"محيط" تتساءل هل تغيرت الصورة السيئة للملتحين في السينما والدراما بعد تولي أول رئيس ملتحي مقاليد الحكم في مصر؟؟؟ الناقدة ماجدة موريس: الصورة السيئة عن الملتحي في طريقها للتغيير . منى الصبان: الأعمال السينمائية عكست واقعهم الحقيقي ولم تكن إرضاء للنظام السابق . وحيد حامد ولينين الرملي وأسامة أنور عكاشة أول من فتحوا باب التشويه الفني والإبداعي. المخرج عمر عبد العزيز: التيار الإسلامي أصبح مطالبًا بإعادة تقديم نفسه للمجتمع في الفترة القادمة . محسن محيي الدين: لا خوف على الإبداع من الإسلاميين بشرط البعد عن الإسفاف وتفعيل لرقابة على المشاهد الفنية . أثارت صورة الملتحي في السينما والدراما في عصر ما قبل الثورة تساؤلات كثيرة عن احتمالية تغييرها بعد الثورة حيث أصرت السينما المصرية على وضع صورة الملتحي في قالب واحد ونمط ثابت لا يتغير وهو "الإرهابي". ودائما ما يظهر غاضباً، مكفهر الوجه، عابثاً، يتنطع في الحديث عبر الإصرار على التحدث بلغة عربية ركيكة وغير سليمة، يرفض الحوار البنّاء مع الاّخر، وغير متصالح مع نفسه..ويصر على تكفير معارضيه ولو معارضة بسيطة أو عابرة. هذه الصورة هي التي أصرت الأعمال السينمائية والدرامية على إظهار الملتحي عليها، ولعل مسلسل "العائلة" للكاتب اليساري وحيد حامد، وفيلم "الإرهابي" لليساري أيضًا لينين الرملي خير دليل على ذلك، ثم توالت الكتابات والأعمال بعد ذلك للمؤلف اليساري أسامه أنور عكاشة في أعمال درامية مثل "ليالي الحلمية" و"أرابيسك" وغيرها من الأعمال الفنية. وبات السؤال الذي طرحته شبكة الإعلام العربية "محيط" على العديد من النقاد والإعلاميين يفرض نفسه، وهو هل تتغير تلك الصورة بعد صعود الإسلاميين لدوائر السلطة والقرار ووجود الدكتور محمد مرسي على رأس مقاليد الحكم لعام كامل؟ أم ستستمر الأعمال الفنية في اتباع نفس الأسلوب وذات النمط المقولب الثابت . تؤكد الناقدة السينمائية علا الشافعي، أن صورة الملتحي في السينما والدراما المصرية قبل الثورة لم تكن وسطية، وإنما كانت أقرب إلى العنف والتطرف كما ظهر في أفلام وحيد حامد، ولينين الرملي، خاصة فيلم "الإرهابي" وغيره من الأعمال الفنية، مضيفة، أن هذا الشكل لم يتغير في معظم الأفلام التي تناولت الملتحين والإسلاميين في تلك الفترة، لكنها أكدت أن مسلسل "الجماعة" قدّم صورة مغايرة وليست نمطية عن الإخوان المسلمين . وأكدت الشافعي، أن تكون الصورة السلبية للملتحي التي غلبت على الأعمال الفنية بسبب النظام السابق، مؤكدة أن ما شهدته مصر في تلك الفترة من حوادث طائفية، وأعمال إرهابية ارتبطت بأسماء بعض الإسلاميين أو بعض المحسوبين على التيار الاسلامي، لذلك كان من الطبيعي ألا يتعاطف الكتاب والسينمائيين مع الإسلاميين . لم تكن إرضاءً لنظام مبارك واعتبرت "الشافعي" أن ما يشاع عن قيام النظام السابق بإعطاء أوامر بعمل أعمال فنية تسئ للإسلاميين كلام فارغ المضمون، رغم أنها لم تكن شاهدة على ذلك لتجزم به أو تنفيه. وعن احتمالية تغيير صورة الإسلاميين في الفترة القادمة، أكدت أن الصورة حتمًا ستتغير مع صعود التيارات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية والمتمثلة في الإخوان المسلمين والسلفيين لأماكن صنع القرار، لافتةً إلى أن الإسلاميين هم من سيحددون صورتهم في المرحلة المقبلة، لأنه في الوقت الذي يرى فيه السلفيون أن الفن رجس من عمل الشيطان يسعى الإخوان المسلمين إلى إنتاج أعمال فنية لغرض الصورة التي يرتضونها لأنفسهم وللإسلاميين. الدراما عكست واقع الإسلاميين من جهتها أوضحت الدكتور مني الصبان -الأستاذ بالمعهد العالي للسينما- أن الصورة التي قدمتها السينما في الماضي عن الإسلاميين -في صورة الإرهابين والمتطرفين- كانت تشكل انعكاساَ للواقع الحقيقي لهم، وليس بها تجني عليهم أوعلى سلوكياتهم كما قد يتصور البعض، رافضةً ما يترددعن أنه تم إنتاج تلك الأعمال إرضاءً لنظام الرئيس السابق حسني مبارك.وعن إحتمالية تغير تلك الصورة في المرحلة القادمة، أكدت "الصبان" أن الرؤية ما زالت غير واضحة إلى الآن، وإنها لا تعرف ما إذا كانت تلك الصورة ستتغير أم لا؟ . وأضافت لم ألمس حتى هذه اللحظة تغيراً يُذكر، ودعت التيارات الإسلامية والأحزاب ذات المرجعية الدينية مثل حزبي الحرية والعدالة، والنور السلفي، العمل على قدم وساق من أجل طمأنة المنتجين والمبدعين على مصيرهم ومستقبلهم، وإرساء دعائم الأمن والإستقرار كي تستقيم الأمور ويطمئن صناع الفن على أموالهم –على حد قولها- حتى تعود الأمور إلى نصابها في هذه الصناعة المهمة. اتفق الناقد الفني نادر عدلي -رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نسخته ال"27" -في الرأي مع الدكتورة مني الصبان فيما ذهبت إليه، وهو أن الصورة التي قُدّمت للملتحي في السينما والدراما في عهد النظام السابق كانت انعكاسًا لواقع حقيقي يعيشه المصريون، وإن كانت اتسمت أحيانًا بالمبالغة في بعض الأعمال بتغليب العنف المفرط على شخصيتهم، مؤكدًا أن صورة الإسلاميين في السينما ستشهد تغيرات جذرية مع صعود الإخوان المسلمين والسلفيين ووصولهم إلى الدوائر التشريعية وسدة الحكم، وبالتالي سيكون لهم "نصيب الأسد" في اتخاذ وتنفيذ القرارات وسن التشريعات وصياغة الاُطر الحاكمة للدولة في المرحلة القادمة بما فيها الفن والإبداع. صورة مخالفة للواقع فيما رأي المخرج الكبير عمر عبد العزيز، أن الصورة التي قدمتها السينما والدراما للملتحي لم تكن صحيحة بشكل مطلق، وقال: اعتقد إنها اعتمدت بشكل مطلق على تصرفات بعض الملتحين خلال تلك الفترة التي شهدت العديد من الأعمال الإرهابية والأحداث التفجيرية على اعتبار أن "الفن مراّة المجتمع" وانعكاس طبيعي للأحداث التي يشهدها، رافضًا القول أن هذه الصورة كانت إرضاء لنظام حسني مبارك. وعن احتمال تغير تلك الصورة عقب الثورة، وتولي الدكتور محمد مرسي مقاليد حكم البلاد، أكد "عبد العزيز" أن الساحة المصرية الآن تشهد فتح اُطر ناجحة للحوار، لطي صفحات الماضي وتسطير صفحات جديدة مع الجميع بمن فيهم الإسلاميين أنفسهم، مؤكدًا أن تغير تلك الصورة في الفترة القادمة سيعتمد على ردود فعل الشارع على سياسات التيار الإسلامي سواء الحاكم أو المشرع، والذي أصبح مطالبًا بإعادة تقديم نفسه للمجتمع، خاصة أنه ليس كل الملتحين متشديين ومتذمتين، فبعضهم له آراء محترمة ومتزنة تجاه الفن والإبداع. الإسلاميون انصهروا في المجتمع وفي سياق أخر، اعتبرت الناقدة السينمائية ماجدة موريس -نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية- أن انتشار موجة العنف الديني أدت إلى تكوين صورة سيئة عن الرجل الملتحي في الاعمال الفنية، وهي بالتأكيد في سبيلها للتغيير في المرحلة المقبلة، خاصة مع خروج الإسلاميين من عباءة الدين والإنصهار داخل بوتقة العالم السياسي المصري، وخلق صفحة جديدة من العلاقات المبنية على الإنصاف السياسي مع كافة الأطياف. وقالت موريس "أن ما يشهده الشارع المصري حاليًا من متغيرات سياسية وثقافية واجتماعية، أكبر من أن يرصدها عمل فني واحد فقط، ودعت إلى تعدد الأعمال الفنية والإبداعية، داعية إلى اختفاء مشهد العنف والتجاذب السياسي الحالي، كي لا يؤثر ذلك على مستقبل الحركة الفنية التي تأثرت في رأيها بغياب دور الدولة الداعم، إضافة إلى تشديد الرقابة على الأعمال الدرامية والسينمائية أكثر من ذي قبل. وجوب فلترة الفن واختتم الفنان محسن محيي الدين - والذي عاد بعد اعتزال فني طويل إلى الوسط الفني عازمًا تقديم أعمال سينمائية ودرامية من إنتاجه ويساهم فيها بالتمثيل- الأمر متوسمًا الخير في خطى الإسلاميين في الوقت المقبل وتخطيهم ما أسماه –أزمة 30 يونية -، مشيرًا إلى أن الحرية باتت مكفولة للجميع للعمل دون معوقات، بشرط الابتعاد عن الفن المسف المقلل من عروبتنا والهادم لقيمنا الأصيلة، والتزامنا الديني كشعوب شرقية تتسم بالحياء، والبعد عن ما يغضب الله، مؤكدًا، على ضرورة فلترة الأعمال الفنية من المشاهد الساخنة، والتي تسئ إلى بناتنا وأولادنا في عمر الزهور، داعيًا المشاهد ذاته أن يكون رقيبًا على الأعمال التي تقدم الفن الهابط والمسف وألا يتابعها ويقوم بمقاطعتها، وفي هذه الحالة لن يجد مقدميها رواجًا أو متابعين لها فينصرفوا عن تقديمها ويعمدوا إلى تقديم الأعمال الهادفة.