هنا تستطيع أن تطرح وراء ظهرك الهموم وتفرغ عقلك من الضغوط وتنزع من نفسك الأحزان .. ولكي تستمع بهذا المنظر الرائع .. أغمض عينيك للحظات وخذ نفسا عميقا ..والآن افتحهما على هذا السحر النادر واملأ رئتك بهذا النسيم الذي يراقص أمواج هذا النيل العظيم . إلي هذا المكان؛ يهرب كل من أحاطت به مشكلاته وهمومه, ليستعيد هدوئه من هدوء صفحته, وبمائه العذب يغسل روحه المضطربة, وعلى شاطئه تستكين ثورات نفسه.. يذهب ليطالع وجه النيل ويصافح جماله بعينيه، ولأن النيل نهر من أنهار الجنة، كما جاء بالحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة"، ولذا فهو يمنح طالبه ما يشاء من هدوء نفس وسكينة وارتواء روحي وجسدي.
وكانت لشبكة الإعلام العربية "محيط" جولة ليلية على صفحات نهر النيل، وحول جزيرة الزمالك، لنعايش سحره الخاص، الذي كان ملهما دائما للشعراء، فهو أجمل ما أعطاه الله لمصر، ومن أشهر ما جادت به قرائح الشعراء نعرض قصيدة "نيلنا العظيم" للشاعر محمد التهامي وفيها يقول:
طف بالرمال واحيها يا نيل ما أنت يا سر الحياة بخيل وانثر بها القبل العذاب على الثرى يبعث مواتا فوقها التقبيل أجراك ربك بالحياة وطالما نبتت حياة الناس حيث تسيل وحباك قدرة صانع هذا الثري فمضت يمينك للجبال تهيل فاذا بها وهي الشوامخ تنحني واذا بها في راحتيك سهول واذا الصحاري القفر تفتح صدرها وتصول انت بصدرها وتجول وتحيلها وهي العبوس بشاشة خضراء يقطر ريقها المعسول وجرى النماء وراء خطوك ما استوى يمضي وان مال المسير يميل أبدعت حين بنيتها مزدانة ما فاتك التزيين والتجميل والناس حولك قد ملكت نفوسهم وتحيرت فيما صنعت عقول واليوم حين رأيت شعبك قد غدا حرا وأشرق فجره المأمول لم ترض ان يحيا بأرضك اهلها والخير في يدهم هناك ضئيل فخفضت رأسك في سمو بالغ للسد يحفظ مائنا ويحول ويسيل خيرك كله في ارضنا ما ذاك يا سر الحياة قليل
ولم يكن النيل للمهموم وحده فهو ملجأ العشاق، فهو بلا منازع المكان الرومانسي الأول في مصر وتتوج قصص الحب على ضفافه في أجمل ليالي العمر بعد أن تزف المراكب العرسان.
وقد غني عبد الوهاب أغنية بديعة قال فيها: "إمتي الزمان يسمح يا جميل .. وأسهر معاك على شط النيل". فكان من أمنياته أن يعطف عليه الزمان، ويجود بدقائق يقضيها مع محبوبته على شط النيل.
ودائما يكرر السياح مقولة "من شرب من نهر النيل لابد وأن يعود إليه"، فمن زار مصر وشرب من مياهه وذاق عذوبته لا يزال يشتاق إليه حتى يعود لأم الدنيا ليشاهد هذا الفاتن العجيب.
على كورنيشه؛ يتساوى الفقير والغني، فهو ليس حكرا على أحد، الغني يتناول أفخم الأطعمة وهو أمام ناظريه وكذلك الفقير يتناول الذرة المشوية والترمس والسوداني ويستمتع به أيضا.
وما أجمل الرحلات النيلية بمراكبه المميزه وخاصة ليلا والتي تجوب مجرى النهر تعلوها الأنوار المبهجة، وتحيط بها أشهر مبان القاهرة من فنادق شهيرة ومقر وزارات ومبنى الإذاعة والتليفزيون وبرج القاهرة الشهير. وكلها تتلالأ فرحا بالنيل وتضيء ليل القاهرة الساهرة.
ولا يسعنا في نهاية رحلتنا مع نهر النيل التي لا تعطيها الكلمات حقها إلا أن نهديه قصيدة "النهر الخالد" للشاعر محمود حسن اسماعيل مسافر زاده الخيال والسحر والعطر والظلال ظمأن والكأس فى يديه والحب والفن والجمال شابت على أرضه الليالى وضيعت عمرها الجبالى ولم يزل ينشد الدياراويسأل الليل والنهارا والناس فى حبه سكارى هاموا على شطه الرحيب أاااااااه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب يا نيل يا ساحر الغيوب يا واهب الخلد للزمان ياساقى الحب والأغانى هاتى اسقنى واسقنى ودعنى أهيم كالطير فى الجنان ياليتنى موجة فأحكى إلى لياليك ما شجانى وأغتدى للرياح جارا وأسكب النور للحيارى فإن كوانى الهوى وطارا كانت رياح الدجى طبيبى أااااااه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب يا نيل يا ساحر الغيوب سمعت فى شطك الجميل مقالة الريح للنخيل يسبح الطير أم يغنى ويشرح الحب للخميل وأغصنن تلك أم صبايا شربن من خمرة الاصيل وزورق بالحنين سارا أم هذه فرحة العذارى تجرى وتجرى هواك نارا حملت من سحرها نصيبى ااااااااه ااااااااه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب يانيل يا ساحر الغيوب