تناول كتاب الصحف المصرية في مقالاتهم اليوم السبت عددا من القضايا المهمة. ففي عموده "نقطة نور" بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب مكرم محمد أحمد : في زيارته الأخيرة للقاهرة، لقيت الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي مرتين، مرة في حوار أجراه مع عدد من كتاب الاهرام وصحفييه لم ينشر بعد، والمرة الثانية في منزل السفير العراقي قيس العزاوي المطل علي نيل القاهرة وسط مجموعة من المثقفين والسياسيين. وأضاف أنه في المرتين تحدث الغنوشي، الذي يملك الكثير من روح الدعابة، بصراحة ووضوح عن ضرورات التوافق الوطني بين كافة القوي السياسية في المرحلة الانتقالية بعد الثورة وصولا إلى مجتمع ديمقراطي، حجته في ذلك ان المجتمعات الإسلامية تحفل بعوامل التنوع التي تزيد ثراء ثقافتها وتجاربها، ولا بديل لتحقيق أمن هذه المجتمعات واستقرارها سوي البحث عن العناصر المشتركة وسط هذا التنوع حفاظا على وحدة المجتمع. وأشار مكرم إلى أنه أكد أن مخاطر المرحلة الانتقالية كثيرة وكبيرة، لا يستطيع أن يتحمل مسئوليتها تيار سياسي واحد مهما تكن غلبته، ولهذا يحسن التوافق بديلا عن الصراع، كما يتحتم على الحكم الرشيد أن يمنع رفع اية راية اخري لحزب أو جماعة سوي راية البلاد، وان يلزم كافة القوي السياسية والاجتماعية علي قدم المساواة احترام القانون. وقال إن الفكرة المحورية الأساسية عند الغنوشي تخلص في أن المواطنين وحدهم هم الذين يملكون حق تحديد أنماط الحياة التي يريدونها، وليس من حق أي حزب أو جماعة تصل إلى الحكم بما في ذلك الأحزاب الإسلامية أن تفرض علي الناس أنماط حياتها أو طريقة ملابسها، أو تتدخل في شئون معيشتهم اليومية. وتابع أن هذه المهمة الأساسية للحزب الحاكم هي إقامة العدل وتحسين الخدمات وتحقيق التنمية والحفاظ على الحريات العامة والخاصة، وليس اختيار أو تشكيل أنماط حياة المواطنين بما في ذلك جهود اسلمة المجتمع، لأنه ما من احد يملك سلطة نهائية في تفسير النص الديني، ليجعل من نفسه مرجعية دينية وحيدة في المجتمع من حقه ان يختار للناس أنماط حياتهم. وأكد أن الاسلام قادر على استيعاب أدوات الحداثة ومناهجها لا يتناقض بالمرة مع مفاهيم الحرية والديمقراطية، استنادا الى التزام الاسلام الحتمي بمصالح العباد التي تشكل أهم أسباب التشريع الاسلامي ودوافعه وأكثرها مشروعية وقبولا، ولا ينطلق الغنوشي في رؤيته هذه من دوافع عملية براجماتي تمليها فقط موازين القوي، ولكنه ينطلق من إيمان عميق بضرورة التوافق الوطني في عالمنا الثالث حتى بعد انتهاء المرحلة الانتقالية توحيدا لجهود المجتمع من اجل الانجاز والبناء. من جهته، قال فهمي هويدي في مقاله بصحيفة "الشروق"، "ينبغي أن نعترف بأننا في مصر أخطأنا في حق إثيوبيا والسودان .. حين سارعنا إلى التصعيد مع الأولين دون مبرر، حين أسأنا الظن بالآخرين أيضا دون جدوى ، وأرجو أن يعد ذلك من قبيل المراجعة ونقد الذات ، الذي لا يلغى أي تحفظات على مواقف الأطراف الأخرى". وأضاف أن "كثيرين يتصورون أن قضية سد النهضة هي الملف الوحيد العالق بين الدول الثلاث ، مصر والسودان وأثيوبيا ، فى حين أنه يشكل بندا واحدا في سجل العلاقات الذي يتضمن أيضا ملف مبادرة حوض النيل وملف اتفاقية التعاون بين دول حوض النيل الشرقي". وأوضح أن التعاون المفترض فى إطار الاتفاقية الأخيرة يشكل فرصة للتفاهم ومعالجة بعض تداعيات مشروع سد النهضة ، علما بأن أي جهد يبذل مع إثيوبيا لن يكتب له النجاح إلا إذا تم بتنسيق تام بين القاهرةوالخرطوم. وتابع "وهو ما ينقلنا إلى النقطة الأخرى التي أشرت إليها في البداية، والمتمثلة في إساءة الظن بالخرطوم. الذي يتعين تصويبه بسرعة ، وأحدث تجليات تلك الإساءة أن بعض الصحف المصرية ذكرت أن السودان تخلى عن موقف التنسيق مع مصر في موضوع النهضة، الذي تعرضت له من قبل. وتساءلت عن مدى صحة الخبر وقد تلقيت تعليقات عدة حول ما كتبت بعضها معاتبا وبعضها متهما القاهرة بأنها ترى مصالحها فقط ولا تضع مصالح السودان في الاعتبار". وأضاف "ذكرني بعض القراء بأن بناء السد العالي في مصر أدى إلى إغراق 24 قرية سودانية وتدمير مليونى نخلة، ولم تستفد منه السودان من أي جهة، لكنه كان ضارا بها من كل ناحية، ومع ذلك فإن السودان سكت ولم يعبر عن أي استياء أو غضب ، وفى حالة سد النهضة فإن السودان يرى فيه فوائد كثيرة منها أنه يجنبه الفيضانات ويزيد من طاقته الكهربائية ويخفف من عبء الطمي الذي يعانى السودان منه كل عام ، في الوقت نفسه فإن تضرر السودان من أي أخطاء في بناء السد الإثيوبى أمر أخطر بكثير مما يمكن أن يصيب مصر". وختم الكاتب قائلا "مع ذلك فإن الخرطوم شديدة الحرص على استمرار التنسيق مع مصر، وهم يشكون من تراخى البيروقراطية المصرية فى دفع ذلك التنسيق وتنشيطه.ليس لدى رد على تلك الملاحظات، لكنى أجدها جديرة بالتسجيل، على الأقل حتى لا يستمر سوء الظن بالخرطوم وحتى نستمع إلى وجهة النظر الأخرى".