حذر خبراء وأكاديميون من اتجاه لدى الحكومة العراقية لإحياء مشروع قوات الصحوة، الذي بدأته القوات الأميركية في 2006 لمحاربة تنظيم القاعدة. وقد تلجأ بغداد إلى إحياء المشروع في محاولة منها للحد من تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، التي تنزلق إلى ظلام أعمال عنف هي الأقوى منذ سنوات. ويشهد العراق منذ مطلع العام 2013 تصاعدا لأعمال العنف اليومية، أدت إلى مقتل الآلاف، حمل معظمها الطابع الطائفي، ونسب أغلبها إلى تنظيم القاعدة في العراق. وكان مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي، قال في تصريحات صحفية سابقة إن "الصحوة حققت انتصارات على القاعدة، وعلى هذا الأساس نفكر بإعادة إحيائها خصوصا بعد أن بدأت تنشط عقب الاعتصامات" التي شهدتها بعض المحافظات ضد نظام رئيس الوزراء نوري المالكي. لكن الخبير الاستراتيجي العراقي مهند العزاوي، يرى أن تفكير السلطات العراقية في إعادة إحياء مشروع الصحوة لن يكون موجها لدحر القاعدة في الأساس، وإنما سيكون الغرض منه ضرب الاعتصامات والمظاهرات المناوئة لحكومة المالكي. ويؤكد العزاوي، وهو مقيم في الإمارات، أنه العراق لديه من القوات ما يكفي لمواجهة القاعدة، وبالتالي "ليس هناك داع لإحياء مشروع الصحوات". ويتابع في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية": "هناك نحو مليون ونصف ينتمون إلى الأجهزة الأمنية في العراق (شرطة وجيش) ولديهم إمكانات عالية، فهل هم غير قادرين على مواجهة القاعدة التي لم يكن لها تواجد أصلا في العراق قبل 2003؟ .. الغرض الحقيقي هو صد الاعتصامات والتظاهرات". وأعرب العزاوي عن قناعته أن الأزمة في العراق "سياسية وليست أمنية"، حيث إن النظام العراقي "طائفي بالأساس" حسب الخبير الاستراتيجي. وفي السياق ذاته، قال أستاذ التاريخ السياسي بجامعة بغداد جاسب الموسوي، إن إعادة إحياء مشروع الصحوة في العراق "سلاح ذو حدين". وقال الموسوي إن قوات الصحوة قدمت خدمات جيدة للحكومة العراقية في السنوات الماضية في مواجهة تنظيم القاعدة، لكن "هناك تحفظات عليها من أن يتم اختراقها أمنيا من جانب القاعدة مثلما حدث في وقت سابق في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى". وربط الموسوي بين ما يحدث في سوريا ونية السلطات في العراق إعادة إحياء المشروع، مشيرا إلى أن حكومة المالكي "أصبحت على المحك الآن، إما أن تثبت نجاحها في إدارة الملف الأمني أو تغرق في بحر الطائفية، مثل سوريا التي باتت على أعتاب أن تتلقى ضربة عسكرية غربية". وشبه الموسوي نشاط القاعدة في سوريا (جبهة النصرة) بهجماتها في العراق (التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين)، مشيرا إلى خطورة هروب المئات من التنظيم خلال عملية كبرى لاقتحام سجنين في بغداد الشهر الماضي. وقال الموسوي إن قوات الصحوة ساهمت في استتباب الوضع الأمني نسبيا، وإذا تم تجديد المشروع ف"سيكون له بعض الحسنات لكن ليس بالكم الكبير"، لكنه حذر من "بعض الأعراض الجانبية لذلك، على رأسها تنامي شعارات وفلسفة الممارسة الطائفية، ما سيجعل المشروع جزءا من المشكلة لا الحل". وكانت قوات الصحوة تشكلت تحديدا في سبتمبر 2006، في محافظة الأنبار غرب العراق، واستطاعت طرد الغالبية العظمى من تنظيم القاعدة خارج المحافظة التي تسكنها غالبية من السنة، لكن القاعدة استمرت باستهداف عناصر هذه القوة بشكل متكرر رغم تراجع قوتها. وكانت الحكومة العراقية قررت زيادة رواتب عناصر الصحوة استجابة لأحد المطالب التي رفعها المحتجون ضد الحكومة في المحافظات السنية. وبعد وقت قصير من مغادرة القوات الأميركية للبلاد، قامت الحكومة بدمج نحو 70 % من قوات الصحوة التي بلغ عددها في السابق 100 ألف مقاتل، في مؤسسات مدنية لإنهاء هذا المشروع.