هاجم محمود عبدالرحيم، الكاتب الصحفي والمنسق العام للجنة الشعبية للدستور، لجنة الخمسين العاكفة على وضع دستور جديد لمصر، قائلاً أنها أشبه بلجنة الإخوان التي وضعت دستور 2012، والأفضل برأيه لو كان هناك لجنة من الخبراء المحايدين، مما يكفل مشاركة مجتمعية أوسع حول الدستور. واعتبر أن إشكالية لجنة الخمسين تتمثل في أنها لجنة شبه حكومية ها تمثيل لجهات حكومية كثيرة، كما انها لا تمثل الجميع. جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية التي عقدتها اللجنة الشعبية للدستور المصري، ومؤسسة "بيت الوادي" الثقافية، مساء أمس الأربعاء، حول الدستور، وإشكالياته، وكيفية تحقيق مصالح الجماهير، وضمانات الحقوق والحريات، في ضوء تجربة اللجنة الشعبية للدستور، ودستور الثورة الذي أنجزته قبل مدة، وفي ضوء تجارب العالم في مراحل التحول الديمقراطي. أكد محمود عبدالرحيم ان الدستور لم يعد قضية النخبة، لكنه جزء من حريات الشعب ، والدستور إما يصنع ديكتاتوراً أو يصنع حاكماً ديمقراطياً. وتتمثل ملاحظات عبدالرحيم عن اللجنة في أنها تعتبر أن النظام الرئاسي هو أساس الحكم في مصر وهو ما يعترض عليه المتحدث، لأن هذا النظام يصنع رئيساً فاسداً، مشيراً إلى أن الدستور الذي وضعته اللجنة الشعبية كان يوزع الاختصاصات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. أيضاً سجل المتحدث اعتراضه على المادة الخاصة بالحد الأدنى والأعلى للأجور وأكد أنها نقلت من دستور الإخوان كما هي دون تعديل. وأكد على ضرورة أن يتضمن الدستور المقترح الحق في الاتصال والمعرفة وهي المادة التي تم تقييدها بدواعي الأمن القومي، ورغم إشارته إلى ان هذا موجود في العالم كله إلا أنه يرغب في ان يضمن الدستور عدم التعسف من قبل السلطة، وإعطاء حق اللجوء إلى القضاء وإمكانية التظلم إذا جارت السلطة على هذا الحق. كذلك حق الاحتجاج السلمي تم تقييده بالإخطار، مؤكداً عى ضرورة وجود ضمان بعدم التخلي عن هذا الحق. الدستور المقترح أيضاً في رأي عبدالرحيم يقيد الحرية النقابية، وسجل اعتراضه على وجود مجلسين يؤديان نفس الوظيفة وهو أمر غير مفهوم برأيه وهما مجلس الأمن القومي، ومجلس الدفاع الوطني، مشيراً إلى أن هذه الملاحظات أرسلت إلى لجنة الخمسين، لافتاً إلى أن أهم بنود الدستور هو ضمان الحريات وعدم تقييدها. مؤكداً أن تطبيق الدستور رهين بالمجتمع والضغط الشعبي لحماية الحريات والحقوق. ركز الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في كلمته على تجربة أوروبا الشرقية في التحول من الشيوعية إلى النظام الديمقراطي باعتبارها بلاد قريبة منا، وأحداث التحول بها حدثت مؤخراً منذ عام 1989. ولفت إلى أن أهم ما يجب أن نتعلمه من تلك الدول هو ضرورة الالتزام أثناء وضع الدستور بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتطيبق هذه البنود، مؤكداً أن مصر عانت من استبداد شجع على الطائفية، ومن ثم نحتاج إلى استيعاب عدد من القوى السياسية، وطالب سعيد لجنة الخمسين بالالتزام بحقوق الإنسان وضمان ألا يطغى أحد على الحق المجتمعي في الحريات. من جانب آخر هاجم صادق حكومة الببلاوي ووصفها بأنها "غير ثورية"، وأكد أن أي دستور سيعطي الحاكم صلاحيات واسعة سيسقط من جديد، واعتبر أن ضمان استمرار الدستور يتمثل في مخاطبته للمستقبل، ونجاحه في القضاء على الاضطرابات الاجتماعية. وأن يشمل جميع الفئات ويخفف من حدة العنف والاستقطاب داخل المجتمع. شهدت القاعة مناقشات حادة حول الدستور، واعترض أحد الحضور أن يكون في لجنة الخمسين أعضاء فوق سن السبعين يشاركون في وضع دستور لدولة شابة تتطلع إلى المستقبل. ونادى الحضور بإلغاء مجلس الشورى ووصفوه بأنه مكان للمجاملة أكثر منه للتشريع. واعتبر البعض أن الدستور لن يتطرق لميزانية الجيش الذي يدير مؤسسة اقتصادية ضخمة بمصر، وأن الدستور سيسمح له بالتدخل في السياسة مثل تركيا. ومنهم من أكد أن الدستور لن يستمر لأن المجتمع نفسه منقسم وغير متوافق فكيف سيفرز دستوراً يحظى بالتوافق؟.