الصراع بين الإخوان والمعارضة المدنية، "صراع مدني".. ولكنه بدأ يتحول تدريجيا إلى "صراع ديني"! هذا التحول، حمل مخرجا سينمائيا شهيرا، مثل خالد يوسف، على أن يدعو إلى رفع شعار :" معا مع الإسلام.. ضد الإخوان". و الحال أن شعار "يوسف" كان شديد الوعي، بالمربع الذي تحاول الجماعة، دفع الناس إليه، بوصفه الجبهة الأقرب، لإحراز نصر سهل وسريع على المعارضة.الشعار يبرق رسالة مفادها أنه ليس ثمة مشكلة مع "الإسلام".. وإنما مع الجماعة التي تحتكر الحديث باسمه. يأتي ذلك في سياق عمليات الفرز الديني، للأطراف التي صنعت الأزمة السياسية المتفاقمة في مصر حاليا، و التي تحاول تبسيط خريطة المشهد السياسي، وتختزل تضاريسه في قوتين لا ثالث لهما: "أنصار" المشروع الإسلامي.. و"أعداء" الإسلام. وهي التقسيمة التي أدت إلى تراشق الطرفين "الإسلامي" و"المدني" بالفتاوى الدينية، غير أن المشهد، يخفي تحت صخبه العالي، أبعادا أعمق، حيث تصطف "السلفية المتأخونة" خلف الجماعة، وتعتمد عليها الأخيرة في فتاوى "الزجر" و التي بلغت حد "تكفير" المحتجين المحتمليين يوم 30 يونيو القادم.. بينما يصطف الفقه الوسطي الرسمي "مشايخ الأزهر" خلف القوى المدنية، لتوفر لها الغطاء الديني الذي تحتاجه لاجهاض "فتاوى التكفير".. مع تعزيزات أخرى ل"الدعوة السلفية" التي استجابت بسرعة كبيرة لعمليات "مصرنة" الدعوة، واقترابها من "الوسطية الدينية" الأقرب رحما من المزاج المصري العام الذي يميل إلى التوسط والاعتدال .. إذ أكدت يوم أمس 16 يونيو، أن "الخلاف السياسي" مع الإخوان أو مع الرئيس ليست "إلحادا". لقد كان المشهد بالغ البؤس، في ستاد القاهرة مساء أمس الأول، عندما شاهد المصريون، أحد أكبر مشايخ السلفية المتأخونة، وهو يدعو على "متمردي" 30 يونيو.. ويصفهم ب"الكافرين" و"المنافين".. أمام الرئيس مرسي، في مؤتمر "نصرة سوريا" السبت الماضي. ما يثير القلق، أن القوى المدنية، باتت قابلة للتغرير بها، وجرها إلى مستنقع "التلاسن الديني".. باللجوء إلى إصدار فتاوى مضادة.. ما جعلها بدون أن تدري في "خصومة دينية" مع السلطة.. وهي الحالة التي تجعلها "صيدا سهلا" في ميدان رماية غلاة الإسلاميين المتحالفين مع الجماعة. لا يفصلنا عن 30 يونيو إلا أقل من أسبوعين، فيما لا تتوقف عمليات الحشد على أسس دينية، بين كل أطراف اللعبة السياسية في مصر.. إذ يخوض الإسلاميون معركة الدفاع عن "الإسلام" بدفاعهم عن الرئيس "الإسلامي" محمد مرسي.. فيما لم تعد المعارضة، تخفي أملها في "تحرير" الإسلام "المختطف" من قبل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين . ولعل الشعار الذي ترفعه المعارضة المدنية الآن :" معا مع الإسلام.. ضد الإخوان".. يبين أن الكل يدفع بالبلاد نحو مواجهات، هي الأقرب في تاريخ مصر كله إلى ما يشبه "الحروب الدينية".. أو القتل على الهوية: إسلامي مؤيد للرئيس.. أم علماني معارض له؟!