسه أفتى عامر بقتل د.يوسف القرضاوي للعلة نفسها!!وكان عامر قد أفتى بجواز توريث الحكم لجمال مبارك، قياساً على اختيار أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب خليفة له في حكم المسلمين! أما الدكتور محمد سليم العوا، فأفتى في إحدى محاضرات بجمعية الثقافة والحوار في فبراير 2010، بأن الصبر على ظلم مبارك خير من قيام ثورة تعرض البلاد لفتنة، وتعرض الثوار للاعتقال والقتل. وقال: "جور سنة خير من فتنة ساعة".. وفي يناير من العام التالي، وعلى شاشة قناة الجزيرة، رفض العوا أن تكون الثورة طريقاً للتغيير في مصر، كما بدأ يجري في تونس، وكرر دعوته للصبر على نظام مبارك، قائلاً: علينا بصبر نوح إسقاط النظام حرام وحين بدت ثورة 25 يناير في الأفق، توالت الفتاوى الرامية لحماية نظام مبارك، فمن على منبر الجمعة، وقبل تظاهرات 25 يناير بأيام أربعة، حذر الداعية السلفي محمد حسان من الاستجابة لدعوات التظاهر يوم 25 يناير، حتى لا تتحول البلاد لفوضى تشبه ما حدث في العراق. وفي مواجهة دعوات الخروج من المساجد لإسقاط النظام يوم 28/1/2011 المعروف بجمعة الغضب، أفتى سعيد عامر أمين الفتوى في الأزهر بأن المظاهرات حرام شرعاً، حسبما نشرت جريدة الشروق بتاريخ 27/1/2011م. وأجاز د.علي جمعة، مفتي الجمهورية آنذاك، بأن يصلي المصريون الظهر في البيوت بدلاً من أداء صلاة الجمعة في المساجد يوم جمعة الغضب، حتى يجتنبوا الفتنة. وبعد أيام ظهر الداعية السلفي محمود المصري على التليفزيون الرسمي المصري لأول مرة، داعياً الشباب المعتصم في الميادين ضد نظام مبارك للعودة للبيوت.. وبالطبع لم يستجب له أحد. غزوة الصناديق وبعد تنحي حسني مبارك في فبراير 2011 لم تتوقف الفتاوى السياسية، بل صارت في خدمة القوى السياسية الجديدة، فخرجت فتاوى من مشايخ السلفيين والإخوان تدعو المصريين للتصويت بالقبول على التعديلات الدستورية في مارس 2011م، وعقب ظهور نتيجة الاستفتاء بالموافقة، خرج الداعية السلفي محمد حسين يعقوب ليهنئ مريديه بالانتصار على العلمانيين والمسيحيين في معركة الاستفتاء التي أطلق عليها "غزوة الصناديق". وتكررت الفتاوى نفسها في الاستفتاء على مشروع الدستور في منتصف ديسمبر 2012م. وفي يوليو 2011م أفاد بعض أهالي شهداء ثورة يناير بالإسكندرية أن قيادات سلفية بالمدينة، اتصلت بهم وطلبت منهم قبول دية قتلاهم والتنازل عن دعاوى القتل التي أقاموها على ضباط الشرطة!! وفي نوفمبر من العام نفسه، دعا محمود غزلان، متحدث جماعة الإخوان المسلمين، لخروج المجلس العسكري من السلطة دون مساءلة، على أن يتم منح أهالي شهداء الفترة الانتقالية ومصابيها، ديات وتعويضات، فكله يهون ما دامت الجماعة ستتسلم السلطة.. أما صبحي صالح، القيادي بالجماعة، فقد أثار غضب المصريات حين قال في مؤتمر عام بالقاهرة، في شهر مايو 2011، إن الواجب على المنتمي لجماعة الإخوان أن يتزوج بنساء الجماعة، وألا يتزوج من خارجها وإلا فإنه يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. وفي نوفمبر 2011م وقف الداعية محمد حسان على جبل عرفات أثناء الحج يدعو الله للمجلس العسكري، ويحذر من محاولة إسقاطه، كي لا تعم الفوضى، وحين أقال الرئيس السابق مرسي قيادات المجلس العسكري بعد ذلك بأشهر لم يعلق الشيخ ولم يعترض!! فتاوى انتخابية "التصويت لحزب النور «صدقة جارية» لمئات السنين، وعدم التصويت سيئة جارية.. لنفس مئات السنين أيضا..".. فتوى أطلقها القيادي السلفي «سلامة عبد البديع» بأحد مؤتمرات حزب النور الانتخابية..قبيل الانتخابات البرلمانية في نهاية 2011م. وفي المقابل أفتى علاء الدين أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية، بأن التصويت للسلفيين في أي انتخابات قادمة "هدم لمصر". والحقيقة أن ظاهرة الفتاوى الانتخابية عقب ثورة يناير، لم تكن بالجديدة، فقبيل الانتخابات البرلمانية في 2010م، أصدر عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان، فتوى بأن المشاركة في الانتخابات واجب شرعي، ووصف من قرروا مقاطعتها بأنهم كمن يتولون يوم الزحف، وكانت المعارضة قد أعلنت عن مقاطعة تلك الانتخابات، من أجل فضح الديمقراطية الزائفة لنظام مبارك، وشاركت الجماعة بالفعل في الجولة الأولى من الانتخابات، ولكنها سرعان ما قررت مقاطعة جولة الإعادة، رغم الفتوى!وفي جولة الإعادة بالانتخابات الرياسية التي جرت في يونيو 2012م، أفتي الدكتور هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بأن انتخاب الفريق احمد شفيق في انتخابات رئاسة الجمهورية "حرام شرعا" لأنه كان احد أركان النظام السابق الذي افسد وأفقر الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، وبأن محمد مرسي هو الأصلح بالحكم مقارنة بشفيق، خاصة انه يحفظ القرآن، وسوف يعمل علي تطبيق الشريعة الإسلامية ويضمن حقوق الفقراء واسر شهداء ثورة 25 يناير. وفي الفترة نفسها، أفتى الشيخ أحمد المحلاوي، خطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، بأن من لن ينتخب مرسي آثم شرعاً. المعارضون كفار وخوارج وحين احتدم الصراع السياسي بين مرسي وخصومه قبيل 30 يونيو الماضي، وقف الداعية السلفي محمد عبد المقصود بين يدي مرسي في استاد القاهرة، ليدعو له بالنصر على الكفار والمنافقين الذين يساندون حركة "تمرد" ويدعون للخروج لإسقاط نظام مرسي.وفي المناسبة نفسها شن الشيخ محمد حسان هجوماً شديداً على الشيعة ودعا مرسي لعدم فتح أبواب مصر أمامهم، وبعدها بأيام حدثت واقعة قتل بعض المتشيعين المصريين وسحلهم في محافظة الجيزة. وبعد 30 يونيو تكررت فتوى تكفير المعارضين من الشيخ علي جمعة ولكن في اتجاه عكسي، حين أفتى في لقاء مع قيادات الجيش والشرطة بأن الذين يتظاهرون احتجاجا على الإطاحة بمرسي خوارج تحل دماؤهم، كما سُربت بعد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة فيديوهات لعلى جمعة، والداعية عمرو خالد، ووكيل وزارة الأوقاف سالم عبد الجليل، وفيها يبيحون لجنود الجيش والشرطة قتل المعارضين في أثناء فض الاعتصامات..