هل يضيف لقب ( دكتور) شيئا للشخصية ؟ ابراهيم زيدان في وقت سعى الالاف من المزورين في العراق ممن دخلوا العملية السياسية تحت قبة البرلمان او في الحكومة او في مؤسسات الدولة وخارجها الى تزوير شهادات علمية لينادوهم الناس بالدكتور وهو لقب علمي لايحصل عليه إلا من يستحقه بجهد جهيد ، وقد ذكر الخطيب الشيخ جعفر الابراهيمي في محاضرة له ذات مرة ( ان شخصا ما فوجئ ذات مرة بصديق له وهو يضع عبارة ( د . فلان الفلاني ) على باب داره فاستوقفته قطعة الدلالة هذه فطرق عليه الباب ليستوضح من صديقه الذي لم يحصل على شهادة الاعدادية حتى فكيف حصل على شهادة الدكتوراه هذه ؟ فخرج اليه صديقه مرحبا به فبادره بالسؤال مباركا له الحصول على الشهادة واللقب العلمي هذا فرد عليه ذلك الصديق بأن لاشهادة دكتوراه ولاهم يدعون وكل مافي الامر انه يريد ان يشير الى انه يعمل دلالا لبيع الاراضي والعقارات لااكثر فوضع على باب داره قطعة الدلالة هذه فسبق اسمه بحرف دال اي انه دلال وليس دكتورا، اما في العراق فحكاية الدكترة لاتنتهي وليس غريبا ان يطل عليك صديق ما بلقب دكتور وهو لم يحصل على شهادة الجامعة او الاعدادية حتى ، وهذا يعبر عن شعور بالنقص ازاء الآخرين خاصة وان لقب دكتور يمنح الانسان مكانة علمية واجتماعية في المجتمع ويجعل الآخرين ينظرون اليه بتقدير وهو مالم يحصل عليه في ظنه ان بقي بشهادته التي يراها متدنية قياسا بغيره ، ، ولكن الحال غير ذلك تماما لدى الاستاذ الدكتور (خالد صالح) رئيس جامعة كردستان وهي جامعة خاصة في اربيل والذي شغل سابقا منصب المتحدث الرسمي باسم حكومة اقليم كردستان ، فهذا الرجل بلغ به التواضع حدا انه يرفض ان يناديه احد ما في الجامعة بلقبه العلمي حتى انه فرض غرامة على من يخالف هذا الامر ، فمن يناديه بدكتور فلان فأنه سيجد غرامة تقدر بخمسة آلاف دينار ستفرض عليه سواء رضي ام لم يرض ، فقانون الدكتور خالد هو القانون وعلى الجميع الالتزام به ، ومن يناديه بالسيد الدكتور تفرض عليه غرامة تبلغ عشرة آلاف دينار ، ولما كان السيد رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني قد ناداه عشر مرات باسم ( الدكتور) فهذا يعني انه قد ترتبت بذمته غرامة تبلغ خمسين الف دينار ، وهو بهذا قد فرض قانونا في جامعة كردستان التي يرأسها الآن لايسمح لأي شخص داخل الجامعة باستخدام الالقاب العلمية في مناداة الآخرين ، ومسوغ الرجل في ذلك بان الالقاب العلمية لاتغير من شخصية الرجل ، بينما نجد سواه من دكاترة اللقب العلمي المزور يرفض بشدة ان يناديه احد ما باسمه المجرد او الاستاذ فلان ، لان هذا في رأيه يحط من شأنه وهو يعلم جيدا انه شخص مزور وكان عليه ان يعرف قدره جيدا وقديما قال الامام علي عليه السلام ( رحم الله امرءا عرف قدر نفسه ) ونحن نعيش اليوم في مجتمع لايعرف الكثيرون فيه قدر انفسهم ، بل يتصورون ان بالتزوير وهو جريمة يحاسب عليها القانون سيرفعون من قدرهم وان خدعوا انفسهم ، ولكن في عالم يغيب فيه القانون علينا ان نتوقع ازدياد حملة شهادة الدكتوراه المزوره لتغطية النقص الحاصل في شخصيتهم والعياذ بالله ، وقد تناسى هؤلاء الذين يدعون انتماءهم للإسلام قول رسول الله تعالى عليه افضل الصلاة والسلام ( من غشنا ليس منا ) ومااكثر الغشاشين في عالم الغش والتزوير في عراق اليوم ، ولست هنا اعني شخصا معينا بحد ذاته بقدر مااشير الى ظاهرة سلبية سادت مجتمعنا بعد التاسع من نيسان عام 2003 الذي يراه البعض سقوطا لنظام سياسي ، ولكنه في الحقيقة سقوط رهيب في القيم والأخلاق في مجتمع لايزال لايلتزم في تنفيذ القانون إلا بالقوة .