قالت سيليا هاردرز، مديرة مركز سياسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة برلين الحرة في ألمانيا، إن الذي يحكم مصر الآن هو القوات المسلحة عبر واجهة مدنية تتكون من رئيس انتقالي ورئيس وزراء وزير للداخلية يقفون جميعًا وراء الجيش وضد جماعة "الإخوان المسلمين" وعلى استعداد لاستخدام القوة. وأكدت هاردرز أن التصعيد الحالي المصاحب لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يُهدد أي شكل من أشكال الحياة السياسية التعددية، وأنه ينبغي القلق من أن القوات المسلحة سوف تضع حدودًا لكافة الحقوق السياسية التي حققها الشعب في صراعه. وأوضحت هاردرز في حوار مع التليفزيون الألماني "دوتشيه فيلا" أن القوات المسلحة تؤمن أنها تحصل على الدعم من الشعب وستحاول التخلص من الإخوان في ضربة واحدة ضخمة ولتحقيق ذلك فهي على استعداد لاستخدام كمية لا تصدق من العنف ضد الأبرياء وهذه إستراتيجية لا يمكن أن تؤدي دورها في المدى الطويل، مضيفة أنه من الممكن إضعاف الإخوان باستخدام القوة ولكن ذلك سيكون له ثمنًا غاليًا وهو إحداث الفجوة في المجتمع المصري. وأشارت الخبيرة إلى عودة الحرس القديم التابع للرئيس الأسبق حسني مبارك مجددًا، مشددة على أن القوات المسلحة غير صادقة بشأن عدم رغبتها في السيطرة على السلطة، وبالنسبة لها فإن الطريقة الحالية للأمور جذابة للغاية فهناك حكومة مدنية ولكن كافة القرارات الهامة تحت سيطرة القوات المسلحة. أما بشأن مصالح القوات المسلحة، قالت هاردرز أنها لاعب عسكري واقتصادي وتسيطر على الأجزاء الهامة للاقتصاد المصري، وأن أفرادها يمتلكون الكثير من الممتلكات فهو يقومون بإدارة مراكز التسوق ولديهم استثمارات كبيرة في قطاع السياحة، ومن ثم فإن أي تصعيد للموقف سيكون ضد مصلحة القوات المسلحة، ولكن ما يُهيمن الآن هو تشويه صورة جماعة الإخوان عبر وصفها بأنها تهدد الأمن القومي. كما أن القوات المسلحة كانت تنتقد بشدة سياسات مرسي بشأن شبه جزيرة سيناء حيث كان يتم الهجوم على القوات الأمنية هناك وبدا أن الرئيس المعزول محمد مرسي كان مهتمًا بالتعاون مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أكثر من حماية أمن شعبه " ربما هذا كان واحدًا من مسببات التدخل". وعن ما إذا كانت القوات المسلحة كتلة متجانسة، نوهت الخبيرة أن القيادة تأتي من الخلفية الاجتماعية ذاتها، فهناك أسر كانت لعقود في الجيش وتملأ صفوف الضباط هناك، فهي طبقة سياسية تقود تاريخها إلى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهم ما بين الطبقة الوسطى إلى الطبقة المتوسطة العليا ونحن لا نعرف حقًا بما يفكر الجنود البسطاء ولكن يتم معاقبة المعارضين بشدة. وترى هاردرز أنه من المنطقي وقف المعونة الأمريكية المقدمة لمصر ولكن المشكلة تكمن أنه يمكن القيام بهذه الخطوة مرة واحدة فقط وبعد ذلك سوف يتم إغلاق كافة القنوات للتأثير على القوات المسلحة، وهناك سؤال يكمن في إلى أي مدى تمتلك أمريكا أو أوروبا نفوذًا على مصر "لن تسمح القوات المسلحة أن يكون لواشنطن رأي بهذه السهولة فهي تؤكد على استقلالها". وقالت الخبيرة أن هناك مخاطر أن يفشل الربيع العربي ولكن ذلك لم يحدث بعد، مشيرة أن هذا الربيع هو الذي أطاح بالرئيس الأسبق حسني مبارك ومنذ ذلك الحين شهدنا صراعًا بين ثلاثة قوى رئيسية وهي القوات المسلحة والإسلاميين والمعارضة العلمانية، وما تبقى من الربيع العربي هو حقيقة حشد وتسيس الشعب، فحدث تغيير في العقلية وهناك اعتقاد بأن الأمور يمكن أن تتغير. كما أكدت هاردرز أن أغلبية الشعب المصري يؤمن بأهداف ثورة يناير وهي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ولكن في الواقع شهد الشعب تقدمًا قليلاً للغاية في تحقيق هذه الأهداف في ظل القيادة العسكرية عقب الإطاحة بمبارك وفي ظل حكم مرسي.